Tuesday  09/11/2010 Issue 13921

الثلاثاء 03 ذو الحجة 1431  العدد  13921

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

لم يكن التغير السريع والانقلاب المفاجئ في الحياة مقتصرا على مدينة دون أخرى من هذا البلد الشاسع، المترامي الأطراف، بل في كل قرية، وهجرة تلمس النهضة، وتستشعر عظمة الإنجاز في وقت قياسي مقارنة بأعمار الدول والمجتمعات التي ما ثلتنا في النشأة والظروف، وحتى في التوجهات والقيم.

*لم أشأ التوسع في النموذج، فقد تغيب عن الكاتب والأحداث المهمة فيسيء التقدير من حيث لا يقصد، من هنا كان النموذج المصغّر (مدينة سدير) بحكم ما توافر لدي من إلمام ببعض فترات تاريخها الاجتماعي، وقصة تطوره، وبحكم أنها تعيش هذه السنوات كغيرها من أجزاء من وطننا فترة انتقالية مهدت لها وفرضت وقائعها (مدينة سدير الصناعية ) تلك المدينة الفتية كانت حلما من أحلام أمير المنطقة (سلمان بن عبد العزيز)، ووثبة من وثباته المتعددة السابقة، استقرأت ذلك من خلال أحاديثه العابرة في مراسم افتتاح وتدشين المدينة، وهو يومئ إلى بعض ذكرياته ومعلوماته عن المنطقة وطبيعتها الجغرافية.

* قد تتفقون معي أنه ليس من السهولة الانتقال من الحياة الرعوية والزراعية، ذات الصبغة البدائية إلى (عالم الصناعة) الصاخب ومتطلبات إعادة تأهيل وتدريب مجتمعها. كان ذلك هو الهاجس القوي الحاضر الذي وجه (رجال الأعمال والمال) في ملتقاهم الأول في المنطقة، إذ لم تكن رؤيتهم منصبة على بحث وسائل الاستثمار ومجالاته، ورصد معوقاته، إذ هم يدركون أن ذلك سيتحقق عاجلا أم آجلا، بل التحدي الأكبر من منظورهم ينحصر في استعداد المؤسسات المهنية والتعليمية لمعايشة هذه النقلة، فهي على حد وصفهم مازالت في مناهجها، ووسائط تعليمها وتدريبها تعزف على أوتار قديمة بالية، تتمحورحول معارف وأدبيات عفا عليها الزمن، وتجاوزتها المرحلة الراهنة بتقنياتها وابتكاراتها.

* وإذا تجاوزنا للإيجاز مرحلة (الرعي وتربية المواشي )إلى مرحلة (الثورة الزراعية) التي أدت إلى تحسن مستوى المعيشة بسكان هذه الأرياف وأثرها في استقرارهم فإنه يجوز لنا استلهام تجارب بعض المجتمعات في بعض الدول الأوربية التي مرت بالمراحل الثلاث، ونستوقف عند الأثر الذي تركته، وما يمكن أن يكون عليه هذا النموذج الصغير (سدير)، وهو يخوض التجربة نفسها، في مراحل زمنية قادمة ليست ببعيدة. ففي (بريطانيا) على سبيل المثال، أسهمت النقلة الصناعية في تلاشي مظاهر حياة المجتمع القديمة أمام الثورة الصناعية، وبدت على الساحة ظهور طبقتين متباينتين: طبقة برجوازية تكونت من أصحاب المؤسسات الصناعية والتجارية والمصرفية، وطبقة أخرى عاملة تكونت من السكان النازحين من الأرياف، وهم يبحثون عن فرص العمل، ويحملون أيدلوجيات وثقافات مختلفة. وتلافيا لأثر التفاوت الاجتماعي، وما قد ينشأ عنه من سلبيات تداركت مؤسسات المجتمع المدني هناك هذه العوامل، وقامت بإصدار تشريعات عالمية، تتعلق بعمل النساء والأطفال وشروطه وضوابطه، وحددت ساعات العمل، والحد الأدنى للأجور، وتناولت في أنظمتها الشؤون الصحية، وسنت الأنظمة التي تحمي هذه الفئات من الأمراض، اوعوامل التلوث، وأسباب الحوادث، والتي نرى أن (هيئة المدن الصناعية ) لدينا قد أخذت بها واستفادت من تشريعاتها وتنظيماتها، وهي تخطط لهذا المشروع العملاق.

* ومن الطبيعي أن ترافق النهضة الصناعية انتعاشة ثقافية كبيرة تؤمن إيمانا كبيرا بقدرة العقل البشري، وبأهمية التعلم والتقدم، والاعتماد على العلوم التجريبية أكثر من غيرها، وقد نشطت أدوار المراكز الثقافية في (أوربا)، وأسهمت في نشر الوعي، وانبرت على إثر ذلك فئات من المجتمع تؤمن بحقوق الطبقة العمالية، وتدافع عن مصالحها، وتؤمن بكياناتها، بل وتعدى إلى إشراكها في الانتخابات البرلمانية، ناهيك عن قيام بعض الحكومات بإبرام الاتفاقيات باستقدام الخبراء الأجانب، وإيفاد الطلبة النابغين في المجالات العلمية والتقنية. إذن هذه مؤشرات نحن على يقين تام بأن هذه المتغيرات ستفرضها، فماذا نحن عاملون؟

dr_alawees@hotmail.com
 

أوتار
المجتمع أمام المتغير... سدير نموذجا
د. موسى بن عيسى العويس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة