Wednesday  10/11/2010 Issue 13922

الاربعاء 04 ذو الحجة 1431  العدد  13922

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

           

في صوته حنين وفي عبارته رحمة وفي كلامه حلاوة وفي أسلوبه شوق ورضا وقناعة هكذا هو معالي الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام السابق، ولد بمكة المكرمة (1359 -1431هـ الموافق - 2010م-1940م) رحمه الله.

ودعنا كبيرا كما كان طوال حياته؛ إنسانا سامي الرؤية، واضح المنهج، بشوشا لكل أحدا، صادقا مع كل إنسان؛ احتار معه محبوه، تارة يصفونه إعلاميا من طراز رفيع، ومرة أستاذا جامعيا من جيل فريد، وتارة تربويا من جامعة عريقة تخرج وهو كل ذلك؛ وفوق ما يصفون:

أُوتيت من سِحر البيانِ طَلاوةً

وعلى جبينك تُشْرقُ الأنوارُ

جَمُّ التواضعِ مَسْلكاً وخَليقَةً

ورداؤُك الإجلالُ والإكبارُ

قمرٌ أضاءَ سماحةً وتلطّفاً

في ضَوئِهِ يَتَسامر الزّوارُ

لا تَنطقُ القولَ الجزافَ تحوّطا

من أَن يُصيب الأبرياءَ ضِرارُ

هو الإنسان والمفكر والداعية والمربي والدبلوماسي الكبير؛ كان أستاذا في شمائله؛ وداعية بتواضعه؛ وحبيبا بإنسانيته العظيمة؛ كيف ومدرسته الأولى رواقات الحرم المكي الشريف. ومكة مدرج صباه ومتربعه وهواه وأنسه وصفاء جوه. يصفه الأستاذ حمد القاضي ب(رجل المحبة والمواقف) ويقول عنه الأستاذ الراحل عبد الله الحصين - رحمه الله - رجل يزرع الحب ولم يحاول اصطناعه لأنه لا تكلَّف لأنه يتصرف دائماً عن التزام أخلاقي وحميم وحب، لهذا أحببناه يزرع الخير وما زلنا نحبه.

درس المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية بمدارس الفلاح وتخرج منها عام 1383هـ. وتلقى تعليمه في مرحلة البكالوريوس في تخصص الجيولوجيا من جامعة الرياض (الملك سعود حالياً) عام 1387هـ. ونال الماجستير والدكتوراه في التخصص نفسه جيولوجيا من جامعة كورنيل بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1390هـ.

أما مناصبه فعمل معيداً بكلية العلوم جامعة الرياض سنة 1387هـ ثم محاضراً، ثم أستاذاً مساعداً، ثم أستاذاً. فوكيلا لوزارة المعارف للشؤون الفنية عام 1392هـ؛ ثم وكيلاً لجامعة الملك عبد العزيز خلال الفترة من 4-8-1392هـ إلى 28-7- 1393هـ؛ فمديراً لجامعة الملك عبد العزيز خلال الفترة 28- 7-1393هـ إلى 20-9- 1395هـ؛ فوزيراً للإعلام خلال الفترة 20-9-1395هـ إلى 11-7-1403هـ.

له خمسة وثلاثون مؤلفاً بعضها باللغة الإنجليزية، تناول من خلالها مواضيع علمية ودينية وثقافية وإعلامية وفكرية مختلفة من أبرزها:

- علموا أولادكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم - روسيا والمسلمون ومحنة الانفتاح الجديد - المعادلة الحرجة في حياة الأمة الإسلامية - الإعلام العربي ما بعد أزمة الخليج العربي - نظرات علمية حول غزو الفضاء - الأطباق الطائرة حقيقة أم خيال - قادم من بكين والإسلام بخير - أحاديث في الإعلام- مشرد بلا خطيئة - فتاة من حائل - اليد السفلى - جراح البحر - وداعا هالي - للعقلاء فقط - وكشفت أزمة الخليج عورتنا - الجيولوجيا الاقتصادية.

تلك بعض سيرة رجل يحب الخير ويعمل من أجله؛ ورجل إعلام من الطراز الأول؛ وهو بحق مؤسس الإعلام السعودي الحديث، وأول وزير إعلام ينقل للمواطن قرارات مجلس الوزراء وأول وزير يؤسس للتلفزيون الملون في المملكة العربية السعودية، كما شهدت وزارته أهم أحداث التأزم فيما يسمى بأحداث الحرم وفتنة جهيمان؛ شهدت أجهزة وزارة الإعلام في عهده تطورا في كل شيء فالكفاءات ابتعثت للدراسة في الغرب؛ وتسنم المختصون كثيرا من مؤسسات الوزارة.

يقول الدكتور هاشم عبده هاشم عن مرحلة د. يماني الإعلامية « هو أول من أصدر بياناً عن تفاصيل اجتماعات مجلس الوزراء حيث أقدم على هذه المجازفة دون سابق تنسيق أو ترتيب مع الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله.. وقد توقع الكثيرون من المحيطين به أن يُحاسب على تلك الخطرة وأن يثير غضب الملك.. لكنه فوجئ بالقبول وبإشادة الملك.. وبتقدير الناس.. فأصبح ذلك تقليداً أسبوعياً دمج فيه الوزير الأكاديمي الناس في تفكير الدولة وفي اهتماماتها بشؤون المواطن ومواقفها تجاه قضايا العالم وأحداث الساعة؛ كما أنه يُحسب لمعاليه تحقيقه لسلطة الرقابة على الكتب والمطبوعات واستثناء الأدباء والمثقفين من السؤال لدى المنافذ الجوية وغيرها.. والسماح بعرض الكثير من الأعمال والمطبوعات (الممنوعة) من خلال المكتبات القائمة أو عبر المعارض المخصصة لذلك، فضلاً عن أنه أعطى الجامعات (وهو القادم من واحدة منها) حق بناء مجموعاتها المكتبية وإصدار دورياتها العلمية والثقافية مباشرة دون تدخل وزارة الإعلام؛ ولا ينسى الإعلاميون جهوده الكبيرة لنصرتهم والدفاع من جهوده الإعلامية الرائدة افتتاح المراكز الإعلامية، وفي هذا يقول الدكتور بدر كريم في كتابه نشأة الإذاعة السعودية «في 16 ربيع الثاني عام 1402هـ افتتح د. محمد عبده يماني، المركز الإعلامي بالرياض، الذي يعتبر واحدا من مراكز مماثلة، أقيمت في جدة، ومكة المكرمة، والقصيم، والأحساء، وأصبحت إذاعة القرآن الكريم إذاعة مستقلة في عهده عام 1398هـ، وتوحيد البث الإذاعي من الرياض وجدة عام 1399هـ». كما أصدر إبان شهر رجب من عام 1399هـ «القواعد العامة الأساسية للأخبار في الإذاعة والتلفزيون». يعبر عن مرحلة وزارته للإعلام من عمل تحت قيادته د. عائض الردادي (عندما تعين د. يماني وزيراً للإعلام كان شاباً، ملأ إيهابه العلم والتواضع، وكان الإعلاميون - وما زالوا- يحسون أنه قريب منهم وقريبون منه، وكان منزله كمكتبة ملتقى للإعلاميين، وكان إذا دعا ضيفاً في منزله من خارج المملكة دعا معه من يماثله في المملكة في مهنته، وكانت حوارات المجلس حوارات ثقافية ممتعة، ولقد ترك محمد عبده يماني في الإعلام تاريخاً ملؤه النزاهة وحب العاملين معه له، وقبل ذلك دين وخلق عربي كريم.

وبقي وفيا لمكة المكرمة، بارا ببلده، أصيلا في معدنه، مشاركا في كل خير يخدم رسالة الوطن وقيمه ومثله وهو ما عبر عنه رفيق درب له وعالم كبير جم التواضع، غزير العلم إنه د. عبد الوهاب أبو سليمان حينما يقول عن الراحل الدكتور محمد عبده يماني «هو أنموذج لابن مكة البار في خصائصه، وسجاياه، وسلوكه، مشعل يضيء المجتمع بفكره، وأصالته وحبه لوطنه، وغيرته على مكتسباته، يتدثر الحب والإخلاص في جميع أعماله مبتغياً بذلك وجه الله؛ معالي الدكتور محمد عبده يماني معدن أصيل لم تغيره المناصب، متواضع، ذو مواهب متعددة: إدارية، وعلمية وفكرية متنوعة، سريع البديهة لماحاً، متشبعاً بعواطف دينية متدفقة، ومشاعر إنسانية نبيلة، هذه مفاتيح شخصيته، وسر تفوقه.

رحم الله الحبيب الدكتور محمد عبده يماني وأسكنه فسيح جناته وغفر الله له هفواته وجعل منازله الفردوس الأعلى وألهم أهله وذويه وأهل مكة المكرمة ومن أحبه الصبر والسلوان اللهم آمين

 

الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله.. رجل المحبة والمواقف جَمُّ التواضعِ
عبدالعزيز بن زيد آل داود (*)

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة