Wednesday  10/11/2010 Issue 13922

الاربعاء 04 ذو الحجة 1431  العدد  13922

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

تحرص الدول المتقدمة على تحقيق المعادلة بين التنمية الصناعية، والمحافظة على صحة الإنسان وسلامة البيئة، فالتنمية إنما وضعت لخدمة الإنسان، وعمارة الأرض، ومن أجل تحقيقهما تسعى الجهات المسؤولة إلى سن القوانين الصارمة حفاظا على صحة الإنسان وسلامة بيئته المحيطة، والبيئة الأكبر المؤثرة في حياة الشعوب والأمم. بدأت بعض الدول الغربية، تحت ضغط المنظمات، الهيئات، والجمعيات المهتمة بالبيئة، في منع إعطاء تصاريح للمصانع عدوة البيئة، كمصانع البتروكيماويات، التكرير، والغازات السامة على سبيل المثال لا الحصر، وهو ما دفع الشركات العالمية للبحث عن بيئة بديلة حاضنة لمجمعاتها الصناعية الخطرة، فوجدت ضالتها في الدول النامية الأكثر تساهلا في قوانين البيئة وأنظمة السلامة.

مخلفات الصناعات الخطرة تحتاج، في الغالب، إلى معالجة خاصة قبل التخلص منها وهو ما يزيد من تكلفة المعالجة، أو طمرها وفق معايير دقيقة مُكلفة، وبأساليب تحمي البيئة وصحة الإنسان من أخطارها المتوقعة.

تسعى بعض الشركات العالمية، وربما الدول، تهربا من التكاليف الباهضة والقوانين البيئية الصارمة، إلى التخلص من مخلفاتها النووية، الكيميائية والجرثومية الناتجة عن التجارب الخطرة بإرسالها إلى الدول الفقيرة وطمرها في أراضيها تحت إغراء المال، أو ربما استغلال النفوذ والسيطرة على أراض بعيدة عن أعين الرقيب.

شركات النقل البحري العالمية تستغل المياه الإقليمية للدول النامية لتفريغ مخلفات خزاناتها الخطرة، أو غسلها لاستقبال نوعيات مختلفة من المواد السائلة السامة، أو حتى تفريغ خزانات التوازن المُختَلِطة ببقايا المواد الخطرة في البحر، وقبل وصولها الميناء، في مخالفة صريحة للأنظمة والقوانين البيئية العالمية.

بعض شركات النقل البحري تستخدم سفنها لنقل مواد مختلفة لا يُسمح بتخزينها في مكان واحد وإن اختلف زمن الشحن، كنقل زيوت الطبخ السائلة وتفريغها في الميناء ومن ثم التوجه إلى ميناء دولة أخرى لنقل مواد بتروكيماوية في نفس الخزان السابق وهكذا دواليك في رحلتي الذهاب والعودة دون مراعاة لأنظمة النقل وقوانين الصحة والبيئة.

مثل تلك المخالفات تحدث في الدول النامية، وبعض الدول الخليجية، أو ربما جميعها، وهو ما يؤثر في سلامة البيئة البحرية وصحة الإنسان.

أما الدواء والغذاء، فأمرهما أشد خطرا وفتكا بالصحة.

وفي السوق السعودية تنتشر الأدوية المقلدة التي تفتك بالإنسان بدلا من معالجته، والأدوية منتهية الصلاحية التي يُعاد وضع صلاحيات جديدة على عبواتها لضمان الحصول على إذن الفسح الجمركي، أو الأدوية التي لم يتبقى على إنتهاء صلاحيتها إلا أشهر معدودة حيث يستوردها التجار بأثمان بخسة ويعيدون بيعها بأسعارها المرتفعة.

الأطعمة المستوردة، والمصنعة محليا، وبخاصة أطعمة الأطفال الجاهزة، لا تخلو من المواد الحافظة، المضافة، والملونة التي تفتك بالكلى، البنكرياس، والكبد، وكذلك الأطعمة السريعة.

عدم تطبيق المعايير الصحية العالمية في تصنيع الأغذية يؤدي إلى تفشي الأمراض المستعصية، ومنها أمراض السرطان، السكر، والكلى التي باتت تنتشر في المناطق السعودية بشكل لافت، خلال السنوات العشر الأخيرة، وبنسب نمو تصاعدية تؤكد تهاون الجهات المسؤولة في تطبيق الأنظمة والمعايير العالمية المعنية بحماية الإنسان والبيئة من خطط التدمير المتعمدة التي تمارسها الشركات العالمية والمحلية مقابل لكسب المادي.

عندما يوجه الاهتمام نحو المال وجمعه وبمعزل عن صحة الإنسان وسلامة البيئة تأتي النتائج مدمرة، وإن ظهرت على المدى القصير بوادر الانتعاش، والترف، وبحبوحة العيش؛ فالأعمال بخواتيمها، وخاتمة الإضرار بصحة الإنسان وسلامة بيئته كارثية ولا شك، ولعلنا نشهد اليوم بعض نتائجها العاجلة، ونسأل الله السلامة مما أُوجِلَ منها.

قبل التفكير في التنمية الصناعية، ونشر المصانع الخطرة يجب أن نفكر بأضرارها، وكيف نحمي المجتمع منها، ونُرغم الشركات على تطبيق أعلى معدلات الجودة ومعايير السلامة، إضافة إلى إلزامها، بنص القانون، تقديم مساهمات مالية لا تقل عن 1% من أرباحها السنوية لتمويل برامج خدمة المجتمع، وتحمل مسؤولية علاج المرضى وفتح المستشفيات المتخصصة ودفع التعويضات للمتضررين.

وقبل السماح بدخول الغذاء والدواء إلى السوق المحلية يُفترض أن نتأكد من مطابقتهما المعايير الصحية العالمية والمواصفات المحلية وبما يضمن سلامتهما وعدم تسببهما في إحداث الضرر بصحة الإنسان وسلامة البيئة.

أما بعض الأطعمة المصنعة محليا، والوجبات السريعة فأحسب أنها من مسببات انتشار الأمراض المستعصية، خاصة تلك التي تستهدف شريحة الأطفال في السوق المحلية.

«الحوار الوطني» في مدينة الجبيل الصناعية

أتمنى على معالي الشيخ صالح الحصين، رئيس اللجنة الرئاسية لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، أن يهب مدينة الجبيل الصناعية شرف احتضان أحد لقاءات «الحوار الوطني».

فالمدينة تمتلك كل مقومات النجاح الذي يمكن أن تدعم «حواراً موضوعياً بين المجتمع والمؤسسات والقطاعات المختلفة، وبما ينعكس على الأفق المستقبلية للوطن والمواطن».

المدينة الصناعية الأضخم على مستوى العالم ستزداد بهاء باحتضانها مثل تلك التجمعات الوطنية التي يمكن أن تستمد رؤاها المستقبلية من أرض الواقع، الشاهد الحي على التطور المدني، الحضاري، الصناعي، الفكري، والتركيبة الاجتماعية المختلطة والمتجانسة بصورة لافتة.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
صحة الإنسان وسلامة البيئة
فضل سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة