Tuesday  02/11/2010 Issue 13914

الثلاثاء 25 ذو القعدة 1431  العدد  13914

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

           

هذا موضوع هام وكبير ويحتاج إلى وقت وجهد عظيم وتوجه تربوي صادق وعميق وأعد من قبل تربويين متخصصين نابهين صادقين مؤهلين تماماً لهذا العمل النبيل وآفة التربية والتعليم ومعضلتها الكبيرة وخاصة في الجهات (أنه أدخل على هذه المهنة الشريفة العظيمة من لايعرف أصولها) كما أن هذه المعضلة هي مشكلة العديد من الفنون التي تبتلى بغير أصحابها والمتخصصين فيها، كما ترى من كثرة الخبط، وإن شئت فقل (من كثرة لا تفرط) وتشويه الحقائق العلمية من أدعياء العلم والمعرفة والباحثين عن الشهرة، لو على حساب الحقيقة والواقع، فنحن الآن في عصر أطلق عليه التربويون المجيدون عصر التخصص الدقيق، ولو أن كل واحد فينا احترم نفسه وعلمه وقدرته ومعارفه وما يستطيع، لاسترحنا واستراح غيرنا من هذا الخبط والتخبط (خبط عشواء) فيما لا يعلم، ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه ووقف عند حد علمه ولم يكلف نفسه مالا تطيق، إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع، وفي التنزيل العزيز ?فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ?، وردت هذه الآية هكذا في سورتين مختلفتين من القرآن الكريم (النحل: والأنبياء) لتكريس هذا المفهوم الهام والدقيق في حياة الناس، فقد جمعت الآية الكريمة بين جمال التعبير وكمال التصوير وقوة التأثير، كما يقول البلاغيون المدققون رحمهم الله تعالى، هذا، ولقد كان الإمام البخاري - رحمه الله - حيث يقول (من بحث في غير فنه أتى بالعجائب) وها نحن الآن نرى العديد من العجائب والغرائب والتناقضات في كثير من تأليف وكتابات وقرارات بعض من ابتليت بهم ساحة التربية والتعليم فنرى كثيرا هنا وهناك في بلاد الله الواسعة، الكثير من القرارات الهوجاء العرجاء والتي تناطح الكثير من الحقائق والمفاهيم والمسلمات التربوية، والتي أحياناً أصبح يدرك خطرها وضررها غير المختصين، بل بعض العامة أصبح يدرك كثيراً من أخطاء بعض المنتسبين إلى التربية والتعليم، ونظراً لأن التربية والتعليم أصبحت فناً مستقلاً بذاته له أصوله ومناهجه ومباحثه الدقيقة والمعقدة ولها فرسانها وروادها وأساتذتها الكبار وما على الأغرار والصغار إلا أن ينهلوا من معينهم ويأخذوا من معارفهم وقدراتهم وفطنتهم وتألقهم في هذا الميدان، وإذا كنا نريد لأبنائنا تربية صحيحة ومريحة وجادة ونافعة حالاً ومآلاً فما علينا إلا أن نعطيَ القوس باريها على قاعدة (نحن أحق بموسى منكم) والشيء من معدنه ليس بغريب، كما يقول المثل العربي الأصيل، وعلى قاعدة القرآن الكريم في قوله تعالى ?إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ?، هذا وكم عانينا من مدرس الضرورة ومخطط الضرورة ورائد الضرورة وإدارة الضرورة وقبلناه آن ذاك لحاجة البلاد والعباد إليه، وإن كنا هنا، والحق يقال لاننكر فضله وسبقه وريادته وجهده المفيد، خاصة وأن البعض منهم طور نفسه والتحق بدراسات ودورات ولقاءات وكانت عنده اهتمامات جعلته يرقى إلى درجات المفيد والمستفيد، ولكن الآن بعد نشر العلم والتعليم وجهد الدولة -أيدها الله- بإيجاد الكوادر المتخصصة والدقيقة في مجالات عدة نافعة وكبيرة فعلينا الآن بعد تجاوز مرحلة الحاجة والتأسيس أن نبحث عن الأصلح والأفضل والأكثر تخصصاً وتعمقاً في كل ميدان ولا ينبئك مثل خبير.

التربية والتعليم بحالهما الراهنة يحتاجان وبقوة إلى وقفة صادقة وثابتة ودقيقة وفاحصة للتقصي -إذا أراد الله- على ضعف المخرجات وعلى الشكاوى التي نسمعها هنا وهناك في مجال العامة والخاصة عن الضعف العام للشباب والطلاب وعزوف البعض عن التحصيل الجيد والاستفادة المطلوبة؛ فالتعليم الجيد لا يدار من على الورق ولا من وراء الأبواب المغلقة وتصفيف العبارات الرنانة أو الملفقة أحياناً، فرجل التربية والتعليم رجل جاد ومتابع ودقيق ومتخصص وميداني على حد قول شاعرنا العربي:

يا ابن الكرام ألا تدنو فتُبصرَ ما

قد حدَّثوك فما راءٍ كمن سمعا

هذا، ولقد كتب أحد خلفاء الإسلام إلى عامله في بعض النواحي الإسلامية بدلاً من التطويل والتهويل والكلام بيتاً من الشعر فقط؛ حيث الكاتب والمكتوب له عرب أقحاح يفهمون بالرمز والإشارة والحر تكفيه الإشارة فقال له:

ليس أخو الحاجات من بات نائما

ولكن أخوها من يبيت على وجل

حقا، إن أخا الحاجات بحق وصدق أمين وصادق ومهتم ومتابع ومتخصص دقيق ليس عيالاً على المهنة ولا متطفلاً عليها (من ادعى ما ليس فيه كلابس ثوبي زور) وإذا كنا حقاً نريد لشبابنا تربية إسلامية راشدة مفيدة فلتعطَ القوس باريها، وذلك نابع من أهمية التربية نفسها، وترجع إلى أصحاب الاختصاص وأرباب الملكات. إن المخرجات التربوية تتأثر كثيراً وبشكل كبير بمدى قدرة المربي على ممارسة مهنته بقدرة وندرة وخبرة وإعداد جيد وتخصص دقيق؛ حيث إن التربية الصحيحة هي المدخل الصحيح لإيجاد الشخصية المسلمة المتزنة المستفيدة والمفيدة، وما لم تقم التربية الصحيحة على التفاعل والانفعال والتخصص الدقيق بين المرسل والمستقبل تصبح عملية التربية والتعليم عملية جامدة هامدة لا حراك فيها ولا تفاعل، بل رتيبة لا حياة فيها ولا يمكن بحال من الأحوال تغير الحال التي يشكو منها الناس الآن إلا من خلال ما سبق وتغيير ما بالأنفس ?إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ?، وهذه الآية الكريمة ذات دلالات وعطاءات وإرشادات عالية المستوى جيدة المحتوى، ولكن لمن ذاق فأفاق، والحر تكفيه وتشفيه الإشارة.

هذا، ولقد درس المختصون من التربويين كلمة التربية بصدق وعمق واشتقاقاتها الدقيقة والحاسمة في هذا مما لا يتسع المقام لذكره ولما قال الحق في هذا الصدد في سورة آل عمران {وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ}، قال العلماء الربانيون جمع واحدهم رباني منسوب إلى الرب سبحانه والرباني يعني المتخصص الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره، والرباني الجامع إلى العلم والفقه في فنه البصير في السياسة والتدبير فيما يوكل إليه قد أعد قبلا إعداداً جيداً لمهنته ومما ورد في هذا الباب من أقوال أساتذة هذا الفن ومما ورد أيضا في الكتاب والسنة وعلماء سلف هذه الأمة تبين لنا خطورة عمل المربي وأهميته، بل وجوب أن يكون مؤهلاً تماماً للقيام بهذا الواجب وفق عقيدة الأمة وأخلاقياتها، ولذا فإن عمل المربي يتعدى الإعداد العلمي ويتخطاه إلى ما هو أشمل وأتم وأهم وهو ما نسميه الإعداد التربوي، إن الإعداد الجيد للتربوي أياً كان موقعه من القاعدة إلى القمة يبصر التربوي بقواعد وأساسيات هذه المهنة ويريحنا من الخبط والتخبط الذي عاشته الكثير من دنيا الناس التي لم تأخذ بهذا المبدأ والمنهج الأصيل.

ومما سبق ندرك أهمية مهنة التربية والتعليم على مختلف وعظم مسؤولية القائمين عليها ويظهر لنا جلياً خطر هذه المهنة التي تساهل بها الكثير وما تتطلبه من خصائص نفسية وميزات عقلية ودراسات علمية وتربوية وصفات خلقية وخلقية ومعرفية ومهنية.

والله الموفق.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم -

a-halim@hotmail.com
 

ضعف المخرجات في المدارس والجامعات.. الأسباب والعلاج
د. عبدالحليم بن إبراهيم العبداللطيف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة