Saturday  30/10/2010 Issue 13911

السبت 22 ذو القعدة 1431  العدد  13911

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

للثقافة مفاهيم عديدة، وإجرائية ترتكز على تناول الأفراد، والجماعات لكل ما يتلقونه من معارف, وخبرات, ومواقف، وما يتفاعلون به من أوجه القبول, والرفض، والاقتناع، والتبني... بل الأخذ والعطاء والفصل بينهما, هي في الأخير خلاصة لقيم تسود، وأخرى تبيد، وجملة تبقى محور صراع، وجملة يعتورها الضباب... والإنسان الفرد غالباً ما يؤثر في سيادة نمط ثقافي، يشيع بقدر مريديه، ومن ثم تتكاتف أصواتهم لتثبيت, أو طمس ما يسود, أو ما يطمس...

لذا فإن الثقافة هي وجه من أوجه حضارة المجتمعات, حين تكون الحضارة هي مُعطى الفرد, والفئة، والجماعة، فالمجتمع... هذا ليس درساً في محاضرة، وليس تعليلاً لما سيأتي من السطور، لكنه قناعة، وخلاصة, تشكَّلتْ وتمكَّنت من وفي اعتقادي مفهوماً للثقافة، أدرجتها في بعض بحوث علمية أجريتها ذات تدوين ونشر... من خلالها أقيس ما يجول في دائرة مجتمعنا في الشأن الثقافي، وأقف كثيراً عند ثغرةٍ هي محض قلق: هل على المثقف أن ينخرط في الأخذ دون أن يتبنى منهجه الخاص؟ في ضوء أن المثقف ليس بالضرورة أن يكون منظِّراً، أو مبدعاً..؟.. فحتى العامل في المخزن، والحارس للباب، والساقي للمزرعة، يمكن أن يُدرجوا ضمن المثقفين، ويسجلوا تحت صفة المثقف..؟ ألا يبهرك رجلٌ يسيرةٌ معارفه, وخبراته، حين يُفضي لك عن تجاربه, فتأتي بلمحاتٍ تأريخية مهمة، وينبئك عن شخوص ماتوا، فإذا بك تدوِّن عنه تفاصيل توثيقية غائبة عن خبرتك, وبالتالي ليست في مضمون ثقافتك..؟ أو ليست الثقافة مهارة قالها القاموسي؟ إذ إن الرجل يثقف الحديدة، أي يمهر في صناعتها..؟ ويشكِّلها بصورة تنم عن احترافه..؟... أوَلم يسجل التراث لأناس عاديين صنعوا الحضارة بناءً وتعميراً، وزخرفة، وأدباً، وفنوناً شتى..؟

لقد ذهبوا يهرفون كثيراً عن الثقافة، وباتوا يقولون كثيراً عنها، وقلوب أكثرهم منها خواء.. وقد التبست الثقافة بفضفاض من الكسوة التعريفية، وتلونت بفائضٍ من العواهن لا يمثلها، بل بناقص من سماتها لم يبلغها... والصغار الناشئون حدِّثْ ولا حرج، عن مكنونهم عن الثقافة...

وليجربْ أحدٌ أن يأخذ عينات عشوائية من جيل تنعَّم في المأخوذ، وشظف به الفكر عن المُعطى، في هذا المجتمع الذي تعيشون، وسجلوا مفاهيمهم عن الثقافة، فإنكم لن تحصدوا أكثر من مفردات ومضامين الهمبورجر، وأبطال الأفلام، وألفاظ التصفح، والديليت، والسيف، وماركات الجينز، و.. و.. و.. و.. من قبل، وفي ضوء هجمة التعولم، أشد شراسة هذا المكنون الثقافي الهزيل الضحل... الذي لم تتكون ضده عندهم حصانات أُخَر...

إنني، أتنبه لماذا أكتب في هذا الشأن اليوم تحديداً..؟

ربما لأنني قرأت في الفجر هذه الجمل التي صدرت في بيان وزراء الثقافة الذي ختم أمس بهذا النص: (وشدّد الوزراء في بيانهم الختامي لأعمال مؤتمرهم أمس بقطر على التمسك بالمبادئ الأساسية التي نصّت عليها الخطة الشاملة المحدّثة للثقافة العربية لتحقيق تلك الأهداف، وهي ارتكاز النهضة الثقافية العربية المنشودة إلى موقف من الحياة ونمط سلوكي وتطلع معرفي إلى جانب التأكيد على أهمية تفاعل العرب مع العصر والفكر الآخر لا الاستعارة منه وتقليده.. كما نصت الخطة على أهمية التمسك بمبدأ حرية الفكر والتعبير بوصفها شرطاً للإبداع، وأهمية الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.)...

جاء هذا، في الصفحة الأولى من عدد الجمعة أمس ل(الجزيرة) الموافق 29-10-2010 الموافق 21-11-1431ه..

وإني أعزائي القراء، لأرى أن من حرية التفكير, الاستقلال بالتفكير، ولتكوين القدرة على التعبير, العناية بملكات الفرد الخاصة لا دمجها في معطيات الآخر حدَّ التقليد، من أجل الإنشاء، والإنشاء في كل أمر، إنشاء المنجز الأدبي, كما إنشاء المنجز الفني، كما إنشاء المنجز المعماري، كما إنشاء المنجز الاستهلاكي من خامات، وأدوات، يستخدمها الفرد تتناسب مع بيئته وإن كانت في شكل الأزياء والأحذية...

فمتى تكون الثقافة فِعلاً مُنجزاً..؟

يا سادتي: الثقافة أسلوب حضارة، تنم عن إنسان يعرف الحياة، وبالتالي يصنعها كيف تسعده، ويسعد بها...

وهذا الجزء الأكبر من الديمقراطية وحفظ الحقوق...

لا التقليد والأخذ المباح...

وسلامتكم...

 

لما هو آت
بين يدي الثقافة..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة