Tuesday  09/11/2010 Issue 13921

الثلاثاء 03 ذو الحجة 1431  العدد  13921

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

دعتني صديقة للعشاء بحضور ثلة من سيدات المجتمع الشهيرات، وحيث نزلنا في ضيافتها كانت تهيمن الأحاديث المشتركة والجانبية على ما يدور في المشهد العام من تبدلات يكاد المتابع لها ينبهر لسرعتها وحدتها بل الإصرار عليها، من ذلك هيمنة اللغة الأجنبية على ألسنة الناشئة بما يقلق نحو اللغة العربية ولسان التخاطب المشترك، ومنها الاستخدام المسرف لوسائل الاتصال المتنقل كأجهزة الحاسوب سواء المنفردة أو المندمجة في أنظمة الهواتف النقالة، ثم التغير الذي اشتد وطيسه في السلوك الاستهلاكي العام المناقض لدعوات الإرشاد، والوعي بقيمة الدخل, والعمل على تغيير مناهج الدراسة ضمنياً لتواكب ما يتطلبه الراهن من ثقافة عامة وثقافة خاصة تمكّن الفرد من التعامل مع معطيات الحياة في مجالاتها المختلفة؛ ليتحقق له العيش في اطمئنان لخبراته فيها, إلى جانب الحفاظ على أسس السلوك القويم النابع من آداب التعامل والتبادل مع الآخر، سواء في احترام الشكل الخارجي أو التقيد باللفظ المهذب، وأيضاً الحفاظ على الحد الأدنى من رشد العقل في مواقف التفاعل أخذاً وعطاء.. لكن الذي يؤسف واتفقت عليه الحاضرات أن هناك تسيباً وانفلاتاً في كل أمر، إلى جانب سوء استخدام مقدرات الوسائل المتاحة، ومن الدلائل على ذلك هذه الإحصائيات التي توردها الوسائل المختلفة عن أعداد المستهلكين للأرقام الهاتفية عند جميع شركات الاتصال، أو المستهلكين للإنترنت فإذا هم الأغلبية من هنا.. الأكثر إيلاماً أن الأساس المهم لكيان هذه الأمة وهو دينها وعلومه بل واجباته اليسيرة في الصلاة وعنها، وفي فقه العبادات، والمعاملات بدءاً بالنفس، فإنها آخر ما يفكر فيه ضمن هذه الاندلاقة نحو التغيير، بل تقول منهن: لعلنا نلحظ تهافت الكتّاب الصحفيين اليومي على الطرْق فيما يعتبر من قواعد وسياجات خصوصية مجتمعنا، ومع ذلك يتعمدون تقويضها، والناس تتلقف ما يكتبون, وبلا شك فإن الغوغاء والعامة ويسيري الخبرات والمعارف واليقين سوف يتأثرون بهذا الطرْق، وبتلك التيارات القوية الدخيلة والمؤثرة.

قالت إحداهن: كل جمعة تجتمع عائلتي بحفيداتي وأحفادي فأجدهم متناثرين بين الحجرات كل مع جهاز هاتفه أو حاسوبه، فأجمعهم وأقرأ معهم سورة الكهف التي وهبني الله تعالى حفظها، وأطلب منهم حفظها والتعود على قراءتها ومن ثم في المستقبل عليهم أن يفعلوا. وتضيف: جيلنا لا يزال منشؤه خيِّراً، ولكن ما الذي سيؤول إليه هذا الجيل..؟ تضيف أخرى كانت تستمع بصمت متحسرة: كنت في زيارة عزاء لأسرة صديقة توفي أبوهم، منذ وطئت مجلس العزاء وإلى أن غادرته لم تقع عيني على عيون بناته الشابات الأربع، سألناها هل كن يبكين..؟ أو حزينات نائمات..؟ قالت لا، ولكنهن كن منكفئات بعيونهن على هواتفهن الجوالة، يقبضنها بأيديهن، ويكتبن..

هذا هو الواقع..

عدت وفيّ من التخمة ما فاضت به النفس تفكراً وحسرة وقلقاً على ما هو آت..

 

لما هو آت
مقتطفات جانبية
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة