Monday  25/10/2010 Issue 13906

الأثنين 17 ذو القعدة 1431  العدد  13906

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

قدر السعوديين أن تكون أجسادهم سكنى للجن، بعد أن شاع بينهم التفسير الديني الذي يقول بإمكانية دخول الجني في جسد الإنسان، والخلاف في تلبس الجني جسد الإنسي قديم لكنه عاد إلى الظهور في العصر الحديث مجدداً، إذ كان ينكر الشيخ علي الطنطاوي إمكانية أن يتخذ الجني الجسد الإنساني سكنا له، كذلك يتفق معه في ذلك بعض علماء المسلمين مثل محمد الغزالي وغيره، وقد كانا- رحمهما الله- يقدمان تصورات وتفسيرات قد تكون مقنعة للمسلم في أن الجني لا يمكن أن يتلبس الإنسي..

لكن في جانب آخر قدم علماء أفاضل من هذه الأرض الطيبة أدلتهم على إمكانية التلبس والمس، لكن الأمر لم يحظ باهتمام المواطنين إلا بعد أن انتشرت قصة الجني غير المسلم الذي تم إخراجه من جسد مواطن سعودي في الرياض، وقد ذُكر أنه أسلم، ثم التحق حسب الرواية المنتشرة آنذاك بجامعة الإمام، لكن أخباره انقطعت ولم يأت أحد بذكره بعد ذلك.

وتتوالى قصص الجن بين السعوديين، وكان أحد أهم فصولها قصة الجني الذي تعاون مع الهيئة، وكنت قد قرأت ذلك في بعض مواقع الخير، وتُروى القصة أن أحدهم أخذ زوجته لراق، وأثناء الجلسة تكلم الجني، ووضع شرطاً لخروجه من المرأة، وهو أن يدخل في جسد الزوج غير المنتظم في صلاته، وبعد مداولات وصل الراقي مع الجني إلى اتفاق مراقبة الجني للزوج أولاً، وأن له ان يتلبسه إذا لم ينتظم في صلاته، وبعد أيام سأل الراقي الزوجة عن حال الزوج، فقالت: إنه صار يفتح أبواب المسجد للناس قبل الصلاة، فضحك الراقي وقال شغلنا الجني في الهيئة.

ولعل آخر صرعة في سيرة الجني والسعودي ما تناقلته الجرائد مؤخراً عن قاضي المدينة والمتهم بالفساد، فقد استطاع راق مشهور أن يستنطق جنياً كان يسكن في داخله، وأثبت أنه يعمل من أجل مصلحة الوسيط الهارب..، مما جعل من القاضي المشهور مجرد جسد ناقل لما حدث من مخالفات مالية، فالجني أصبح المتهم الأول في قضية الفساد المالي، وبذلك قد يكون استنطاق الجني فأل خير على قاضي المدينة وربما دليلا على براءته في الأيام القادمة.

من خلال هذه الرواية دخل الرقاة إلى قلب الحياة العامة، وربما يؤهلهم عملهم هذا إلى الالتحاق بسلك المحققين في الجرائم الجنائية والفساد، فالإنسان لم يعد المتهم الوحيد في القضايا الخارجة عن القانون، فقد يكون ضحية لأحد الجن الذي اختار السكنى في داخله، ثم استغلاله لتنفيذ جرائم لمصلحة شخصية أخرى، وبالتالي يكون جسد الإنسان مجرد ناقل للمذنب الحقيقي..، ولو استطعنا إثبات ذلك للعالم بالطرق العلمية لأضفنا للإنسانية فتحاً جديداً في عالم الجريمة.، لكننا في خلاف ذلك قد نواجه قضية مختلفة جداً، وقد تكون أول مواجهة جنائية بين القانون والاجتهاد الديني القائل بإمكانية التباس الجن بالإنسي، وربما ينتج عنها أول مطالبه بفصل التفسير الديني عن القانون..

لكن حسب وجهة نظري أرى أن قضية السعوديين الأكثر صعوبة ستكون في التعداد السكاني الذي سيتضاعف ربما كل عام في حال إصرار الرقاة على إخراج الجن من أجساد السعوديين، لذلك أقترح ألا نحرك «ساكن»، ونتركهم في حالهم، وبذلك نخفف من أعباء التنمية ومن نسب ازدياد الجرائم التي قد تنسب لمجهول.

 

بين الكلمات
الجني والسعودي..
د. عبد العزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة