Wednesday  10/11/2010 Issue 13922

الاربعاء 04 ذو الحجة 1431  العدد  13922

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

كنت أظن أن آثار المرحلة «الصحوية» التي أفرزت فهماً متطرفاً للدين، قد خبا ضؤوها، بعد أن استبان القوم خطرها وجنايتها على المجتمع؛ غير أن المتابع لما يطرح عبر الصحف والمواقع الإلكترونية من لغة حادة ونبرة متشددة، واتهامات لكبار المسؤولين، ناهيك عن حروبهم الفجّة على «رويبضة» الصحف من مثقفين وكتاب قد أعادني إلى فترة الرواج لهذه المرحلة المدمرة قبل أكثر من ربع قرن، وحينها شاعت بعض المصطلحات الدخيلة على مجتمعنا لتشكل جزءاً من قاموسنا اللفظي والفكري والاجتماعي، فأصبح هناك زواج إسلامي، وأدب إسلامي، وحلاقة إسلامية، عدا عن مفردات ينعتون بها مخالفهم ك(علماني، وحداثي، وفاسق) وغيرها من الألفاظ التي أطلقها الصحويون آنذاك؛ وأذكر في هذه الفترة أن أحد زملائنا المعلمين المتحمسين - قبل أن أطلق هذه المهنة - أخذه الحماس فافتتح صالونا للحلاقة شعاره: (نحن لا نحلق اللحى)! ولم يمض كثير وقت حتى رأيت لوحة تعلو واجهة الصالون: «للتقبيل لعدم التفرغ»! تلك الفترة بمالها وما عليها، كانت سببا رئيسا في الكثير من المشكلات التي طرأت على تفكير المجتمع، ونمط حياته، أشعل نارها معلمون عرب جلّهم من «الأخوان المسلمون» الذين يعملون في بعض جامعاتنا، والذين عن طريقهم خرج جيل من الشباب من المؤمن بأفكارهم الدينية والسياسية والجهادية؛ مما انعكس على نمط حياة المجتمع، وأدى إلى نشوء ثقافة جديدة لم نعهدها (ثقافة الكراهية) والتوجس من الآخر، حتى أن أفراحنا - على قلتها - لم تسلم من ولوج هذا الفكر المتشدد، فصادروها، وأصبحنا نسمع بزواج إسلامي، حتى إن أحد المكاتب راح يعلن من خلال الصحف عن استعداده لإقامة العرس على «الطريقة الإسلامية» من خلال تجنيد بعض الوعاظ وطلبة العلم الشرعي لإلقاء المواعظ والخطب بدلا عن جو الأفراح والألعاب الشعبية التي عادة ما ترافق الأعراس!

أنا - والله - لست ضد التدين كسلوك سوي، وقيمة نبيلة، وفطرة أصيلة في المسلم الحق، ولكنني بالتأكيد ضد هذا النزوع إلى التشدد والغلو وكراهية الحياة، والولوغ في أعراض المسؤولين ومحاكمة نوايا الكتاب، وضد هذا الفرز المريب بين فئات المجتمع، وضد أن ينبري أناس معينون لينصبوا أنفسهم كأوصياء علينا.

ثمّة أزمة حقيقية نتلمسها من خلال مطالعاتنا لبعض الصحف والمواقع الإلكترونية بإمكاني أن أوغل فيها بشكل واف؛ غير أن هذا ليس مبتغاي.

ما أريد قوله في النهاية هو: أن الفكر «الإسلاموي» مهما حاول مشرفو هذه الصحف والمواقع نفيه هو «معاول هدم» حقيقية تنهش في بنيان الفكر الوسطي للإسلام الذي عرفناه بقيمه وقداسته ونبل مقصده، ومن المفيد التنبه إلى خطورة ذلك، عن طريق إفساح المجال أمام قادة الفكر المتسامح من علماء شرعيين ومثقفين، نحن بحاجة إلى فكر متسامح يتسع لكل الآراء، فالاختلاف في زعمي سمة بشرية لا تنتقص من حق أحد، وترنو في رؤيتها إلى نشدان الحقيقية المجردة عن كل حيف..

فهل نحن فاعلون؟!

alassery@hotmail.com
 

إيقاعات
الفكر الصحوي.. هل عاد من جديد؟
تركي العسيري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة