Tuesday  09/11/2010 Issue 13921

الثلاثاء 03 ذو الحجة 1431  العدد  13921

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

           

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، وبعد، فإن منة الله على وطننا، ونعمه تتجدد وتتوالى، ولا يمر وقت أو زمن إلا ونرى له علينا فضلاً ومنة، وأعظم المنن بعد توحيده ما يتعلق بما أفاء الله علينا من الولاية الراشدة، والقيادة الحكيمة التي جعل الله قدرها أن تكون خادمة مقدساته، حامية لحرماته، حافظة لحدوده، قائمة على نصرة دينه وشريعته، وهذا ما جعل شأنهم بين أمم العالم شأناً عالياً، وأثرهم في المنظومة الدولية عميقًا، ومن هنا لا عجب أن تتوالى الاعترافات العالمية، وتتواطأ على اعتبار تأثير المليك المفدى وقوته ومكانته، وأنى للعالم أن يقول غير ذلك، وبلاد الحرمين الشريفين - أدام الله عليها نعمه - هي قطب رحى العلاقات الدولية، امتلكت زمام المبادرات، وقدمت للعالم رؤية منطلقة من روح الإسلام ومبادئ الوسطية والحق والعدل والسلام، يقال ذلك وقد أعلن للمرة الثالثة أن مليكنا المفدى وإمامنا وقائد مسيرتنا وحامي وحدتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - أمده الله بعونه، وأدام عليه نعمه - ثالث أقوى الشخصيات تأثيرًا في العالم لهذا العام 2010م بعد الرئيس الصيني والأمريكي حسب ما أعلنته مجلة (فوربس) الأمريكية ضمن قائمة ضمت رؤساء دول ورؤساء وزراء ومؤثرين على المستوى العالمي، وسببت هذا الاختيار بأنه يقود أكبر دولة فيها احتياطي نفط في العالم، ويشرف على أكثر الأماكن قداسة في الإسلام، وهو القائد الذي يدفع باتجاه إصلاح اجتماعي وقضائي تدريجي في المملكة العربية السعودية.

الله أكبر! إن مجيء إمامنا ومليكنا خادم الحرمين الشريفين في الترتيب الثالث في قائمة الشخصيات العشر الأوائل الأكثر تأثيرًا التي تتمتع بمقدرة عالية على ممارسة التأثير أمر لا يستغرب، واعتراف عالمي بهذه الشخصية القيادية التي بهرت العالم بفضل الله وتوفيقه لما يحظى به - حفظه الله - من حكمة وسياسة في معالجة الكثير من الأزمات على المستوى العالمي، وما حباه من خلال وخصال جليلة، جعلته قريبًا من شعبه، خصوصًا الفئات الأكثر حاجة، وفي المجال الدولي له إسهامات كبيرة، ومبادرات مخلصة تأتي على خلفية ما يعانيه العالم من تفرق وتناحر وحروب مدمرة، وأزمات سياسية واقتصادية، ليكون إمامنا أحد المؤثرين في القرارات الدولية التي ترتبط بهذا الواقع.

إن من حق إمامنا ومليكنا أن نذكر ما كان مصدر هذا التأثير العميق، وسبب هذا الاختيار المؤسس على معايير ومقاييس عالمية أبرزها المكانة الدولية والمحلية، والممارسة السياسية التي تعتمد المصداقية والمحبة بأسلوب مؤثر عميق، وبإدارة ناجحة، يسبق فيها صوت العقل والمنطق والحكمة، وتغلب فيها لغة التسامح والتصالح والتعايش لتكون هذه المشاركة إبرازًا لهذا الدور العالمي، ومنطلقاته التي أساسها ورأسها التمسك بهذا الدين عقيدة وعبادة وسلوكًا، والأخذ بما كان عليه سلف الأمة، بمنهج وسطي، ورؤية واضحة تجمع ولا تفرق، وتبني ولا تهدم، وتهدي إلى الصراط السوي.

إن أول تلك المآثر التي نلمحها في مسوغات هذا الاختيار العالمي: مكانة هذه البلاد وما حباها الله به، وهذا الاصطفاء والاختيار قدري شرعي، و(اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)، فقد اختار الله هذه البقعة لتكون بمثابة القلب للعالم، وتكون هي أصل الإسلام ومأرز الإيمان ومهوى الأفئدة، ومهبط الوحي، وبلد أعظم المقدسات، ففيها بيت الله، وقبلة المسلمين، وهي موطن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومهاجره، وقد اختصها الله بميزات عظيمة، وميزها بما يجعل المسلمين جميعًا يتجهون إليها، والعالم يتجه إلى حكمتها وحنكتها ورؤيتها وسياستها وتأثيرها، ومن الاصطفاء والاختيار أن هيأ الله لها هذه الدولة الراشدة، والقيادة الحكيمة التي أسست الدولة على أعظم الأصول، وأساس القبول، وأهم المكتسبات توحيد الله - جل وعلا - وإخلاص العمل له، وحماية هذا الأصل أن ينال بشيء، بصورته الصافية النقية كما نزلت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حامية هذا الأصل مما يشوبه ويكدره، محققة لجوانبه، ومع تمسكها بهذه الثوابت العظيمة التي هي أساس العز والتمكين، وسبب كل خير عميم إلا أن ذلك لا يمنعها من التعامل مع متغيرات العصر، وتفاعلات الواقع، آخذة بكل سبب يؤدي إلى النهوض والارتقاء، وبلوغ الريادة والعالمية، هذا المنهج الرشيد، والمسلك السديد هو ما قامت عليه بلادنا الغالية ولا سيما في هذا الدور الذي أقامه وشيد بناءه الملك المؤسس الباني المغفور له - بإذن الله - الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه -، واستمر عليه أبناؤه البررة، متفاعلين مع قضايا العصر وتجدد الحوادث، وتعقيدات الواقع.

وقيام الدولة على هذا الأصل وخدمة هذه المقدسات يعد من أعظم مصادر تأثيرها في العالم, كيف لا وقد قامت بذلك خير قيام, وأعطت الصورة المثلى في التفاني في خدمة هذه البقاع المقدسة, حتى تشرف ولي أمرنا بهذا اللقب (خادم الحرمين الشريفين) متخلياً عن كل الأوصاف التي يستحقها إلى هذا اللقب الذي له دلالته العميقة, ألا ما أعظمه من لقب, وما أصدقه من وصف, فقد قدم ولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - ويقدمون الغالي والنفيس من أموالهم وأنفسهم خدمة ورعاية وعناية وحماية, ويجندون الطاقات, ويبذلون المقدرات لتتحول هذه المدن المقدسة إلى مدن مثالية على مستوى العالم, وهذا ظاهر قائم لا ينكره إلا مكابر أو جاحد.

ومن مسببات هذا التقدير العالمي لتأثير هذه الشخصية الفذة والإمام العادل خادم الحرمين الشريفين ما يتعلق بمبادراته المخلصة التي تنشد استنهاض الدولة العالمي ليتحقق له بذلك السلم والحق والعدل, وجمع الكلمة, وهذه الروح التصالحية التي اتسمت بها المبادرات الملكية تمثلت في دعوته - أيده الله - إلى حوار اتباع الأديان ودعوته دائماً إلى التسامح بدلا من الحروب والدمار مما أكسبه تقدير العالم، وهي تمثل في الوقت ذاته إسهامًا في محاربة كل مظاهر التطرف والغلو والإرهاب التي نسبت للإسلام, وتحمل وزرها من قاموا بأفعال منكرة, وتصرفات شاذة ألبسوها زورًا لبوس الدين, وشوهوا صورة الإسلام بها, فقام مليكنا - أيده الله - بتحمل المسؤولية كاملة لتصحيح هذه الصورة المشوشة, وتنقية الدين مما ألحقه به أولئك, وإبراز المثل العليا في الإسلام, التي يلتقي عليها عقلاء العالم, ويمكن من خلالها التعاون والتعايش والتسامح, لأن ما جاء به الدين يمكن أن يحقق للعالم العدل والخير.

ومن مسببات هذا التقدير ما يتعلق بالشأن الداخلي الذي صار به عهد ملك الإنسانية عهد خير وبركة على هذا الوطن الآمن ومواطنيه، ولست هنا بصدد رصد الإنجازات الملكية لخادم الحرمين الشريفين أو حشد المقام بأرقام وإحصاءات مع أهمية كل ذلك، لكني أردت أن تكون هذه الأسطر تعبيرًا صادقًا عن مشاعري التي لا أملك إخفاءها واخال أن كل مواطن يحملها تجاه ولي أمرنا، وباني نهضتنا، وحامي وحدتنا خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله وأعزه ونصره - خصوصًا ذلك النهج الإصلاحي الذي قاده وتبناه, وأصبحت رؤيته فيه تمثل مكتسبًا داخليًا أوصل بلادنا المباركة ووطننا الآمن إلى مصاف الريادة العالمية في العلم والتعليم, والقضاء والفتيا, وكل مناحي الحياة, ويكفي أن نستشهد على ذلك بما وصل إليه التعليم العالي في عهده - أيده الله - حيث جعله الهم والهاجس الأول, والأولوية المتناهية حتى أثمر هذا الهم نقلة نوعية متميزة في مسيرة التعليم العالي, وتجسد هذا الاهتمام في حضارة علمية, بل وإبداعية لم تشهدها مملكتنا منذ قيامها بل ومنذ تأسيسها, ولذا يحق لنا أن نفخر بأن هذا عهد التعليم العالي, والبناء الحضاري, والإسهام المميز, الذي سيبقى في ذاكرة التأريخ, وتتداوله الأجيال جيلاً بعد جيل, تردده كما رددت شأن حضارة المسلمين في الأندلس وفي بغداد وغيرهما من حاضرات العلم في الحقب التأريخية الغابرة, وسيُنظَر إلى منشآت التعليم العالي على أنها بيوت حكمة كما حفظ التأريخ بيت الحكمة في الخلافة العباسية.

منظومة من الإصلاح الداخلي, والتأثير العالمي أوجبت الاعتراف والتقدير والإشادة بشخصية مليكنا - حفظه الله -, ومن هنا فإنني وأنا أستشعر عظم المنة لله بما أفاء على مليكنا لأجد أن البيان عاجز، والبلاغة قاصرة، والأحرف لا تفي بمكنون الفؤاد، كيف لا والمعبر عن منجزاته التي استحق بها وبجدارة هذا التقدير العالمي عظيم من عظماء المسلمين، وإمام فذ، ووالٍ عادل، وحاكم رشيد، والحديث عن منجزاته في فترة حكمه الممتدة - بإذن الله - لا يعني أن هذه المنجزات قفزة بدون مقدمات، أو عمل بدون بدايات، بل هي عطاءات لمليكنا ابتدأها في مدرسة المؤسس لينذر نفسه خدمة لهذا الوطن, وتتوالى عطاءاته حتى توجت بهذه التقديرات العالمية, فالحمد لله الذي سدد مليكنا بهذه المواقف والمبادرات, والحمد لله على ما أولى من هذه الشهادات والإشادات.

إن من أبرز المعاني التي يجب إبرازها في خضم هذا التقدير العالمي أن نذكر أن هذا الفضل - بعد فضل الله - يعود إلى أن خادم الحرمين الشريفين يتمتع بسمات شخصية, برزت فيها مقومات التأثير بل وسحر البيان والمواقف, فمن يرصد السمات الشخصية التي تميز مليكنا المحبوب من خلال لقاءاته والمناسبات التي يلتقي فيها المواطنين وعموم الناس يترسم في هذا الملك الإنسان الحنكة والحصافة، والنزعة العربية الإسلامية والمحبة الصادقة لشعبه ووطنه، ومع ذلك البساطة المتناهية، التي يعيش فيها مع شعبه وكأنه واحد منهم، ويحتل الوطن والمواطن سويداء القلب، فالوطن يعيش مع ملكينا كل لحظة من لحظات عمره المديد - بإذن الله - لا يرضى له إلا الصدارة، والرقي والحضارة، والأخذ بكل معطيات الحياة المعاصرة وما يضمن الأمن والاستقرار، مع الحفاظ على الثوابت والأسس التي قامت عليها هذه الدولة المباركة بإدارة غاية في البراعة, وتجسيد لتلك المعاني العظيمة في واقع التعامل، ولذلك سطر التاريخ لولي أمرنا - أيده الله - بأن أمرين لا مساومة عليهما، الدين والوطن، وأما المواطن فهو بالنسبة لمليكنا خصوصًا ولولاة أمرنا عمومًا الاستثمار الأمثل، والركيزة الأساس لكل نهضة وتقدم فكل خطط التنمية، وكل مقدرات الدولة ومكتسبات الوطن تسخر لهذا المواطن، إن هذه السياسة الداخلية هي ما يميز ولاة أمرنا - أيدهم الله - فلئن فاخرت أمم بالديمقراطية فإن رصيد ولاة أمرنا من ذلك ما يمثل الصورة المثالية، والمنهج الإسلامي يصل المواطن إلى أعلى مسؤول في الدولة من خلال سياسة الأبواب المفتوحة، ولذا فإنه لا يستغرب ذلك الرصيد الشعبي من المحبة والولاء واللحمة لمليكنا - أيده الله - ولتهنه الخيرية التي أخبر بها المصطفى حين قال: «خيار أئمتكم الذين تحبوهم ويحبونكم وتصلون ويصلون لكم», ونشهد الله - جل وعلا - على حبنا لولاة أمرنا, ونسأل الله أن يديم علينا نعمة ولايتهم, وهذه اللحمة من مسببات التأثير الذي أورث التقدير العالمي.

وأما في المجال العربي والإسلامي والعالمي فإن اختيار خادم الحرمين باعتباره ثالث الشخصيات المؤثرة يعني استناد المجلة إلى معطيات علمية وإحصائية وافية, ومعايير دقيقة كما مرّ, ولذا يحق لنا أن نفاخر بأن إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله يعد بحق أحد أقطاب السياسة في العالم، حقق بحنكته وسياساته وقوته دورًا رياديًا تلعبه المملكة العربية السعودية على الساحة الدولية، وتمثل ثقلاً عربياً وعالمياً في كل المحافل الدولية من حضور يتسم بقوة التأثير والمصداقية, كما أن خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - يتصف بروح من الشجاعة والحكمة أهلته للتربع في مكان القادة القلائل في العالم الذين يصغى إليهم ويسمع لآرائهم باهتمام شديد، خاصة أنه مشهود له بصواب الرأي وبعد النظر والحكمة في المواقف الصعبة، إضافة إلى الثقل الاقتصادي البارز الذي تتميز به المملكة؛ لذا فإن ما تحقق من فضل عظيم, وخير عميم لا نملك إزاءه إلا أن نقول بشعور الممتن لله, الشاكر لنعمه المستشعر لقدر ولاة أمره: هنيئًا لنا بخادم الحرمين، وإمام المسلمين، لقد مكن لهذه البلاد، وقادها باقتدار إلى الريادة والمثالية الطموحة، فالحمد لله الذي وفق خادم الحرمين الشريفين إلى مثل هذه المساهمات المؤثرة، التي غيرت كثيرًا من المفاهيم والتصورات التي كان يحملها البعض عن الإسلام عمومًا، وعن بلاد الحرمين خصوصًا، ويشرفني بهذه المناسبة السعيدة أن أرفع لمليكنا المفدى, وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التهنئة الخالصة, والتبريكات الصادقة بهذه الإشادة التي هي تاج على رؤوسنا, ومصدر فخار واعتزاز, ثم الشكر لله - جل وعلا - على توفيقه, وحقه علينا الدعوات الصادقة, أن يتم الله سبحانه عليه نعمه, ويسبغ عليه فضله, ويكلأه برعايته, ويجعل هذا التقدير والاعتراف من عاجل بشراه في الدنيا, ويدخر له أجزل المثوبة, وأعظم الأجر في الآخرة, ويزيده عزًا وتمكينًا, ويجعله من أنصار دينه وأعوانه، وممن يجدد الله بهم الدين في هذا العصر، كما نسأله سبحانه أن يحفظه بحفظه، ويكلأه برعايته، ويمده بعونه، ويديم عليه نعمه إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

هكذا يصنع التاريخ بأيدي العظماء
د. سليمان أبا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة