Saturday  23/10/2010 Issue 13904

السبت 15 ذو القعدة 1431  العدد  13904

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

سألتني عن عديِّ بن مسافر قائلة: سمعت د. راغب السرجاني في إحدى حلقات عن تاريخ الجهاد الإسلامي والحروب الصليبية في الشام والعراق يتحدث عن رجل اسمه (عدي بن مسافر) حديثاً مطوَّلاً موضِّحاً فيه فضل الرجل ومكانته، وعلمه الغزير، ودعوته إلى الله، وتربيته لمن اتصل به من طلاب العلم ورجاله، وكان حديث الدكتور السرجاني عن هذا العالم حديث المعجب به، المشيد بفضله ومكانته وأثره الكبير في بلاد العراق قبل المرحلة التي جاء فيها عماد الدين زنكي، وقد شعرت بتقصيري مع أنني أستاذة جامعية في معرفة هذا الرمز الإسلامي الكبير كما أوحى بذلك حديث الدكتور راغب السرجاني، فهل تعرف أنت عنه شيئاً يا أبا أسامة؟

قلتُ: يبدو أنك ستخففين من لوم نفسك إذا قلتُ لك: إني أعرف هذا الاسم ولكنني لا أعرف ما ذكرته لي نقلاً عن الدكتور السرجاني من أعمال الشيخ عدي بن مسافر، وعلمه وتربيته ومكانته الكبيرة في زمانه، وأشاركك الرأي في وجود تقصير كبير منا نحو كثير من رموز أمتنا وتاريخنا من العلماء والقادة والمفكرين والأدباء، لأننا مشغولون بصنع رموز ملمعة ينفخ فيها الإعلام حتى يجعلها كالبالونات الضخمة التي يبهر منظرها العيون، وليس في باطنها إلا الهواء.

ثم رجعت إلى شيء من سيرة هذا العالم الجليل (عدي بن مسافر) فوجدت فيها من الجوانب المشرقة ما يستحق أن تطلع عليه أجيالنا، ويتعرف عليه طلاب العلم، وشُداة المعرفة.

لقد تحدث عن الرجل الذهبي حديثاً جميلاً في سير أعلام النبلاء وقال عنه إنه رجل صالح، صحب عدداً من المشايخ، وله عدد كبير من التلاميذ، وكان معلِّماً للخير داعياً إليه ناصحاً متشرعاً، شديداً في الله، لا يرضى في كلمة الحق لومة لائم.

كما تحدَّث عنه الإمام ابن تيمية في فتاواه قائلاً: هو رجل صالح، وله أتباع صالحون، وأشار إلى أن بعض أصحابه فيهم غلوٌّ عظيم، وأن الشيخ (عدي بن مسافر) بريء من ذلك، فسيرته الطيبة وعلمه الشرعي يمنعانه مما وقع فيه بعض أصحابه وطلابه كما يوحي بذلك كلام ابن تيمية رحمه الله.

كان يلقَّب بشرف الدين، وأطلقوا عليه شيخ الإسلام، وحجة الإسلام، وكان يكنَّى بأبي الفضائل وكان مولده عام 467هـ، وقد صحب المشايخ وجاهد أنواعاً من المجاهدات، ونشر العلم والخير بين الناس، وكانت له رحلتان علميتان، إحداهما إلى بغداد سمع فيها من كبار العلماء والصالحين، والأخرى إلى المدينة المنورة، وهو من أفاضل عباد الله الصالحين وأكابر المشايخ المتبعين وله في الأمة حديث مشهور، ولسان صدق مذكور، وهذا جزء من كلام ابن تيمية عنه.

أما الذهبي فقال: هو الشيخ الإمام الصالح القدوة زاهد وقته، كان معلماً للخير ناصحاً شديداً في أمر الله لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان عابداً فصيحاً متواضعاً حسن الأخلاق مع كثرة الهيبة.

وقد ابتنى له زاوية صغيرة في جبل الهكارية وانقطع فيها للعلم والعبادة إلى أن توفي عام 557هـ، وكان يستقبل من يقصده من العلماء وطلاب العلم الذين كانوا يزورونه يطارحونه مسائل العلم، ويُفيدون من علمه وصلاحه، وتربيته رحمه الله.

هنا، أشكر تلك الأستاذة الجامعية التي فتحت لنا هذه النافذة، كما أشكر د. راغب السرجاني الذي يخدم تاريخنا الإسلامي خدمة جليلة من خلال المادة الغنيَّة الموثقة التي يقدِّمها في برامجه الفضائية، وهو أنموذج معاصر للمسلم المثابر الذي يحمل الهمَّ، ويشعر بدوره في خدمة تراث الأمة وتاريخها وقيمها في هذه المرحلة الحرجة مع أنه طبيب، وأستاذ في إحدى كليات الطب في القاهرة.

ما أحوجنا إلى تقديم القدوات لأولادنا ذكوراً وإناثاً في عصر تفنَّنت فيه الأباطيل في عرض نفسها عرضاً خادعاً.

إشارة:

أرأيتَ غصناً ذابلاً لم تَسْقِه

ماءً، أيمكن أن يكون الأخضرا

 

دفق قلم
عدي بن مسافر
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة