Monday  01/11/2010 Issue 13913

الأثنين 24 ذو القعدة 1431  العدد  13913

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

           

الحمد لله، فقد بلغ عمر هذا المولود الحضاري خمس سنين، وكأي مولود فإن له آباء وأجدادا. عاش الجد الأكبر في القرن الذي سبق بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وتواصل نسله رغم تغير الوجه الحضاري لجزيرة العرب حتى عام 123هـ، وهو العام الذي شهد أفول الدولة الأموية - الساند القومي (إن جاز التعبير) لسوق عكاظ في ذلك الحين. ولكن وفاة السوق لم تقض على ديوان العرب: الشعر، بل هو ازدهر بفحوله في العصر العباسي - الذين كان منهم موالي من غير العرب. يا للعجب! ولكنها اللغة - لغة القرآن - بقيت حية فبقيت الحضارة، فاللغة هي الحضارة أو هي وعاؤها حتى إن كان المتحدثون بها من غير أهلها الأصليين. فهل يلزم لصناعة الحاسب الآلي واستخداماته وقيادة الطائرات -مثلاً- استعمال اللغة الأم التي يتحدث بها القوم؟

الجواب نعم. حيث يكون التعليم الذي يوصل إلى تقنية الحاسب الآلي وقيادة الطائرات باللغة الأم، تكون الحضارة. ولغتنا العربية أبقاها وأعلى شأنها القرآن الكريم، فحق علينا - نحن الناطقين بها - أن نجلّها ونعلي شأنها أيضا في حياتنا اليومية والعملية، ليس بأن تكون الفصحى هي لغة الحديث في المجالس وبين الناس - فهذه أمنية عزيزة لن تتحقق - ولكن بأن تكون حاضرة فيما نكتب ونقرأ ونذيع وننشر ونعلن ونقرر، وأن تصان وأن تتجدد حتى لا تبلى وتسبقها مفاهيم العصر. وليس هناك بعد القرآن أقوى من فنون الأدب في جعل اللغة الفصحى حبيبة للقلوب قريبة للأفهام. من أجل ذلك كله ننظر إلى سوق عكاظ نظرة الحب لمولود حضاري، لأن ما يعرضه - وسوف يعرضه في أعوام عديدة مديدة إن شاء الله - من معروضات الأدب والثقافة لن يكون نوعاً من إحياء التراث، فالتراث باقٍ في الكتب أو في الصدور أو في التقاليد، وهو يعبر من جيل إلى جيل فلا خوف عليه، ودوره في وصل الحاضر بالماضي قائم، بل الخوف هو من أن يفهم البعض من إحيائه التوقف عنده أو النكوص إلى عصره القديم. أما المأمول فهو أن تشمل معروضات السوق جميع فنون الأدب من شعر وقصة و رواية و تمثيل مسرحي وترجمات جيدة لأعمال راقية ومحاورات وما إلى ذلك من وسائل التعبير الفني الذي يتيح لحاضري السوق أو المتابعين لفعالياته من خلال وسائل الإعلام أن يتمتعوا بجماليات اللغة العربية وأن يشعروا بحضورها القوي وقدرتها على إرضاء الأذواق والتعبير عن جميع شئون الحياة بلغة تناسب الحياة العصرية وليس عصر المعلقات . فشعر النابغة وشعر الخنساء كان رائعاً في ذلك العصر لأن لغته كانت تلائم ثقافة العصر آنذاك، وكذلك شعر أبي تمام والبحتري كان شعراً رائعاً لأن لغته كانت تلائم بيئة العصر العباسي الأول وثقافته.

السيف أصدق أنباءً من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب

الكتب ودار الحكمة وسيف المعتصم.

أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً

من الحسن حتى كاد أن يتكلما

الربيع و أرض الرافدين والرفاهية العباسية. وعندما تلبس اللغة ثوب العصر فإنها يجب أن تظهر للناس، وليس غير الأدب (بفنونه المختلفة) بقادر على إظهار زينة اللغة العصرية وتحبيبها إلى الناس والوصول بها إلى أن تكون أيضاً لغة العلم والتقنية. وفي ظني أن منح جائزة الشعر في هذه السنة العكاظية لقصيدة حداثية - بغض النظر عن اختلاف الآراء حولها - هو عمل يرمز لهذا المفهوم. إحياء سوق عكاظ فيه إحياء للأدب والثقافة و توسعة لقاعدتها الجماهيرية وإسهام بتعزيز مكانتها وبإثارة الاهتمام بها.

وهذا يخدم اللغة العربية أكثر مما تخدمها المجامع اللغوية التي يصعب إيصال دراساتها ونتائج أبحاثها إلى سائر الناس، بل وأحيانا يصعب فهمها عندما تتقعر في سراديب مستودعات اللغة. لذلك يجب أن نطرق كل وسيلة ممكنة لإثارة الاهتمام بسوق عكاظ إعلامياً وجماهيرياً وإبراز أهميته لكل ناطق باللغة العربية.

إنني أزعم أن من أنجع الوسائل الموصلة إلى ذلك إدراج الاحتفال بجائزة عالمية ضمن فعاليات السوق. هل هناك أعظم من جائزة الملك فيصل العالمية التي تمنح كل عام لرواد الأدب العربي؟

فإن قيل إن هذه الجائزة حزمة واحدة ومقر إعلانها والاحتفال بمنحها هو الرياض قلنا فما بال جائزة نوبل العالمية ؟ أليست تمنح في الحقول العلمية والاقتصاد والأدب في ستوكهولم بالسويد، بينما تمنح جائزة نوبل للسلام في أوسلو بالنرويج؟ هل قلل ذلك من شأن الجائزة ؟ وعلى أي حال فالذي يرى الرأي الأصوب هو مؤسسة الملك فيصل الخيرية التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وهو أيضاً أمير منطقة مكة المكرمة.

 

سوق عكاظ.. وجائزة الملك فيصل
عثمان عبدالعزيز الربيعة

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة