Saturday  23/10/2010 Issue 13904

السبت 15 ذو القعدة 1431  العدد  13904

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

 

للربع الثالث 2010م
تحليل النتائج المالية للسوق المالية السعودية

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عبدالحميد العمري

أظهرتْ السوق المالية السعودية من خلال نتائج الربع الثالث للعام الجاري قدرةً متنامية مقارنةً بنتائج الربع السابق، إذ حصدتْ أكثر من 21.1 مليار ريال محققةً معدل نمو ربع سنوي تجاوز 5.6 في المائة، دعمها بالدرجة الأولى في هذا الأداء النمو الملفت الذي حققه قطاع الطاقة والمرافق العامّة (بفضل نمو أرباح شركة الكهرباء السعودية)، الذي بلغ خلال الربع 115.1 في المائة، وهو ما عوّض التراجع الكبير في المكاسب الربع سنوية لقطاع المصارف والخدمات المالية البالغ -15.3 في المائة، والتراجع الأقل الذي تعرض له قطاع الصناعات البتروكيماوية بنحو 6.0 في المائة لنفس الفترة.

وبموجب تلك المكاسب المتحققة للسوق فقد قفزت حقوق المساهمين في السوق بعد خصم التوزيعات النقدية المعلنة (ثلاث شركات فقط أعلنت عن توزيعات جرير بنحو 80 مليون ريال، مجموعة صافولا بنحو 125 مليون ريال، الاتصالات السعودية بنحو 1500 مليون ريال) إلى أكثر من 642.9 مليار ريال، مقارنةً بقيمتها في نهاية الربع الثاني السابق البالغة 428.9 مليار ريال. كما استطاعت السوق أن تحقق نمواً قوياً في منظور المقارنة السنوية مع الربع الثالث من العام السابق، حيث ارتفعت بنحو 19.5 في المائة مستمدةً نموها بالدرجة الأولى من النمو القوي الذي أبداه قطاع الصناعات البتروكيماوية الذي نما لنفس الفترة بنحو 80.8 في المائة، تلاه قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات الذي نما بنحو 57.5 في المائة.

انعكستْ تلك النتائج الربع سنوية الأخيرة إيجاباً على أغلب تقييمات الشركات المساهمة المدرجة، إذ ارتفعت بنسبٍ متفاوتة استجابةً لمعدلات النمو المتحققة في صافي الأرباح، والحديث يتركز هنا على الشركات الناشطة في مجالاتها التشغيلية باستبعاد نحو 39 شركة لا تزال تحت التأسيس؛ وإن بدأت بعضها في تحقيق بعض هوامش الربحية الملفتة أحياناً! هذا قاد إلى تحسين الصورة الاستثمارية التنافسية للسوق إقليمياً وعالمياً، وكشف عن تأثيرٍ محدود لتبعات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد السعودي بصورةٍ عامّة، والسوق المالية تحديداً، لينخفض مكرر ربحية السوق (المعدل) من نحو 14.7 مرة بنهاية سبتمبر الماضي إلى نحو 13.9 مرة بنهاية تعاملات السوق الأربعاء الماضي 20 أكتوبر 2010م. (يتم الاعتماد على مكرر ربحية السوق (المعدل) لاكتظاظ السوق المالية بالشركات المساهمة تحت التأسيس، والتي لم تبدأ بعد بأنشطتها التشغيلية، ما يعني عدم وجود قيم مضافة أو أرباح متحققة من وجودها، وهذا بالطبع له آثاره التشويهية الكبيرة، خاصةً إذا كان عدد تلك الشركات يصل إلى 39 شركة مساهمة! كما هو قائم في الوقت الراهن في هيكلية السوق المالية السعودية).

وبناءً على ما تقدّم أعلاه، توصل التقرير إلى مكرر الأرباح العام للسوق البالغ 13.9 مرة، وبالنسبة للمكرر الربحي المستقبلي لاثني عشر شهراً القادمة فقد بلغ 11.9 مرة، ويحمل هذا في مؤداه نظرة إيجابية جداً لتطلعات المستثمرين نحو السوق السعودية، والتي تبدو جاذبيتها واضحةً أكثر بمقارنتها مع المكررات المماثلة للأسواق الرئيسة والإقليمية المجاورة.

من جانبٍ آخر، ارتفع العائد على السهم بالريال (المعدّل) إلى نحو 2.9 ريال للسهم، كما ارتفعت القيمة الدفترية للسهم (المعدّلة) على مستوى السوق إلى 20 ريالاً للسهم، وانخفض بذلك مضاعف السعر إلى القيمة الدفترية (المعدّل) في السوق إلى 2.1 مرة فقط. هذه المؤشرات بصورتها الحقيقية التي تعكس صلابة الأرض الاقتصادية للسوق، وأن بوادر خروج الاقتصاد السعودي والسوق المالية من دائرة تداعيات الأزمة المالية العالمية قد أصبحت ملموسة ومنظورة بالعين المجردة، وعلى هذا الأساس نفترض أن تقوم نظرة المستثمرين إلى جدوى الاستثمار في السوق المالية السعودية، كما قائمٌ بالواقع من قبل المستثمرين من الخارج إلى كل من الاقتصاد والسوق المحليين.

تمثل المؤشرات القوية للاستقرار المالي والاقتصادي في المملكة العربية السعودية أحد أهم العلامات الفارقة والملاحظة بقوة من قبل مؤسسات التقييم الدولية، والشركات والمؤسسات الاستثمارية في الخارج، يحدث هذا للاقتصاد والسوق المحليين أسوةٌ بالاقتصادات والأسواق الناهضة في كل من الصين والهند ودول شرق آسيا والبرازيل، وكما يبدو لنا من واقع الأرقام التي تعكس أداء الاقتصادات حول العالم أن دائرة الاستقرار والنمو المتحفز مستقبلاً لا تبدو كبيرة، فهي لا تضم إلا عدداً محدوداً من الدول حول العالم، ما يعني أن تلك الدول المحدودة العدد ستشهد احتشاداً محموماً للتدفقات الاستثمارية الباحثة عن أجدى الفرص، في مقابل أدنى درجات المخاطر المحتملة، في حيثيات هذه البوادر أو المؤشرات إشاراتٌ بالغة الأهمية يجدر بالمستثمرين المحليين التقاطها قبل غيرهم. لعل ما قد يسعفنا الوقت لقوله في هذا السياق؛ أن السوق المالية السعودية مُقدمة على موجاتٍ صاعدة وقياسية خلال العامين القادمين، سيخدمها عوامل إيجابية ترتكز كما أسلفت إلى الأرضية الصلبة التي تقف عليها السوق السعودية؛ لعل من أهم مؤشراتها توافر المحفزات المثالية في ارتفاع الإنفاق الحكومي الكبير خلال السنوات القليلة القادمة على البنى التحتية، مدعومة في هذا الاتجاه الميزانية الحكومية بالفوائض الضخمة التي تمتلكها، إضافةً إلى التدفق الكبير المحتمل من إيرادات النفط بفضل تحسّن أسعار النفط مستقبلاً، وتوافر القدرة لدى السعودية لزيادة إنتاجها من النفط متى دعت الحاجة حال ارتفاع الطلب العالمي متجاوزاً سقف 84 مليون برميل يومياً. يُضاف إلى ذلك تحسن أوضاع الاقتصاد على صعيد التبادلات التجارية والتوسع القائم في أروقة الطلب المحلي التي تتطلب رغم ذلك تحركاً أكثر جرأة من قبل واضعي السياسات الاقتصادية والتجارية محلياً، كاستجابةٍ أكثر مبادرة للتحولات التي سيذهب إليها الحراك الاقتصادي والمالي على مستوى العالم بعد الأزمة المالية العالمية. هذا من جانب؛ ومن جانبٍ آخر لا يمكن إغفال التشوهات الهيكلية القائمة خاصةً في هيكلية السوق المحلية، التي رغم جهود هيئة السوق المالية نحو توسيع قاعدتها إلا أن هذا التوسع كان هشاً إلى حدودٍ بعيدة، كون أغلب الإدراجات الحديثة على السوق طوال الأربعة أعوام الماضية لم تتعد كونها مشاريع وشركات تحت التأسيس، ما يعني تحمّلها معدلات مخاطرة مرتفعة جداً، وأنها ستكون عبئاً ثقيلاً على كاهل السوق المالية أكثر من كونها داعماً لاستقراره، وهذا ما بدتْ لنا مؤشراته الفعلية طوال الفترة الماضية، من ارتفاعٍ حادٍ للمغامرات المضاربية على تلك الشركات رغم عدم بدئها العمل، ولك في الشركات الصغيرة (قطاع التأمين كأقرب مثال) خير شاهدٍ على صحة ما نؤكد عليه هنا.

في المقابل غابت الإدراجات ذات القيمة المضافة الحقيقية على ملاكها وعلى الاقتصاد بوجهٍ عام، والتي كانت ستعلب دوراً بارزاً في تحقيق العديد من الأهداف الإستراتيجية للسوق السعودية؛ لعل من أهمها زيادة تنويع القنوات الاستثمارية فيها، وتقليص درجات المخاطرة، وفتح فرص استثمارية جديدة أمام المدخرات الوطنية الهائمة خارج الوطن، إضافةً إلى مساهمتها المؤكدة في زيادة جاذبية الاستثمار في السوق المحلية من خلال قيمها المضافة ربحياً على حقوق المساهمين كونها شركات قائمة ومنتجة وعاملة تحقق أرباحاً ملفتة، ستنعكس لا شك على سلّة أرباح السوق المالية بصورةٍ عامّة. إذاً سيكون خلف الموجة الصاعدة القادمة على السوق المالية السعودية عوامل إيجابية وسلبية في ذات الوقت؛ حريٌّ بنا منذ الساعة الدفع بتلك العوامل الإيجابية لتحضر بأكثر قدرةٍ متوافرة لدينا، ومسؤولية كبرى تقع على عاتق مختلف الأجهزة المالية والاقتصادية والتجارية لدينا بسرعة معالجة السلبي منها قبل فوات الأوان.

الأداء الربع سنوي

حسب القطاعات

أظهرت كل من قطاعات الطاقة والمرافق الخدمية، والصناعات البتروكيماوية، والتأمين، والاتصالات وتقنية المعلومات، والتجزئة، والزراعة والصناعات الغذائية، والفنادق والسياحة تميزاً ملموساً في هوامش أرباحها مقارنةً مع الربع السابق، حيث حققت معدلات نمو كانت قياسية بالنسبة لبعضها، وصلت حسب الترتيب أعلاه إلى نحو 115.1 في المائة لقطاع الطاقة والمرافق الخدمية، ثم 80.7 لقطاع التأمين، ثم 73.4 في المائة لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. وبالنسبة للقطاعات الأكثر انخفاضاً في هوامش أرباحها الربع سنوية، فقد جاء قطاع التشييد والبناء كأكثر القطاعات التي تعرّضت مكاسبه للانخفاض بنحو -68.7 في المائة، تلاه قطاع الإعلام والنشر بنحو -62.5 في المائة، وفي المرتبة الثالثة من حيث الأكثر انخفاضاً فقد جاء قطاع التطوير العقاري بنحو -54.7 في المائة، وجاء قطاع المصارف والخدمات المالية ضمن القطاعات التي انخفضت هوامش أرباحها الربع سنوية بنحو -15.3 في المائة، وجاءت تلك الانخفاضات نتيجة لارتفاعات مخصصات خسائر الائتمان الممنوحة من القطاع والمحتمل تعثرها، كما تعرّضت أرباح قطاع الصناعات البتروكيماوية لانخفاض بلغ -6.0 في المائة، وتأتي الإشارة إلى هذين القطاعين رغم أنهما حلا في المرتبتين السادسة والسابعة على التوالي من حيث أكثر القطاعات تراجعاً في أرباحها بين ثمانية قطاعات متراجعة، وذلك للثقل الكبير الذي يمثلانه في إجمالي مكاسب السوق الربع سنوية (أكثر من 55 في المائة من الإجمالي).

أما في منظور المقارنة السنوية لصافي أرباح القطاعات مع الربع المماثل من العام الماضي، فقد انفرد قطاع الفنادق والسياحة بأعلى معدل نمو قياسي الذي فاق 137.6 في المائة، ثم قطاع الصناعات البتروكيماوية الذي نمتْ أرباحه بنحو 80.8 في المائة، ثم قطاع النقل في المرتبة الثالثة بنمو أرباحه سنوياً بنحو 77.2 في المائة، وحل في المرتبة الرابعة قطاع التأمين بنمو مكاسبه بنحو 66.1 في المائة، ثم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بنحو 57.5 في المائة. وبالنسبة للقطاعات الأكثر انخفاضاً في هوامش أرباحها لنفس فترة القياس أعلاه، فقد جاء قطاع التطوير العقاري كأكثر القطاعات تعرّضاً للانخفاض بنحو -73.9 في المائة، تلاه قطاع التشييد والبناء بنحو -67.2 في المائة، وفي المرتبة الثالثة جاء قطاع الاستثمار الصناعي بنحو -20.4 في المائة.

أداء الأشهر التسعة الأولى

من عام 2010م للقطاعات

انفرد قطاع الصناعات البتروكيماوية بالمرتبة الأولى ضمن سلّم المقارنة في منظور أداء التسعة الأشهر الأولى من عام 2010م، حيث سجّل معدل نمو للفترة بلغ 294.9 في المائة، محققاً صافي أرباح للفترة بلغت 21.3 مليار ريال (36.3 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة)، مقابل 5.4 مليار ريال (12.3 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة) لنفس الفترة من عام 2009م. وجاء قطاع التأمين في المرتبة الثانية بمعدل نمو بلغ 141.5 في المائة، محققاً صافي أرباح للفترة بلغت 524.2 مليون ريال (0.9 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة)، مقابل 217 مليون ريال (0.5 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة) لنفس الفترة من عام 2009م. وجاء قطاع الطاقة والمرافق العامّة في المرتبة الثالثة بمعدل نمو بلغ 53.7 في المائة، محققاً صافي أرباح للفترة بلغت 2.7 مليار ريال (4.6 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة)، مقابل 1.7 مليار ريال (3.9 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة) لنفس الفترة من عام 2009م. أما على مستوى القطاعات الأكثر تراجعاً لنفس الفترة، فقد جاء قطاع الفنادق والسياحة كأكثر القطاعات تراجعاً بنحو -74.6 في المائة، لتستقر عند 91.5 مليون ريال، مقابل 360.5 مليون ريال، ويمكن تفسير هذا التراجع الكبير لتضمن أرباح شركة الفنادق لفترة الأشهر التسعة الأولى من عام 2009م المدرجة في هذا القطاع أرباحاً غير متكررة بسبب بيعها جزءاً من أصولها، وحل في المرتبة الثانية من حيث التراجع قطاع التطوير العقاري بنسبة تراجع للفترة بلغت -42.4 في المائة، لتستقر هوامش أرباح الفترة عند 907.6 مليون ريال (1.5 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة)، مقارنةً بنحو 1.6 مليار ريال (3.6 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة) لنفس الفترة من عام 2009م. وحل في المرتبة الثالثة من حيث التراجع قطاع التشييد والبناء بنسبة تراجع للفترة بلغت -29.5 في المائة، لتستقر هوامش أرباح الفترة عند 786.0 مليون ريال (1.3 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة)، مقارنةً بنحو 1.1 مليار ريال (2.5 في المائة من إجمالي أرباح السوق للفترة) لنفس الفترة من عام 2009م.

قطاع المصارف والخدمات المالية

يتركز الاهتمام في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها الاقتصادات والأسواق المالية حول العالم على المفاصل الأكثر أهمية، يأتي في مقدمتها القطاع البنكي؛ لكونه الخط الفاصل الذي يكشف عن حقيقة الاستقرار الاقتصادي والمالي في أي اقتصاد من عدمه، لهذا يُفرد لقطاع المصارف والخدمات المالية مقطعاً خاصاً يجدر قراءته بحرصٍ وعناية بالغين. لقد أظهرتْ البيانات المالية الأخيرة للقطاع عدداً من المؤشرات المهمّة، التي عكست في مجملها استقراراً مغلفاً بالحذر وأخذ أعلى درجات الحيطة من قبل إدارات البنوك المحلية مدعومةً بقوةٍ كاملة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، رغم أن الزيادة في مخصصات خسائر الائتمان المحتملة التي اضطرّ القطاع إلى تجنيبها مع نتائج أعماله للربع الثالث تُشير إلى استمرار بعض المخاوف المحيطة بتلك القروض، ويزداد الحذر إذا ما علمنا أن النمو المتحقق في الإقراض البنكي يكاد يكون معدوماً لعامين مضيا من تاريخ اليوم، وهو العمر الكامل تقريباً للأزمة المالية العالمية، شهد خلالها القطاع المصرفي المحلي رصيداً تراكمياً للمخصصات تجاوز سقف 18 مليار ريال بنهاية الربع الثاني، ومع زيادة هذه المخصصات في نتائج أعمال البنوك للربع الثالث فإن رصيد تلك المخصصات قد يتجاوز سقف 20 إلى 21 مليار ريال.

ما يعني قوله أن القطاع البنكي السعودي كما يبدو لم يخرج بعد من مرحلة امتصاص تبعات الأزمة المالية العالمية، والتي كان المراقبون ومجتمع المستثمرين يتوقعون أن تظهر مؤشراتها على القطاع مع منتصف العام الجاري، وفي مثل هذه الأوضاع فلا شك أن تصاعد وتيرة المخاطر حول أعمال القطاع بهذه الصورة المفاجئة من شأنها أن تُلقي ببعض الضلال القاتمة على مستويات الثقة في قطاع الأعمال المحلي بصورةٍ عامّة، والقطاع المصرفي المحلي بصفةٍ خاصة.

نعم، انكشف لنا أجزاء كبيرة الاختلال في القطاع البنكي سواءً عبر ارتفاع تركزه، أو عبر ارتفاع تركز قروضه للقطاع الخاص، وهذه ليست وليدة الأزمة بقدرِ ما أن الأزمة قامت بالكشف عنها وهي (أي ارتفاع تركز الإقراض لأسماء وشركات محدودة)، ارتفعت المطالب ولا تزال كذلك بضرورة معالجتها بصورةٍ عامّة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، التي من المفترض أن تبادر بتشجيع رؤوس الأموال الوطنية نحو تأسيس المزيد من البنوك المحلية، وأن تدعم توسيع دائرة المنافسة في القطاع الأكثر ربحية بالمقارنة مع بقية قطاعات الاقتصاد المحلي، والذي بدوره يساهم كثيراً في خفض درجات المخاطر المحيطة بهذا العدد المحدود من البنوك لاقتصادٍ عملاق كالاقتصاد السعودي المصنف ضمن أكبر 20 اقتصاداً حول العالم. إن مما لا شك فيه أن جهوداً من قبل مؤسسة النقد تنصبُّ على توسيع دائرة التراخيص للمزيد من البنوك التجارية المتنوعة الأنشطة، ووفقاً لاحتياجات المناطق الإقليمية الشاسعة الأطراف عبر البلاد، وأن تقنن بصورةٍ أكثر صرامة القروض الممنوحة للشركات لا حسب أسماء ملاكها، بل حسب ملاءمتها المالية وقدرتها بالتالي على السداد، أن كل ذلك سينعكس على المدى الطويل في المصلحة العامّة للاقتصاد بصورةٍ عامة، وللقطاع البنكي السعودي بصفةٍ خاصة.

أن يتحقق الإصلاح والضبط والتقنين حتى ولو جاء متأخراً خير ألف مرّة من ألا يأتي، هذه المسؤولية التي تقع على عاتق مؤسسة النقد العربي السعودي في الوقت الراهن، ولا أرى هذه القضية خارجة عن أولى الأولويات بالنسبة لمؤسسة النقد في الوقت الراهن ومستقبلاً. وجوه التقلبات الاقتصادية وأزماتها لن تقف على الإطلاق هنا عند حدود الأزمة المالية العالمية، فما هو قادمٌ من الزمن كما أنه يحتمل الفرص والنمو والدورات الاقتصادية الفائرة لأعلى، فهو أيضاً يحتمل حدوث كوارث اقتصادية ومالية قد تفوق في قسوتها ما تفضلت به الأزمة الراهنة من مآسٍ على العالم من شرقه إلى غربه.

لعل من أهم الإيجابيات التي يجب الإشارة إليها في مؤشرات القطاع البنكي السعودي، أنه استطاع أن يحافظ على مستويات ربحيته القياسية، فرغم تراجع صافي أرباحه للأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بنحو -12.3 في المائة، إلا أنه لا يزال يتمتع بجاذبيته الاستثمارية وقدرته على امتصاص أية تداعيات سلبية محتملة - لا سمح الله -، ولكن نعلم جميعاً أن تلك المزايا الربحية أتتْ نتيجة تمتعه بأجواء احتكارية غير مسبوقة، وضريبتها السلبية بدأت تنكشف للعيان عبر ارتفاع حدّة المخاطر على القطاع، ما اضطره للتوقف عن الإقراض لأكثر من عامين حتى الآن، وانتقلتْ جراء ذلك سلبيات هذا الإحجام إلى مختلف أنشطة القطاع الخاص، الذي يشكل وزنه من سلة الاقتصاد الوطني أكثر من 45 في المائة بالقيم الحقيقية! فهل نشهد في المستقبل القريب تنفساً ملموساً تمرُّ عبر نوافذه مشاريع وبنوك جديدة ومتنوعة الأغراض، بما يعزز من فرص الاستقرار الاقتصادي، ويزيد من قنوات التمويل المحلية لمختلف أنشطة الاقتصاد الوطني، وتحديداً قطاعاته الصغيرة والمتوسطة؟!

أخيراً، لا يحمل هذا التقرير أي توصية بالشراء أو البيع، على أن الهدف الرئيس منه هو وضع الصورة الحقيقية للسوق المالية ونتائجها المالية للربع الأخير أمام القارئ الكريم.

(*) عضو جمعية الاقتصاد السعودية

 

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة