Monday  25/10/2010 Issue 13906

الأثنين 17 ذو القعدة 1431  العدد  13906

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

يساورني أحياناً شيء من غيظ ومثله ألم.. وأنا أستحضر في خاطري صوراً من المواقف السلوكية غير السوية لبعض البشر، مرة يأسرني الإحساس بهزيمة الغريق يأساً، وأخرى أنتشي بهاجس الأمل تفاؤلاً، فأرفض الاستسلام ليأسي، وتنتفض نفسي برعشة الرجاء، تود لو تتسنم قمة جبل فتعلن للملأ ذلك الرفض انتصاراً لكرامة الإنسان الذي كرّمه الدين وأذلّته الدنيا!

لماذا الغيظ وممَّ؟ فأقول:

يغيظني من يغتال في إنسان آخر الكرامة والموهبة وشجاعة الرأي، لمجرد اختلافه معه أو عنه رأياً أو ظناً، ثم يمضي (يشرِّح) هويته في كل مجلس أمام الرفيع والوضيع من البشر ليصِمَه بما هو منه بريء، كل ذلك لأنه اختلف معه بظنّ لم يُلزمه به بدْءاً، أو يُصادر به حقَّه في طرح ظنّ مضاد!

ويغيظني من يأمر الناس بالبر وينسى نفسه، أو يتناسى أن ديننا الحنيف ليس (عبادات) فحسب تربط العبد بربه، ولكنه إلى جانب ذلك وصفة إلهية عادلة وكاملة تقنن (التعامل) الدنيوي السوي في كل مسارات الحياة مع شرائح من البشر، أعلاهم وأدناهم، صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، لا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى، والتقوى مقرها القلب، وصراطها الجوارح، سمعاً وبصراً ولساناً ويداً!

ويغيظني من يزوّر معايير السباق المشروع طلباً للعيش الكريم، فيُكْبر المحتال، ويُصْغر النزيه، ويُبْعد النقي، ويُدْنى الملوّث ضميراً ويداً ولساناً! مثلما يغيظني من يشوّه المُثل العُليا المقنِّنة لسلوك البشر، فينعت كريم الحُلم بالجُبن، وطيّب القلب بالضعف، ونزيه اللسان بالبَلَه!

ويغيظني من يمنح نفسه سلطة نقد شرائح من الناس يصطفيها وفق (معايير) أنبتتها في رأسه تجربة مشوهة، أو معلومات مشبوهة، فيتهم هذا أو ذاك بالعيب أو العبث، أو أي عاهة أخرى تستوطن النفس البشرية، متكئاً في ذلك على (رصيد) من فراغ.. ثقافة ومعلومة وذهناً، ثم يغرق الأسماع ب(موشّحات) من (الوصفات) المثالية الخارقة، للتعامل مع مَن وما رأى فيه عَيْباً أو عَبَثاً! ويشتدُّ الغيظ في خاطري ويعظمُ الأسى إذا كان الناقدُ موظفاً عاماً أو تاجراً أو كاتب عمود صحفي (يُوقِرُ) الأبصار بملاحم الكلام مدْحاً أو قدْحاً أو تنظيراً، فإذا ذُكر في المجالس، لم يحمد له أحد سيرة، أو يذكره بخير!

وبعد،

فإن إحساسي بالغيظ على نحو ما سلف ذكره لن يصادر مني بإذن الله فضيلة التفاؤل أو يُكرهني على (تعميم) ما أكره من قول أو عمل.. فالناس ليسوا سواء! وإلا.. فسأكون والعياذ بالله كَمَن يُعالجُ الإثْم بالإثم، أو يَردعُ الخطأ.. بخطأ مثله، وسَأبْقَى مُتفائلاً بتغيُّر حال الناس صوب الأفضل، رغم مِدَاد الغيظ الذي فاضَت به هذه السطور.

 

الرئة الثالثة
زخات من غيظ!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة