Friday  22/10/2010 Issue 13903

الجمعة 14 ذو القعدة 1431  العدد  13903

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

تحقيقات

 

لماذا تتجه بوصلة استثمارنا الإعلامي إلى خارج الحدود

رجوع

 

جدة - صلاح الشريف:

أصبح الإعلام صناعة أساسية يجب الاهتمام بها كباقي الصناعات التي يتواصل العمل على تطويرها وتشجيعها، إلا أننا في المملكة نجد أن بوصلة رجال الأعمال والمستثمرين تتجه إلى الاستثمار في هذه الصناعة خارج المملكة، وذلك لعدة أسباب سنتناولها من خلال هذا التحقيق حول موضوع (الاستثمار الإعلامي)، حيث تحدث ل(الجزيرة) في هذا التحقيق عدد من المهتمين بهذا الجانب ووضعوا النقاط على الحروف حول هذا الموضوع:

بداية تحدث الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام السابق ونائب رئيس مجموعة دله البركة قائلاً:

الإعلام صناعة مثل باقي الصناعات بالمملكة يحتاج إلى دعم كبير ومرونة وتطوير للأنظمة وتوفير للعمالة، وبالنسبة للاستثمار في المجال الإعلامي فالكثير من رجال الأعمال يهربون إلى خارج المملكة للاستثمار في هذا المجال لأنهم يجدون في أماكن أخرى خارج المملكة مدناً إعلامية مجهزة تجهيزات كاملة وتقنيات وسهولة وتيسير دخول الكوادر الفنية وبذلك يجدون أن الاستثمار هناك أجدى، فالعملية تحتاج لإعادة نظر في توفير الخدمات للإنتاج الإعلامي ودعمها من قبل وزارة الإعلام حتى يعود رجال الأعمال للاستثمار في هذا الجانب المهم داخل المملكة..

الإنتاج وعدد المحطات

من جهته قال د. عثمان عبده هاشم الاستثمار الإعلامي واسع فإذا تكلمنا عن الناحية الإعلامية نجد أن الإمبراطور ماردوخ هو مستحوذ على كثير من الوسائط الإعلامية العالمية، أما في المملكة فنجد هناك توسعاً للقنوات وانفتاحاً إعلامياً وحضارياً، وأتصور أنه ممكن في ظل الإمكانات المتوفرة لكن هل يتناسب هذا وطبيعة المجتمع؟ لا أعلم... كما قلت أن الشباب يمثل 52% من التركيبة السكانية إذا كنا ننظر للبرامج أو القنوات التي على وشك الإنشاء أو التي تزيد الاستثمار إذا كانت تناسب رغبات هذه النسبة العالية من التركيبة السكانية والتي يمثلها الشباب بالتأكيد ستنجح وتستثمر بشكل جيد. وأقول لك إن الكثير من المحطات الموجودة حالياً ليست ناجحة لأنها لا تتناسب مع طبيعة المجتمع السعودي إلا عدد محدود وضئيل جداً وبالتالي تجد أن الاستثمار في هذا المجال أعتبره مخاطرة خاصة إذا ما علمنا أن الإعلام الغربي واستثماره في هذا المجال متاح وممكن لتوفر الإمكانات والآليات الكثيرة لنجاحه، لهذا أرى أن هناك نوعاً من المجازفة..

وحول أسلوب نجاحه أضاف د. عثمان وقال: كما قلت لك في الغرب يميلون لمواد وفقرات لا نستطيع عرضها لأنها تتنافى مع تركيبتنا وديننا وأخلاقنا وبالتالي بطبيعة البشر الرغبة في مشاهدة مثل هذه البرامج، وبعضها لا يمكن إتاحتها حتى للنشء في مجتمعنا، ونحن محتاجون لقنوات ذات برامج خفيفة لأننا في عصر متسارع وبالتالي البرامج المطولة لم تعد مرغوبة لأننا في عصر السرعة ونحتاج إلى وقت لإنجاز آلية معينة لهذه البرامج الخفيفة. وبعض القنوات نجحت لأنها قدمت للمجتمع السعودي مشكلاته من خلال إطار فكاهي كوميدي، وهذه الأعمال أصبحت مطلوبة لعدد كبير من أفراد الأسرة، ومثل هذه الأعمال ممكن أن يكون الاستثمار فيها جيداً والمجتمع السعودي منفتح وميال للبرامج الثقافية وبرامج المسابقات والتي تستهوي الكثير، ونحن لدينا برامج قليلة من هذا النوع ولو فعلت هذه البرامج وتعددت بشكل أدق ومفضل لهذه الشريحة ستنجح. كذلك القنوات الرياضية مرغوبة لدى الشباب والتركيز عليها سيجذب أكثر من سكان البلد والنصف الآخر يحتاجون لبرامج أخرى. كذلك المرأة تمثل نسبة كبيرة في المجتمع وبالتالي يجب الاهتمام بهذه الفئة من قبل القنوات لتنجح ويكون الاستثمار فيها مجدياً.

المدن الإعلامية

من جهته قال الأستاذ نجيب يماني حول هذا الموضوع يتبادر إلى ذهني أمنية د. عبدالعزيز الجاسر وكيل وزارة الثقافة والإعلام خلال تكريمه عدداً من الإعلاميين في إحدى الاحتفالات، أتمنى أن تكون هناك مدينة إعلامية متكاملة بأيد سعودية تتزامن مع تطور القنوات الفضائية بالمملكة. وأنا مع دعوة الدكتور الجاسر بإيجاد مدن إعلامية في كل المدن الرئيسة من وطننا الحبيب، حيث إننا نملك الإمكانات الفنية والبشرية التي تساعد على إقامة هذه المدن، وللأسف الشديد عندما نرى فرقاً إعلامية تصور خارج المملكة في القاهرة ودبي ولبنان ولدينا طاقات شبابية معطلة تحتاج مثل هذه المدن ولا ننسى وجود كليات إعلام تخرج شباباً وكوادر إعلامية مميزة متعلمة ومتدربة تحتاج لمثل هذه المدن والآن لدينا 4 أو 5 قنوات وتحتاج هذه القنوات إلى مدن إعلامية، كما قال الجاسر، لتواكب التطور الإعلامي الذي تشهده المملكة. وأتمنى أن أرى مدينة إعلامية تلم شتات قنواتنا المنتشرة خارج المملكة برؤوس أموال سعودية مهاجرة تخدم أبناء هذه البلدان خارج المملكة، فلماذا لا تكون في بلدنا وتخدم أبناءنا ولدينا بطالة متفشية؟ وأوجه دعوة صادقة، وبوجود د. عبدالعزيز خوجه الوزير المثقف الشاعر، وأقول له إن لدينا -بحمد الله- كسعوديين فرقاً شعبية جالت العالم لنشر ثقافتنا، فلو كان لدينا مدينة إعلامية لتم الاهتمام بهذه الأنشطة الثقافية وتوثيقها وإبرازها، فلدينا -بحمد الله- تراث ثقافي ضخم في جميع أنحاء المملكة في الشمال والجنوب والشرق والغرب، تراث فني زاخر يحتاج إلى مدينة إعلامية تهتم وتسجل هذا المخزون للأجيال القادمة. وأعتقد أن سقف الحرية الذي تعيشه المملكة هذه الأيام لا يتوفر في أي دولة من ناحية النقد والمقالات، ولدينا حراك ثقافي نشط، وليس أدل على ذلك من معرض الكتاب الذي أقيم بالرياض في وقت سابق، حيث شاهدت كتباً لم تخطر على بالي أن أشاهدها في المعرض، ونحن -ولله الحمد- لدينا وعي ثقافي وشبنا عن الطوق وكبرنا ونعرف مصلحة أنفسنا، فالحلال بين والحرام بين والوطن معطاء ولدينا إمكانات هائلة.

شروط وزارة الإعلام

جمال بنون رئيس المركز السعودي للدراسات والإعلام قال: كلما تقدمت تقنية الاتصالات والمعلومات كانت الصحافة والإعلام هي المستفيد الأول من هذه التقنيات ومسايرة لهذا التطور والاستفادة من هذه الإمكانيات, والصحافة في السعودية يتجاوز عمرها أكثر من 80 عاماً ومقارنة ببعض الدول العربية المجاورة تعد الأقدم، إلا أن الصحافة في تلك البلدان أخذت في التوسع العددي والمضمون، ولم تساعدها الإمكانات المادية في تطوير إمكاناته الفنية من حيث نوعية الورق أو معدات الطباعة، فيما رفعت من مستوى المحتوى الموجود فيها من حرية رأي وفكر وتعدد الآراء وتنوع في الطرح، وهذا الذي أسهم في نجاح عدد من المطبوعات العربية وأصبحت راسخة في ذهن القارئ العربي، ليست كصحف صفراء أو معارضة، بل صحف فكرية ذات اهتمام اجتماعي وسياسي وإنساني، تشكل أهمية لدى القارئ العربي. يهمنا أن يكون لوزارة الإعلام الدور الأكبر في تحسين بيئة الإعلام المحلي، والتعامل معه على أنه مطلب مهم للتنوع الثقافي والإعلامي، ومتى ما تحسنت هذه البيئة سوف تسهم في التعاون الإعلامي الخارجي والاستفادة من خبراته وتجاربه، وأيضاً تسهم في خلق مجالات إعلامية متنوعة، وأيضاً من الضروري أن تشجع الوزارة هذه التوجهات، ولا يمكن أن ننظر إلى العمل الإعلامي دون أن نتعامل معه على أنه منتج أو مشروع استثماري، إلا أن له ضوابط وقواعد. خذ مثلاً الصحف السعودية منذ 80 عاماً لا توجد لدينا سوى سبع صحف محلية وعدد قليل من المجلات، أنا لا أتحدث عن الصحف السعودية التي يتم ترخيصها من الخارج وتطبع هنا، بل العدد الفعلي الموجود هنا، ما هي الشروط التي تحتاجها من أجل الحصول على ترخيص لإنشاء أو إصدار صحيفة أو مجلة، وربما تعددت الإصدارات بعدة لغات، ولا يمكن أن نطلق على طباعة عدد من الصحف العربية داخل السعودية أنها فرصة لدخول صحف عربية، فملاك هذه الصحف سعوديون وإن كانت مقراتها في الخارج، نحن نتحدث عن فرصة دخول صحف أجنبية ذات أهمية على ثقافة وفكر القارئ وتنمى قدرته على الفهم والمعلومة، مثل النيوز ويك أو الفاينشنال تايمز.

حينما نتحدث عن مستقبل النشر الصحفي، علينا أن نتحدث عن فكر ورؤية وتصور وأيضاً معوقات وجهات حكومية، فالقطاع الخاص لدينا مستعد وجاهز للاستثمار والمساهمة، والدليل العدد الكير من الصحف والمجلات التي تطبع في الخارج، والقنوات التلفزيونية التي يعج بها فضاؤنا، وأيضاً حاجتنا إلى أكثر من منافس لقنوات إذاعية تجارية أو مناطقية مثلما هو موجود في دبي وإمارات أخرى، حيث تبث هذه الإذاعات بعدة لغات، وتحت ضوابط معروفة.

علينا أن نستقطب رؤوس أموال وأيدي عاملة وخبرات مهنية، ونؤهل خبرات إعلامية محلية، وهذا لن يحدث إذا لم تتحرك وزارة الثقافة والإعلام في مراجعة قوانينها وأنظمتها وشروطها. بيئة الاستثمار الإعلامي في السعودية إذا تهيأت لها يمكنها أن تجذب 6 مليارات دولار في قطاعات إعلامية متعددة ومتنوعة على مدة خمس سنوات، وتفتح المجال للعمل أمام 30 ألف موظف، بدلاً من نسبة البطالة المرتفعة حالياً.

د. ماجد العبيد مستشار إعلامي وفنان شارك في هذا الموضوع قائلاً: الوضع الراهن لا يشجع على الاستثمار الإعلامي بمعناه الصحيح، مثل هذا الاستثمار يحتاج إلى خلق بيئة متكاملة تستقطب المستثمرين، الكوادر، المواقع، التسهيلات.. وغيرها من أهم عناصر العمل الإعلامي غير موجودة بالمملكة.. ولكن ربما مع ظهور مدن إعلامية والبدء بإيجاد كوادر محلية متخصصة وتسهيل إجراءات الاستقدام والزيارات سننجح، والإعلام دخله العديد من أصحاب القنوات ليس بهدف الاستثمار بقدر ما كان دخولهم بهدف الظهور الإعلامي والتواجد بشكل يمكنهم من الظهور أمام الناس بشكل أكثر. قد يكون الأمر بالنسبة للعديد منهم قد تحول بعض الشيء وأصبح مدراً للأموال لكن أكثرهم لم يكن هدفه الاستثمار حسبما أظن، وقد خرجت رؤوس الأموال إلى حيث يمكنها تحقيق أهدافها، ومهم جداً أن يجيب أصحاب رؤوس الأموال على هذا السؤال الذي سيخلق منافسة إعلامية وريادة ثقافية وآلاف فرص العمل، والآن أصبحت الصورة واضحة وأصبح بمقدور التجار أيضاً وليس الإعلاميون فقط أن يتوجهوا للاستثمار الداخلي بشرط الاستعانة بالدراسات والخبرات والتجارب السابقة والعمل على ضمان المواد الصالحة للبث والمنافسة لكسب المشاهد والمعلن وتحقيق الإيرادات الأكثر، أما إن كانت الاستثمارات بمستوى القنوات المحلية فهي ولا شك ستفلس.. أما من حيث فرص العمل فهي بلا شك ستعمل على خلق صناعة جديدة، وهي الصناعة التي تملك الريادة الآن والمردود الإعلامي يتحقق بصرف النظر عن مكان القنوات إلا إن ارتبط المفهوم المحلي والسياسي والاقتصادي بمثل هذه الاستثمارات.

ومن المشاركات في هذا الموضوع الدكتورة عزة عبدالعزيز الأستاذ المشارك بقسم الإعلام ووكيلة قسم الإعلام للطالبات بجامعة الملك سعود:

من الملاحظ في الفترة الأخيرة أن هناك ارتفاعاً كبيراً في الاستثمار العالمي في صناعة الإعلام في جميع دول العالم المعاصر بما في ذلك منطقة الخليج العربي التي تشهد ازدهاراً مضطرداً في هذا المجال، ونجد المملكة العربية السعودية تتصدر بحجم استثمارات يشمل معظم مجالات صناعة الإعلام والاتصالات الحديثة، ولكننا في ذات الوقت نجد أن الاستثمار في صناعة الإعلام والاتصال تواجه العديد من التحديات على مستوى الأهداف والوظائف والآليات أيضاً، فلو نظرنا إلى الدول العربية على سبيل المثال نجدها غير قادرة وفق آلياتها على ملاحقة التغييرات السريعة في مجال الإعلام، وأيضاً غير قادرة على توفير صناعة إعلامية متطورة، وأخص هنا الجانب البشرى أي توفير كوادر إعلامية مؤهلة.

نجد أيضاً أن المستثمر في مجال الاتصال ركز على جني أكبر عائد ربحي في مقابل الإهمال الشديد في سلم الحاجات الاجتماعية ومبادئ وقيم المجتمع. وأعود فأقول إن الزحام الفضائي الذي نشاهده الآن بسبب ارتفاع نسبة الاستثمارات في هذا المجال ليس في صالح المستثمرين خاصة في ظل عدم وجود ضوابط ناظمة للعمل في البث الفضائي، فهناك العديد من تلك القنوات مهددة بالتوقف، والإحصاءات تقول إن هناك 600 قناة عربية على أقمار عرب سات ونايل سات وبدر سات منها 300 قناة مهددة بالتوقف، وأعتقد أن السبب الأساسي في ذلك هو عدم وجود تخطيط كاف من كافة الجوانب المادية والبشرية والإنتاجية.

وعن أسباب هجرة رؤوس الأموال السعودية للاستثمار الإعلامي الخارجي وفرص العمل التي يمكن توفيرها في حال عودتها للداخل نجد أولاً هناك تراجعا ملحوظا في المعوقات التي تساهم في هجرة هذه الاستثمارات، أذكر منها ما تمنح من تسهيلات للمستثمرين في الإعلام الفضائي، أيضاً مدى توفر الكفاءات الإعلامية المؤهلة والمدربة والتي تعتبر حجر الزاوية في إنجاح القناة الفضائية، أضف إلى ذلك تأثير العامل الإعلاني ومدى توافره داخلياً لما لذلك من تأثير على قوة الوسيلة الإعلامية، وأخيراً سلطة المال الملتبسة بين مصالح المستثمرين ومصالح الوسيلة الإعلامية التي تحفظ لها تقدمها وتميزها. ونحن لا نجد سوى المؤسسات السعودية التي تذهب إلى الخارج فمثلاً في مدينة دبي نجد 130 مؤسسة إعلامية يملكها سعوديون، وهذه المؤسسات استقطبت مجموعة كبيرة من العناصر السعودية والخليجية.

فلابد من تشجيع وشرع الأبواب أمام الاستثمارات الإعلامية داخل السعودية على إتاحة فرص عمل للكوادر المهنية المؤهلة، بالإضافة إلى تحريك عدة قطاعات كالإعلان والدعاية والتسويق والتحرير والعلاقات العامة بالإضافة إلى التوسع في مراكز التدريب الإعلامي.



 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة