إذا أردنا أن نكون أكثر فهماً للفوارق الجوهرية بين قامة وقامة، وبين مقام وآخر، وبالتالي معرفة كنه الفوارق بين حضارة وحضارة، وبين بيئة وأخرى.. فما علينا سوى التمعن قليلاً في مشاهد تنصيب وتنحي رؤساء الأندية لدينا.. لن أتعمق كثيراً، كما لن أذهب بعيداً في إيصال فكرتي أو معلومتي، وسأكتفي بالأدنى والأقرب من المشاهد والشواهد.

كلنا يعلم بأن الزعيم حقق في فترة رئاسة الأمير محمد بن فيصل (8) بطولات.. هذا الرقم الذي عجزت عن تحقيقه أندية تطلق على نفسها صفة (الكبار) على مدى ثلاثة عقود، وأندية أخرى ذات عراقة و(شنّة ورنّة) لم تحقق هذا الرقم البطولي طوال تاريخها.. ولكنه حين رأى بأن الفرصة مواتية لتولي شخصية هلالية أخرى مقاليد الأمور.. تنحى ولم يتمسك بالمنصب الكبير رغم ذلك الكم الضخم والفخم من النجاحات والمنجزات الهائلة.

وها هو الأمير عبدالرحمن بن مساعد الذي أحدث نقلة نوعية غير مسبوقة في المفاهيم الإدارية.. ورغم تحقيقه ثلاث بطولات من الوزن الثقيل خلال موسمين فقط.. هذا عدا ما حققته الألعاب الأخرى من بطولات تتجاوز المائة.. رغم العراقيل المعروفة التي واجهته خلال الموسم قبل الماضي بفعل فاعل طمعاً في الحد من طموحه ونجاحاته.. لم يتردد في إعلان التنحي طواعية رغم كل الإنجازات والنجاحات التي حققها في فترة وجيزة.. هذه الاستقالة التي أرجو من الله ألا تتم.

يحدث هذا في الوقت الذي نشاهد فيه التعارك والتكالب بين العديد من الشخصيات الرياضية.. بين من يتشبث بالمنصب بكل ما أوتي من أسنان وأظافر، وبين من يعمل أي شيء وكل شيء في سبيل الحصول عليه (؟!!).

مع العلم أن تلك الأندية إما من فئة (لم تربح)، أو أنها عبارة عن أنقاض لا يتجاوز حضورها مجرد الضجيج والجعجعة الإعلامية(!!).

وهذا هو أحد أسرار عظمة «الزعيم» وتفرده.. (وفي كل خير).

المفلسون..؟!

ثمة مقولة أو حكمة دارجة ومعروفة على أوسع نطاق بين الناس فحواها: إن التاجر إذا تعرض للإفلاس فإن أول ما يتبادر إلى ذهنه عمله هو البحث في أوراقه القديمة علّه يجد بينها من العزاء ما يخفف عنه وطأة ومرارة الإفلاس.

والاحتفالية التي ينوي أحد الأندية إقامتها للتذكير بمشاركة هامشية حدثت قبل عشر سنوات.. ما هي في حقيقة الأمر إلا تطبيق حرفي لحال وحيلة التاجر المفلس.

ذلك أن التاجر لو لم يفلس لما لجأ أصلاً للبحث في أوراقه القديمة، على اعتبار أن النجاحات المتواصلة لمشاريعه وصفقاته كفيلة بأن تنسيه مشقة البحث في ملفاته وأوراقه التي علاها الغبار وأصبحت أعشاشاً للعنكبوت(؟!!).

تماماً كما هو حال النادي الذي ينوي إقامة حفلة التذكير بمشاركته قبل عقد من الزمان.. فلو أنه حقق خلال هذه المرحلة الطويلة، أي قدر من الحضور الذي يوحي ولو اعتباطاً بأحقيته بتلك المشاركة.. لما احتاج إلى العودة لإحياء تلك الذكرى بعد كل هذه السنوات العجاف الطوال (!!!).

بالمناسبة: سأل أحدهم صاحبه قائلاً: من المتعارف عليه في مثل هذه المناسبات أن يتم إحضار المنجز المتحقق والمحتفى به واستعراضه في الحفل سواء كان كأساً أو نسخة مصغّرة ومقلدة له، أو حتى ميدالية من أي مستوى (إن شاء الله خشبية).. فماذا برأيك سيحضرون ويستعرضون في الحفل؟

فقال: لاشيء غير الكلام الذي يغلب عليه طابع (المهايط) كالعادة (؟!!).

ولا أستبعد أن يأتي اليوم الذي يحتفلون فيه بمرور عشر سنوات على أول بيان أصدره دعماً وانتصاراً للغرباء ضد الأهل على طريقة (براقش) طالما أن هذه هي معايير منجزاتهم (!!!).

بئس الواصف والموصوف؟!

أحد مخرجات مدرسة (أبو مُرّة) ونكاية بخروج الهلال من الآسيوية كتب يقول: البطولة الآسيوية تحتاج إلى صبر أيوب، وعزيمة داوود، وشدة سليمان (عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم).

وللإحاطة والعلم فقط: ما بين القوسين من عندي أنا وليس من عنده.

فيا هذا.. ألا تتقي الله عندما تمتهن مقامات وصفات الأنبياء والرسل من أولي العزم وغيرهم فتوظفهم أدوات رخيصة في معادلتك الأرخص، خصوصاً وأن المسألة مجرد منافسة في كرة القدم وليست غزوة كغزوة بدر الكبرى(!!!) (ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا).

ثم إذا كنت قد نسيت أو تناسيت يا هذا.. فإن الوسط الرياضي بأجمعه يتذكر جيداً بأن (المكاتب) وليست المنصة هي من حملت أصفرك من الصفوف الخلفية إلى التمثيل الآسيوي، وهي - أي المكاتب - أيضاً من دفعت به للتمثيل العالمي على حساب الأحق.. ذلك التمثيل الذي كان وسيظل وبالاً عليه يتخلص من هذا الوهم.. بمعنى أنه لم يتأهل ميدانياً كما تأهل الهلال والاتحاد.

هذه حقيقة فريقك الذي أسبغت عليه صفات الأنبياء.. فبئس الواصف والموصوف.

بيت القصيد

إن كان هذي ميزة العالمية

أنا أشهد أن العالمية مذمة