Monday  01/11/2010 Issue 13913

الأثنين 24 ذو القعدة 1431  العدد  13913

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

تحدثت قبل بضع سنين عبر ملتقى عام عن محنة خريج التدريب التقني والمهني، تعريفاً وأسباباً، فقلت إن تلك المحنة ليست كلّها بسبب أجهزة معينة في الدولة، فهي توفر له أقصى المستطاع تمويلاً وتدريباً وتأهيلاً كي ينضم إلى منظومة البناء لهذا الوطن.

وهي ليست كلها بسبب ندرة الفرص المتاحة للخريج للعمل بعد التخرج خارج سرب الدولة إما ضمن إحدى فعاليات القطاع الخاص أو عبر تأسيس مبادرة خاصة ينفرد بها، لكنها في جل الأحوال مشكلة تبدأ وتنتهي به شخصياً في كثير من المواقف وبسبب بعض الاعتبارات.

أ - فالخريج في بعض الحالات يرتبط بالتقنية حساً لا شعوراً، وتقليداً لا انتماء، والدليل على ذلك أنه لا يكاد يترك معهده أو كليته حتى يقع فريسة موروث الأفكار المترسبة في قاع الوعي الاجتماعي السائد، في الوقت الذي تُراود وجدانه أحلام الوظيفة (الناعمة)، والكرسي الوثير، وبيئة العمل المشبعة بغموض الغاية وتسيب الوسيلة، وكل الإفرازات النفسية والسلوكية المترتبة على ذلك!

ب - وهو تعوزه الشجاعة لمجابهة هذا الموروث كشفاً لغلوه، وتصحيحاً لمضمونه، والتصدي له، ويعوزه الصبر لتحمل ما يترتب على ذلك من جهد وعناء وتعزير نفسي في بعض الحالات.

ج - وهو كغيره من نبات هذا العصر، يتعجل الغنم ويستعجله، غير مدرك أنه لا بد من التدرج في إدراك مراتب الحياة، ولا بد من العناء قبل إدراك العلى، لأن التعجل في إدراك الغايات دون جهد ولا أرق، أمر له من العواقب ما لا يرجى ولا يحمد، والخريج الفني في ذلك لا يختلف عن كثيرين من أضرابه داخل أسوار هذا المجتمع، ممن يفتنهم المنصب والجاه والسلطة، ينشدون بلوغه بأقصر طريق وأقل جهد!!

وتعليقاً على ما سبق أود أن أنبه إلى أمرين هامين:

أولهما: أنه ليس لي اعتراض على طموح الشاب، فهو طبع مركب في البنية النفسية والوجدانية للبشر إلى أن تقوم الساعة، الاعتراض يكمن في كيفية ترجمة الطموح وبلوغ الغاية.

وثانيهما: إنني لا أقلل من شأن الوظيفة الحكومية، ولا أُزهد في طلبها، طالما اقترن ذلك باحتياج حقيقي يدعمه تخصص، وتسيره رغبة مخلصة في الأداء، فإذا تعذرت الوظيفة الحكومية، فأرض الله واسعة، وفرص طلب الرزق تترقب الباحث عنها، والراغب فيها، والحريص عليها!!

أختم حديثي هذا بالآتي:

أولاً:

لا يستطيع الخريج التقني وحده اختراق الحواجز والسدود التي تنصبها بعض فعاليات القطاع الخاص تحت مظلة (البحث عن الأفضل) لا بد من تدخل ذكي مدروس من قبل الأجهزة المعنية في الدولة لمساعدة الخريج على بلوغ الفرص المتاحة فيه، ويجب في الوقت نفسه ممارسة الحذر في سلوك هذا النهج تجنباً لإجهاض حرية المبادرة والقرار التي يعتبرها رب العمل الخاص أغلى ما يملك، وأحسب أن من أهم الخطوات المطلوبة في هذا الصدد إعادة النظر في بعض القواعد النظامية التي تصنف العلاقة بين رب العمل وطالبه على نحو يوازن بين حقوق وواجبات الطرفين، ويراعي العدل في آلية التعويض المادي اقتداء بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) لأي منهما.

ثانياً:

لا بد للخريج الفني أن يعي (مكانزم) اللعبة الوظيفية التي يرتبها اختياره لهذا التخصص أو ذاك، فيواجه الموقف بشجاعة وصبر كبيرين، منطلقاً من التسليم بأن بينه وبين رب العمل عقداً اجتماعياً وأخلاقياً، قبل أن يكون عقداً وظيفياً ينظم ما له من حقوق وما عليه من واجبات، والبقاء الدائم للأصلح، أداء وثواباً، سواء عمل المرء في الدولة أو في القطاع الخاص.

 

الرئة الثالثة
خريج التدريب التقني.. والخيار الصعب!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة