Saturday  30/10/2010 Issue 13911

السبت 22 ذو القعدة 1431  العدد  13911

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

كيف يمكن أن ننظم سلوكنا الفردي والجماعي دون أن يكون لنا صوت وسمع وبصر؟ وكيف يمكننا الاستيعاب دون أن يكون للمعطي أثر وقوة؟

لكن هل يجوز طرح مثل هذه الأسئلة البديهة؟ وجميعنا بحمد الله يملك هذه النعم ويستخدمها كلما رغب وشاء؟

الأمر ببساطة، أن التخلف ليس نتاج نقص في الإمكانات بقدر ما هو عجز في إدراك قيمة هذه النعم وكيفية استخدامها.

ذوو الاحتياجات الخاصة من بيننا هم في الغالب أكثر من يدرك ذلك ويشعر به، ومع هذا فإن المعاقين من بيننا سوء في الطبع أو الأخلاق أو السلوك، مثل إيثار الجدل على الفهم أو اللجوء للقوة بدلا من العقل أو حتى التغطرس وعدم احترام أدب الحوار أو الاصطفاف في الصفوف أو حتى انتقاء الكلمة المناسبة أو التوجيه غير الواضح، وإن شئت زد على ذلك رمي النفايات في الطريق والكذب مع أغلظ الإيمان والاستهتار أو حتى جهل نظم السير... وإلى آخره... كل هؤلاء لا يدركون أن في سلوكياتهم هذه، مقياس التقدم والتخلف الذي نتحدث عنه.

إن التمدن ليس في الشكل والمظهر ولكنه في المضمون والجوهر، وكوننا كأمة عربية وإسلامية نصنف على أننا من دول العالم الثالث أو النامي، رغم إنشاء الأبراج العالية والطرق السريعة والمطارات وحتى صالات القمار الرائعة في بعض دولنا، لا بل وحتى في تعري بعض النساء وانبطاحهن على الشواطئ تحت وهج الشمس الحارقة، وجسارة بعض المثليين والشاذين حتى في الإعلان عن وجودهم ومطالباتهم بحقوقهم، كل ذلك لم يشفع لبعض دول العالم الثالث بالانتقال إلى المرتبة الثانية على الأقل، ومن يعتقد أن الصناعة وصناعة الصناعة هي الأهم والتي يمكن بها الانتقال من مرتبة إلى أخرى، قد يكون مخطئ وواهم، إذ بين دول العالم العربي والإسلامي دول صنعت السيارة والطائرة وحتى القنبلة الذرية، ومع هذا فربما احتار واستكثر المرء على هذه الدول أن تحتل حتى المرتبة الثالثة في تصنيف الأمم أو الدول.

إذا كان السلوك الفردي هو الصورة للسلوك الجمعي الذي يشكل المعيار الحقيقي الذي يمكن به ومن خلاله القياس والحكم على أي أمة أو مجتمع بالتمدن أو التخلف، فإن التمدن والتحضر هو الذي يستطيع في النهاية صناعة الابتكار والاختراع وتطوير حياة البشرية, من خلال حسن استخدام نعم الله التي أنعم بها على الكون ومن فيه.

وفي الغالب فإن الأدنى يقلد الأعلى والصغير يقلد الكبير، وإذا أردنا تهذيب وترقية السلوك الفردي فلابد من تهذيب وترقية النظم وإجراءات المعاملات، لتعكس بسلاسة إجراءاتها ومنطقيتها الإيحاء المطلوب للفرد المتلقي، ليختزن هذا التهذيب في العقل الباطني الذي ينعكس حتما فيما بعد على سلوكه وتصرفاته، لينتقل منه إلى آخر وهكذا حتى لتبدو كبذرة تغرسها الحكومات في مجتمعاتها من خلال الخدمات التي تقدمها لهم، لتنمو بين أفراده وتثمر في النهاية بمناخ سلوكي منظم وراقي.

كما أن سن النظم ورسم إجراءات العمل متى كانت متوافقة ومنطق وطبيعة الأشياء تصبح خاضعة للتطبيق اقتناعا وبتلقائية، وفي نفس الوقت ضابطة ومقيدة للكبير والصغير, ما يمنع ويقطع حاجة القفز والتجاوز عليها بالشفاعة والوساطة والرشوة والتزوير, التي تعطل انسيابية التطبيقات بعدل واتزان وتساوي، وإذن، فإن الأهم والضامن لتحقيق العدل والاتزان والتساوي بين أفراد المجتمع أمام الأنظمة والإجراءات هو في طبيعة هذه النظم والإجراءات وكيفية نشأتها وسعة مساحة القبول والرضا بها من قبل المعنيين المستهدفين، وهم الناس، وبالتالي كلما كانت حاملة للعدل والتوازن والتساوي وتحظى بقبول وقناعة الناس كلما ساعدت في ضبط سلوك أفراده والرقي بها نحو التخلق بقيم العدل والتوازن والمساواة بشكل انعكاسي كطبيعة الأشياء الفيزيائية، وهي متى أصبحت سمة وصفة مجتمع من المجتمعات كلما صار من الطبيعي ارتقاء هذا المجتمع أو الوطن إلى مرتبة متقدمة عن غيره من المجتمعات، وكان الإنتاج والإبداع نتيجة طبيعية، ولا أحد اليوم يستغرب تقدم تلك الدول التي تخضع حكوماتها وشعوبها لضوابط عادلة ومتوازنة ومتساوية لجميع أفرادها مهما اختلفت درجات مسئولياتهم ومناصبهم، لأنه وببساطة لا يعطل حركة الانسجام سوى فوضوية بعض مكوناتها.

جرس: لا يهذب سلوك الرجال مثل عطر النساء.

Hassan-alyemni@hotmail.com
 

المسار الحقيقي للعالم الأول
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة