Thursday  04/11/2010 Issue 13916

الخميس 27 ذو القعدة 1431  العدد  13916

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

           

كان العرب في الماضي إذا أتى لهم خبرٌ لا يقبله عقل ولا منطق يقولون: (حديث خرافة) . وخرافة هذا الذي خلده الغباء والحمق والجهل كما جاء في لسان العرب لابن منظور: (من بني عُذْرَةَ اخْتَطَفَتْه الجِنُّ ثم رجع إلى قومه فكان يُحدِّث بأَحاديثَ مما رأى يَعْجَبُ منها الناس فكذَّبوه فجرى على أَلْسُنِ الناس)! حديث خرافة هذا تبادر إلى ذهني وأنا اقرأ هنا في (الجزيرة) خبراً يقول: (أظهرت دراسة أسترالية أن الأشخاص العاطلين عن العمل يعيشون بسعادة أكثر ممن يشعرون بالخوف من فقدان وظيفتهم في أي وقت. وذكر موقع (ديلي ميل) البريطاني أن الباحثين وجدوا من خلال دراستهم أن من لا يعملون يكونون سعداء أكثر من الأشخاص الذين يعملون بوظائف أقل ضماناً أو لا مستقبل فيها. وقالت ليانا ليتش الباحثة المسؤولة عن الدراسة في جامعة (أستراليا الوطنية) بكانبيرا إن العمل بأي وظيفة ليس بالضرورة أفضل من عدم العمل أبداً)!

مثل هذه الأبحاث تحتاج إلى عقل متوقف، أو هو متكلس، كي يقبلها الإنسان؛ سواء جاءت من الشرق أو من الغرب أو الشرق، من أستراليا أو من (بوريكينا فاسو)؛ فالبطالة تورث الفقر، والفقر يورث كل مصائب الدنيا على الفرد؛ ومن لم يقتنع فليعش ولو شهرا واحدا يبحث عن لقمة عيشه ولقمة عيش من يعول ليعرف مدى معاناة العاطلين عن العمل، وأن ما يتحدث عنه هذا البحث هو بالمختصر المفيد (خراط فاضي).

وحكاية الدراسات (الغربية والشرقية) أصبحت عند البعض بمثابة الدليل المفحم، الذي لا يعلو عليه دليل، ولا يجادل فيه متحضر عاقل؛ وهذا غير صحيح بالضرورة. فالدراسات، والأبحاث حتى وإن نشرت في دوريات مُحكَّمَة، تكون في الغالب مجرد (نظرية) تحتاج إلى الكثير من العوامل والتجريب لترتقي إلى درجة الحقيقة. يقول كلود برنار: ( لكي تكون معاينة الظاهرة معاينة سليمة يستخدم الملاحظ كل الأدوات التي من شأنها جعل ملاحظته للظاهرة ملاحظة أكثر شمولية). وهذا الشرط هو ما تفتقر إليه بعض الدراسات، وأقرب مثال على صحة هذه المقولة الدراسة المنشورة في (الجزيرة) عن سعادة العاطلين عن العمل. ومن هذه الدراسات المظللة أيضاً تلك الإحصاءات التي تجريها بعض الصحف والدوريات على الإنترنت لرصد الرأي العام عن ظاهرة معينة، على اعتبار أن التصويت من خلال الإنترنت سيجري بطريقة العينة العشوائية، فتأتي النتائج مضللة؛ والسبب أن بعض (المؤدلجين) يتنادون للتصويت، بينما يغيب رأي الأغلبية الصامتة، فتنحرف في المحصلة مخرجات التصويت من حيث الكم لتتفق مع رأي شريحة معينة وليست كل شرائح المجتمع.

ومن غرائب الدراسات التي لا نعرف مصدرها، ولا من أجراها، ولا من أين أتى بها صاحبها، ما ادعاه أحدهم من أن تدريس النساء للأطفال الذكور يُسبب انتشار التخنث؛ وضرب مثلاً بإحدى الدول في شرق آسيا. صاحب هذه الدراسات المزعومة (الخربوطية) نسي أن تدريس الصبية الأطفال في كل بلاد العالم، وبالذات في بلاد الغرب والشرق معاً، عمل يتولاه النساء في الغالب، ومع ذلك استطاعت منتجاتهم أن تسيطر على الفضاء وليس على الأرض فحسب، بينما بقينا بثقافتنا ومفاهيمنا المتخلفة، وتعليمنا المتكلس، عالة على الغرب والشرق معاً؛ مجرد مستهلكين، همنا الأول والأخير أن (نثبت) حيث نحن، ولا نتحرك عن موقعنا المتخلف ولو قَيْدَ أُنْمُلَة.

إلى اللقاء.

 

شيء من
حديث خرافة!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة