Sunday  24/10/2010 Issue 13905

الأحد 16 ذو القعدة 1431  العدد  13905

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وَرّاق الجزيرة

 

الأمير مساعد بن عبدالرحمن.. رجل العلم والإدارة
متعب صالح الفرزان

رجوع

 

قد لا يختلف اثنان بشأن شخصية الأمير مساعد بن عبدالرحمن بن فيصل ونزاهته وعلمه.. لكن الاختلاف حصل حول تاريخ ميلاده.. فبينما ترجح بعض المصادر (ومنها كتابات الأستاذين خير الدين الزركلي وعبد الرحمن الرويشد) أنه ولد في قصر الحكم بالرياض سنة 1333ه، ويذكر الأمير مساعد نفسه أنه عندما توفي والده الإمام عبدالرحمن الفيصل في ذي الحجة 1346ه لم يكن في سن يسمح له باستيعاب الأمور.. ولذا يرجح كونه آنذاك في حدود الخامسة من العمر، وهو ما أخذ به عبد الله فيلبي في كتابه (الذكرى العربية الذهبية).. حيث جعله من مواليد عام 1922م كما يرجحه أولاده أيضاً.. لقد تلقى الأمير مساعد علومه في أعرق كُتاب عرف في مدينة الرياض.. وهو كتاب محمد بن مرحوم المعروف ب (المصيبيح).. ثم تنقل في حِلق تدريب العلوم الشرعية والعربية علي يد المشايخ سعد بن عتيق وحمد بن فارس ومحمد بن عبد اللطيف ومحمد بن إبراهيم وابن سحمان وغيرهم، كما انصرف إلى القراءة وتلقي العلوم ومجالسة المتعلمين.. وكان له ولع بإثارة الموضوعات العلمية ومطارحة العلماء والمثقفين من السعوديين والوافدين.. والتقى به فيلبي والزركلي وفؤاد حمزة وغيرهم ممن كتب عن تاريخ البلاد وتطورها السياسي والإداري والثقافي.

وقد طلب الأمير مساعد العلم عند كثير من المشايخ كان يحضر حلقاتهم دارساً أو مستمعاً.. وذكر الشيخ محمد بن جبير والشيخ حمد الجاسر والأستاذ عبد الرحمن الرويشد أن مكتبة الأمير مساعد المنزلية هي أول مكتبة خاصة تفتح للعموم في الرياض منذ عام 1363هـ.. وكان طلبة العلم يأتون إليها.. وكان يجلس فيها ويتناقش معهم ثم طورها ونقلها من مقرها الأول في (الحلة) شرق الرياض.. وقد أُهديت بعد وفاته إلى مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وفيها مجموعة من الكتب النادرة.. وبلغ من عنايته بالمكتبة أن وضع لوحة في مدخلها للإعلان عن الكتب الجديدة الجديرة بالمطالعة.. وعيَّن موظفاً قيّماً عليها وعاملاً آخر لتقديم الضيافة.. وكان من روادها حمد الجاسر ومحمد بن بليهيد وعبد الله فليبي ورشدي ملحس وعبد الله خياط وعبد الرحمن القويز وعبد الكريم الجهيمان.

لقد عاش حياة تواضع معتدلة في الإنفاق ولم يعرف عنه أي مظهر من مظاهر الترف والبذخ والإسراف.

وكان يحرص عند فعل الخير ألا تعلم شماله ما تنفقه يمينه.. وكان من السباقين إلى تحرير المماليك عندما أعلنت الدولة ذلك فأعتق كل الأرقاء المملوكين لأسرته.. وقد تولى عدداً من المناصب في الدولة، ومنها: مستشار الملك سعود -رحمه الله- ورئاسة ديوان المظالم، ومراقبة حسابات الدولة (كما كانت تُسمى قبل صدور نظام ديوان المراقبة)، ومستشار الملك وعضوية مجلس الوزراء إلى جانب رئاسة ديوان المظالم وديوان المراقبة العامة لحسابات الدولة، ووزير الداخلية، ووزير المالية والاقتصاد الوطني.

تحدث عنه الشيخ محمد ابن جبير -رحمه الله- الذي عمل معداً في بداية عملهما في ديوان المظالم.. وفي اللجان الأخرى فيما بعد حيث قال عنه: لم تكن لي معرفة سابقة بالأمير مساعد وعملت في الديوان فترة قبل أن ألتقي به لكنني بعدما التقيت به شعرت بأنني أعرف هذا الرجل منذ سنوات فهو رجل بسيط ومتحدث لبق ومؤدب في حديثه يعرض وجهة نظره بكل حياد وتجرد من دون مجاملة لأحد حتى مجاملته لمحدثه.. لكنه لا يقاطع محدثه أبداً حتى ينتهي وبعد أن ينتهي يبدي وجهة نظره حتى لو كانت مخالفة لمحدثه.. لكنه يعرضها بأسلوب فيه أدب واحترام وتقدير الرجال.

كما أكد الأستاذ حامد حمد الله -رحمه الله- الذي أشرف على مكتب سموه على حرصه على استيعاب المعاملات وقراءتها بدقة أو تكليف من يثق به لتلخيصها له كما كان يتحرى العدل والإنصاف اللذين كان يتحلى بهما والسواسية في تعامله مع الموظفين وأصحاب الحقوق من المراجعين مهما كانت علاقته ونظرته سلباً أو إيجاباً لهم، أما الأستاذ محمد بن عبد الله الشريف الذي أمضي نحو (14) عاماً في ديوان المراقبة العامة.. وأدرك العمل مع الأمير مساعد عندما كان يجمع بين رئاسة ديواني المظالم والمراقبة العامة.. فقد تحدث في كتابه جوهر الإدارة الصادر عام 1423 هـ عن ديوان المراقبة العامة في عهد سموه فقال: (عرفنا نحن العاملين في ديوان المراقبة العامة في ذلك الوقت في الأمير مساعد بن عبدالرحمن صفات الورع والتقى والعفة والنزاهة، أما الجوانب الإدارية في شخصيته فهي تفيض بالإخلاص والحكمة وعمق الرؤية وكان يعمل يومياً في كل من الديوانين ويتابع ويشرف إشرافاً مباشراً وكنا نأنس ونرتاح عندما يؤمنا في صلاه الظهر).

ولعل في رواية أحد الأمثلة التي يتناقلها الناس عنه ما يُنبىء بكيفية تفكيره الإداري إذ يُقال إن أحد وزراء الخدمات قرر أن يتفقد أعمال الوزارة في إحدى المناطق وأن الصحافة أوسعت زيارته بالتغطية قبل القيام بها.. وبعدها غطت احتفاء الأهالي به فلما زار الأمير مساعد في منزله استطلع منه أخبار رحلته ثم أردف قائلاً ما معناه: (المفترض في الوزير المخلص في رغبته في تفقد خدمات وزارته أن يذهب متخفياً وأن يقصر زيارته على اللقاء بالمستفيدين.. وألا يصطحب معه سوى سكرتير واحد لمساعدته في رصد شكاوى المواطنين)، وكان مما يجب أن يذكر للأمير مساعد أنه -رحمه الله- خلف في كل الأعمال الرئاسية التي تولاها سواء في ديوان المظالم وديوان المراقبة العامة أو في وزاره المالية والاقتصاد الوطني جيلاً من الرجال الأكفاء الذين حملوا الرسالة من بعده على النهج نفسه والمدرسة ذاتها التي لا بد أن تُسمى باسمه.. وقد توفي -رحمه الله- في مستشفي الملك فيصل التخصصي بالرياض صباح يوم الثلاثاء 8-4-1407هـ عن عمر يناهز السبعين عاماً.

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة