Thursday  11/11/2010 Issue 13923

الخميس 05 ذو الحجة 1431  العدد  13923

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

رحيل رجل المواقف الإنسانية وصديق الإعلاميين
المثقفون والإعلاميون: فقد الوطن أحد رموزه وأحد أبنائه البررة

 

رجوع

 

جدة - صالح الخزمري :

عبر عدد من الإعلاميين والمثقفين والكتاب عن حزنهم العميق لوفاة معالي د. محمد عبده يماني -وزير الإعلام الأسبق والمفكر الإسلامي المعروف.

وعدوا معاليه أحد رموز الوطن وأحد الرموز الحجازية على وجه الخصوص وأبرز الوجوه المألوفة لدى كل طبقات المجتمع.

الذكريات مع معاليه سواء في جامعة الملك عبد العزيز أو في وزارة الإعلام أو في الفترة التي تلتهما تحمل الكثير من الجميل لهذا الرمز الذي كانت بصماته واضحة في جامعة المؤسس ووزارة الإعلام وفوق هذا وذاك خلقه الجم الذي يغمر به الصغير والكبير وتواضعه الفريد الذي من خلاله فرض احترامه على كل من عرفه. تجدر الإشارة إلى أن « المجلة الثقافية « كان لها الشرف في إعداد ملف شامل عن معاليه قبل نحو عامين من الآن وتحديدا في 21- جمادى الأولى-1429هـ الموافق 26-مايو-2008م في العدد 249 وعمل حوار تطرقنا من خلاله إلى عدد من الجوانب الإعلامية والإنسانية والإبداعية

بداية يعبر د. عبد الوهاب أبو سليمان عن حزنه العميق لفقد الراحل الكبير ويقول :

دعوى معرفة شخص المعرفة الحقيقية تستدعي السفر معه، والتعرف على طباعه وخصاله.

السفر هو محك الشخصية لما يتعرض له الفرد إلى مختلف الحالات الطارئة، المريحة، والمتعبة من خلال تصرفاته، وتعامله مع الحدث الطارئ، والأشخاص الذين يجهلونه، هذه تجربة عشتها كاملة سفراً وحضراً مع معالي الدكتور محمد عبده يماني قبل أن يكون بيننا معرفة سابقة. حظيت بالسفر مع معاليه لأول مرة في رحلة إلى الجزائر في بداية التسعينيات الهجرية تعرفت عليه عن قرب، ولم يكن لي به سابق معرفة قبل ذلك برغم أن كلينا ينتمي ولادة ومنشأً، وتراثاً، وفكراً إلى مكة المكرمة.

شاءت إرادة المولى أن أكون ضمن أعضاء وفد المملكة العربية السعودية إلى الملتقى الفكري بالجزائر عام 1392هـ، وكان – رحمه الله - يرأس الوفد السعودي بحكم منصبه وكيلاً لوزارة المعارف آنذاك، وكنت قد اصطحبت عائلتي في الرحلة، فكان يتفقدها برعاية واهتمام، ويحيطها بنفسه بالسؤال عن ما يحقق راحتها، وراحة جميع أعضاء الوفد، يتباسط مع الجميع، يأنس بهم، ويأنسون به، في تواضع تام، ومن دون حواجز، وقد كان من بين أعضاء الوفد معالي الدكتور عبد الله نصيف، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد علوي المالكي (رحمه الله تعالى)، كان أعضاء الوفد منسجمين مع رئاسته فكراً وروحاً، وتنظيماً، وكانت من أسعد الرحلات وأجملها في تاريخ العائلة، وأعضاء الوفد.

أما الرحلة معه في الحضر فذلك حديث طويل لما ينته، وعلاقات وطيدة مستمرة، وتناغم فكري، وروحي، بدايته لدى تعيين معاليه مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز في بداية عهدها الحكومي، وكنت يومها عميداً لكلية الشريعة، جمع بيننا العمل ولكن في إطار أخوي رفيع.. بدأت أزداد تعرفاً على مواهبه وخصائصه الإدارية والأكاديمية، وكانت أحداث وأحداث يشتد السجال بيننا من أجل تقدم الجامعة، وتطورها، كنا نتفق حيناً، ونختلف أحياناً، ولا يغير هذا شيئاً من العلاقات الحميمة، والتقدير المتبادل بيننا، وكذا العلاقات بينه وبين كافة أعضاء هيئة التدريس والإدارة بالجامعة، كان الجو الجامعي في عهده نقياً فسيحاً، حراً للنقد الموضوعي المتجرد، والاعتراضات دون تحفظ في انطلاق غير مألوف في مجتمعنا بين الرئيس والمرؤوس، الكل حماس لأن يخطو بالجامعة إلى الرقي والتقدم بكل ما أُوتي من فكر، فكانت الجرأة والصراحة في الرأي دون تزلُّف، أو مجاملة، ومعاليه رحمه الله كان يتقبل كل ذلك بصدر رحب، بل ويشجعه، وكنت من أشد المنتقدين، والمطالبين بالمزيد لكلية الشريعة، ولفرع الجامعة بمكة المكرمة، وما كان يضيق بذلك، بل يرحب به، يتقبله برضا؛ لأن كل ذلك يصب في المصلحة العامة، يفعل ما يراه صواباً، ويأخذ به دون استعلاء، يزيده ذلك حباً، وإعجاباً في ابتسامات هادئة، وصدر رحب.

بقيت عميداً في عهده لعام كامل، وكنت أعتقد أنه عند انتهاء فترة عمادتي سيكون سعيداً بانتهاء فترتي للتخلص مني، لكني وجدته متمسكاً ببقائي فترة أخرى في عمادة الكلية، وبعث برغبته هذه ينقلها رموز من أساتذة الجامعة، وإدارييها، وأمام إصراري دون الرغبة في التمديد تحقق إعفائي من عمادة الكلية، وقدم لي في حفل جامعي ميدالية الجامعة من الدرجة الأولى.

إيمانه رحمه الله بحرية الرأي بلا حدود في الساحة العلمية جعله يعقد الاجتماعات لكافة أعضاء هيئة التدريس للجامعة في ساحة منزله بطريق الجامعة بجدة لمناقشة شؤونها في فضاء فكري رحيب، يشتد فيه النقد، وتطرح الأفكار في حرية وصراحة، ولست أُبرئ نفسي من موقف متشدد، وإصرار وذلك لا يزيده هذا إلا حباً للناقدين وتقديراً لهم، وعش قاً للجامعة، وبفضل الله ثم بفضل هذا الفكر المنطلق خطت الجامعة في عهده خطوات واسعة إلى الأمام، وشاهدت من التوسع في معظم المجالات الأكاديمية توسعاً كبيراً، ولا أشك أن الكثير الحاضر الذي أُنجز في جامعة أم القرى، وجامعة الملك عبدالعزيز هو نتاج جهوده.

فيما يشاركه الأستاذ محمد سعيد طيب الحزن لفقد د. محمد عبده يماني ويقول: علاقتي بمعالي د. محمد عبده يماني رحمه الله - - تمتد لأكثر من خمسين عاماً.. عندما - كنّا - في مكة المكرمة أثناء الدراسة الابتدائية والثانوية - في مرحلة واحدة - وإن لم نكن في مدرسة واحدة.

في الذاكرة.. عشرات المواقف والقصص.. وصور شتى للحلقة الذهبية من أعمارنا..!

منها: موقفه الإيجابي في أغلب المراحل - من تهامة - كدار نشر ومكتبات.. فقد أعطانا الصلاحية أن نستورد ما نشاء من كتب ومطبوعات.. على مسؤوليتنا.. أسوةً بالجامعات والمعاهد العلمية.

موقفه.. الذي لا يُنسَى.. عندما استطعنا - بعد محاولات مضنية - وبمساعدة الأستاذ الكبير عزيز ضيا - رحمه الله - أن نحصل على حق طباعة المحاضرة الشهيرة للرائد حمزة شحاتة.. (الرجولة عماد الخلق الفاضل). وكيف كان موقفه الرائع رحمه الله الذي لا ينسى.!

و في إحدى المرات.. تقدمنا لإجازة طبع أحد الكتب وجرت الإجازة.. وطبعنا الكتاب. وبعد طباعة خمسة آلاف نسخة.. والاستعداد لعرضه في المكتبات.. اتصل بنا أحد المسؤولين في الوزارة.. وقال- وبراءة الأطفال- في عينيه: الكتاب ممنوع.. رجعنا في كلامنا!

قلت له: يا معالي الوزير.. هكذا.. بكل بساطة.. وأين حق تهامة وحق المؤلف؟!

قال: نأسف.. سنستقبل كامل الكمية.. ونشتريها بضعف الثمن.. وقد فعلوا!!

المواقف - كما قلت - كثيرة.. ومتعددة.. ولعل أبرزها:

صدامي معه.!.. اصطدمنا فعلاً.!

أنا كرئيس لتهامة.. وهو كوزير للإعلام.. وتفاقم الخلاف.. إلى مرحلة درامية حقاً - رغم وساطة الوسطاء من أصدقاء الطرفين.

وبلغ الصدام ذروته.. بأن أمر - كوزير للإعلام - بإغلاق جميع مكتبات تهامة.. في جميع أنحاء المملكة، مكة، جدة، المدينة، الرياض، الدمام، أبها، تبوك.. إلخ.

كانت - في ذلك الزمان - أكثر من خمسين مكتبة ومركز توزيع.

وعندما أمر بفتحها - مرة أخرى - ركبت رأسي.. وأصررت ألا أفتحها.. لأني كنت موقناً - آنذاك - بأنهم مخطئون 100%.

وقلت للوسطاء: إذا كان من حقه - كوزير- أن يقفل المكتبات.. فإنَّ من حقي.. ألا أفتحها.! بل.. إن من حقي.. أن أغير المنتج المعروض إلى شيء مختلف تماماً: عطور.. أو كريمات.. أو بقول! إلا الكتب.. والمنتج الثقافي..!

وعليه أن يواجه المجتمع بأسره..!! فوجئت به - وبكل السماحة والنبل.. يدخل إلى بيتي.. ومعه الصديق الدكتور عبدالله مناع والصديق الأستاذ عبدالله فقيه.. مدير المطبوعات آنذاك في المنطقة الغربية: ليقول لي: لقد أخطأت في حق تهامة.. وتناولنا الشاي معاً.. وحان أذان المغرب.. فقام وصلّى.. وأتذكر جيداً.. ومعي الإخوان.. أنه - بعد الانتهاء من الصلاة - رفع يديه.. وقال: اللهم.. أخرجني مخرج صدق من وزارة الإعلام..!! رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

د. محمود زيني -

الأستاذ بجامعة أم القرى والأديب المعروف:

إنّ معالي د. محمد عبده رحمه الله رحمة واسعة تربطني به روابط أخوية وزمالة عمر طويل منذ أن كنا طلاباً في الثانوية، وكنا في تنافس شريف، وكنا نتنافس على منابر الفلاح وتحضير البعثات والمعهد العلمي السعودي، وهي المنارات التي كانت متسعة بالعلم والنور والأدب والإبداع في ذلك التاريخ المجيد. وشهادتي عنه رحمه الله مجروحة لعلاقتي وزمالتي له؛ لأني رأيت الأديب والعالم والأستاذ والفقيه والداعية والمفكر المؤرخ المكي الذي تشبعت نفسه بحب مكة المكرمة وحب أهلها، وهو منهم، وتعلق بها، لا ينساها في حله وترحاله وجميع أعماله، وهو على خُلق حسن كريم، يذكرنا بحب الصحابة والتابعين. ومَن يقلب في صفحاته رحمه الله سيجد له صفحات ناصعة البياض، وأعمالاً نبيلة كريمة تسطر تاريخاً ذهبياً في سجل حياته الدنيوية والأخروية.ولقد كرّم معاليه نفسه فكرمه أهل هذا البلد المعطاء.

(ومن لا يكرِّم نفسه لا يكرم)

رأيته رحمه الله في رحلة حياته منذ نعومة أظفاره فتى مكياً، عشنا معه حياة الشظف وقلة العيش، فبعنا البليلة في الحارة، وطوفنا في الحرم ساعات لكسب لقمة العيش، واجتهدنا في التحصيل العلمي.

كان معاليه رحمه الله أديباً، لم تشغله مهام وزارة الإعلام التي طوّر أساليبها لأول مرة، ولم تشغله الأستاذية في الجامعة أن يكون روائياً وقاصاً وراوية للشعر، يحفظه وينشده، وكانت له مؤلفات ترجم بعضها إلى بعض اللغات الأوروبية، وكان حظه في الصحافة والإعلام كبيراً؛ حيث مارس الإعلام هواية واحترافاً، ولطالما أسهم بنصيب كبير في هذا المجال، وكان المتحدث باسم مدرسة الفلاح وفي الجامعة (جامعة الملك سعود)، وكان حلقة الوصل بين أساتذته وزملائه.

أما أستاذيته فقد كان أكاديمياً ممن عشقوا رسالة الأنبياء في تأدية الواجب التعليمي، فكانت تلازمه ولا ينفك عنها على الرغم من كثرة أعبائه الوظيفية والقيادية، فعِلْم طبقات الأرض (الجيولوجيا) وغزو الفضاء كان مجالاً خصباً مارسه بحب وشغف، وألّف فيه وحاضر في ندوات جامعية ودولية، وأفاد الكثيرين من علمه الذي شاركه فيه رفيق دربه معالي د. عبدالله عمر نصيف مدير جامعة الملك عبدالعزيز الأسبق.

أما كونه فقيهاً فقد عاشر علماء وفقهاء كثيرين، وأخذ منهم واستفادوا منه ومن حواراته،

أما إذا ما نظرنا إلى جهوده الدعوية فإننا نجد له نشاطاً في هذا المجال لا يبارى في مثله؛ فقد أخذ على نفسه أن يجعل مهمة الإعلام دعوة لله ولنشر الإسلام ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وتبليغ كلمة الله للعالم أجمع.. وهكذا كانت دائرة الإعلام عنده، واتسعت لتكون لنا هذه الفضائيات التي تعطي صورة صادقة وواضحة عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت (اقرأ) تنشر عبر الفضاء الفضيلة والوعي بدين الله، وتنقل المشاهد الحية للصلوات الخمس في الحرمين الشريفين وفي الحج ورمضان، وحاز في هذا المجال قصب السبق، وجاءت من بعده (الرسالة) وبقية فضائيات الخير من (الفجر) والمجد للقرآن الكريم، وهذا بلا شك خير عميم

رحم الله معاليه وجعل ما قدمه في ميزان حسناته وإنا لله وإنا إليه راجعون

الأستاذ: عبد الرحمن المعمر:

لقد فقدت البلاد أحد رموزها الكبار، كان نجما مضيئا أينما حل أو رحل أو سار أو نزل

لقد عرفته عبر الوالد الشيخ عبد الله كامل نائب رئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء يوم كنت موظفا في الديوان قبل أربعين عاما، وقد كان يجل أهل الفضل وينزل الناس منازلهم أدركت ذلك من تعامله مع الأستاذ عبد العزيز الرفاعي

أني أردد في هذا الموقف قول الشاعر:

ولا ينبئك عن غدر الليالي

كمن فقد الأحبة والصحابا

ويقف المعمر عند اللقاء الأول مع معاليه رحمه الله يوم كان وكيلاً لوزارة المعارف للشؤون الفنية، وكان على قسط كبير من. وتقدَّم به السن وتقدَّم معه الرقّي بالمناصب فشغل منصب مدير جامعة الملك عبد العزيز التي شهدت في عهد رئاسته لها أكبر قفزاتها وأكثر نجاحاتها، ثم تسلم بعدها منصب وزير الإعلام فكشف عن مقدرة تؤكد ما قلته سابقاً من قدرة عجيبة على إدارة أكثر المؤسسات حساسية، وأثبت من أول جلسة لمجلس الوزراء شارك فيها أنه ملمّ بالعملية الإعلامية وعارف بدواخلها حيث ظهر على شاشة التلفزيون وفاجأ الناس بالتحدث عن جلسة المجلس وما دار فيها، وإعطاء ملامح عنها، فلم يصدق بعض الناس هذا التحول العجيب في الإعلام وحُسبت مكسباً له، واستمر هذا التقليد إلى يومنا هذا. وشهد الإعلام في عهده رحمه الله قفزات وتحولات خاصة في مجال التقنية الفنية، والأقمار الصناعية والتوسع في أعضاء المؤسسات الصحفية. ثم غادر رحمه الله الإعلام الى الأعمال الخاصة والشركات العملاقة، ولكن لم يغادر الوهج والأضواء فله في كلِّ مناسبة حضور وفي كلِّ محطّة حديث وفي كلِّ صحيفة مقال وفي كلِّ عمل شعبي واجتماعي مجال، فقد كان رحمه الله عضو ا في كثير من اللجان ورئيس للكثير من المجالس والجمعيات والشركات فلم ينطو على نفسه ولم ينزو في داره ولم يَدُر في حلقة ضيقة مع أشخاص محدودين ونفر معدودين، وهذا دليل آخر على ذكاء الرجل ورجاحة عقله.

ومع كل هذا وأكثر لا أدّعي أنني أحيط بكل شيء عنه رحمه الله إلا أنني أزعم أن للرجل مواقف تشهد له بالسماحة والمروءة والفضل والعقل فكل من يزوره في مكتبه يلحظ ويشاهد العشرات من الناس يقصدونه للشفاعة والمساندة والمساعدة فتراه يكلِّف بعض موظفيه بإنهاء طلباتهم وتحقيق أكثر شفاعاتهم.

ومن مزاياه التي تحسب له رحمه الله تقديره للفضلاء وإنزاله الناس منازلهم.

إن الحديث عن الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله رحمة واسعة كثير ومتشعب وأحسَبُ أنَّ كل من عرفه أو تعامل معه لديه الكثير.

لقد فقدنا رمزا كبيرا من رموز الوطن وعزاؤنا في ما قدم خلال مسيرته رحمه الله وعزاؤنا لأسرته ولكل محبيه.

الأستاذ عبد الله الشريف الكاتب المعروف قال: إن معالي الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله رجل من طراز فريد، بنى ثقافته على أصول عربية وإسلامية عريقة وراسخة، استمدها من قراءات جادة وواعية للتراث، ومن التصاق دائم بعلماء الحرم المكي الشريف، ومزجها بثقافة منتقاة من الغرب بحكم دراسته فيه وحصوله على الدكتوراه من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد نشأ رحمه الله في مكة المكرمة متطلعاً منذ أيام الطلب الأولى وهو على مقاعد الدراسة إلى العالم الأرحب، عالم العلم والفكر والأدب، وكان له من المواهب ما يؤهله لولوجه، فهو من رعيل جاءوا على عقب الرواد الأوائل، يسيرون على خطاهم، ويضيفون لما أبدعوا إبداعات، كان لهم مجلس يضم نخبتهم من الذين كانوا بعد نجوما ً في سماء الثقافة في بلادنا كالأديب الكبير عبدالله الجفري، رحمه الله وهناك الشاعران محمد إسماعيل جوهري ومحمد صالح باخطمة، والمثقف البارع محمد سعيد طيب وآخرون.

اتجه رحمه الله إلى دراسة الجيولوجيا فالتحق بكلية العلوم ليواصل بعد ذلك دراسته العليا في هذا المجال، فاستطاع أن يجمع بين الدراستين العلمية والأدبية، ولو جمعت كتاباته الأدبية لكانت سفراً يعيد إليه ذكريات الصبا، ثم كتب وحاضر في تخصصه العلمي (الجولوجيا)، ومارس العمل التعليمي والتربوي، فاشتغل بالتدريس في الجامعة، وعمل وكيلاً لوزارة المعارف (التربية والتعليم حالياً)، مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وكان من أعضاء اللجنة الأهلية التي أشرفت على إنشائها ابتداء، ثم أصبح وزيراً للإعلام، وعمل في المجال الخيري بعد تقاعده من الوظائف الحكومية، وعبر كل هذه المراحل من حياته رحمه الله كان وطنياً مخلصاً يعمل لوطنه دون كلل أو ملل، يتقن عمله في كل منصب تولاه، ثم انصرف إلى الكتابة في الفكر الإسلامي والعمل في الدعوة إلى الإسلام، فكان له في هذا المجال صولات وجولات، حملته إلى شتّى بقاع العالم، حيث عرف الناس فضله، وأشرب قلبه وروحه حب هذا الدين الحنيف (الإسلام) وحب سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فكانت مؤلفاته العظيمة في المحبة تتوالى: علموا أولادكم محبة رسول الله ثم علموا أولادكم محبة آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قدم للناس شخصيتين نسائيتين مهمتين في حياة المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم- هما أم المؤمنين خديجة بنت خويلد ثم فاطمة.

إن شخصيته رحمه الله ثرية في كل جوانب حياته،

وبموته نكون قد خسرنا أحد، رموز هذا الوطن الغالي ندعو له بالرحمة والمغفرة ولذويه بالصبر والسلوان.

د.رضا عبيد – مدير جامعة الملك عبد العزيز الأسبق - يعتبر أنه برحيل معالي د. محمد عبده يماني قد فقد أعز أصدقائه ويقول يعد الراحل رحمه الله الصديق العزيز والزميل الوفي والمحب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطيبين الطاهرين والبار بوالديه وأهله والمخلص لأصدقائه ومحبيه معاليه رحمه متعدد المواهب ولذلك يصعب الإلمام والكتابة عن مواهبه وإنجازاته وإسهاماته في عجالة وسأشير إليها: فهو رحمه الله يبهرك ويشد انتباهك ولديه رحمه الله سرعة بديهة وقدرته على خطف الأضواء وهكذا تراه صيادا ماهرا لا يترك فرصة تمر به دون أن يصطادها ويطوق عنق فريسته بمحبته ويصوغ حول جيدها طوقا من جواهر كلماته التي يختارها بمهارة بالغة تدل على طيب معدنه وصفاء نفسه وحبه للخير وخدمة الآخرين وخصوصاً زملاءه وأصدقاءه ومحبيه في أدب جم وتواضع كبير مما يجعلهم يلتفون حوله يحترمونه ويقدرونه.

وهذا كله من توفيق الله سبحانه وتعالى له رحمه الله وقد علمنا الإسلام أن من أحب الله ورسوله وأحب والديه وتفانى في طاعتهما وخدمتهما وأحسن إليها أكرمه الله وأحبه وحبب فيه خلقه.كما كانت لمعاليه رحمه الله قدرة على اجتذاب زملائه فتجدهم دائما حوله. أما قدرته الأدبية والثقافية فقد اختير ليكون رئيسا للجنة الثقافية بكلية العلوم فشارك مع زملائه في إصدار مجلة العلوم وكانت مجلة ناجحة، كما فاز بالمركز الأول في المسابقة الثقافية بين جميع كليات الجامعة حيث ابتكر فكرة إصدار المجلة على هيئة صاروخ صنع من الزنك وألصقت عليه المقالات والصور.و كان رحمه الله متحدثا جريئا ولذلك حظى بتقدير المسؤولين الذين توالوا على رئاسة الجامعة ولا ننس اهتماماته رحمه الله العلمية المتعددة بالإضافة لدراسة الأرض وثرواتها وطبقاتها اهتم بدراسة الفضاء كذلك له اهتمامات بالدراسات الإسلامية والتاريخية وقد ألف كتبا عن الفضاء وله كتب شهيرة تنم عن إيمانه العميق منها:

- علموا أولادكم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- علموا أولادكم محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

- بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- هكذا صام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- هكذا حج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بدر الكبرى.

الخليفة الخامس.

أسأل الله العلي القدير ان يرحم الصديق العزيز معالي د. محمد عبده يماني وأن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

محمد القشعمي – الكاتب والباحث المعروف :

لا شك أن رحيل معالي د. محمد عبده يماني يعد خسارة كبيرة على الوطن

التقيته أول مرة رحمه الله في عام 1392هـ بالدمام إذ حضر بتوجيه من الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب ليلقي محاضرة ثقافية وكان وقتها يوعز ويشجع على إقامة أنشطة ثقافية في الأندية الرياضية.. وكما أذكر أن المحاضرة كانت عن العلوم وتطورها وقد أقيمت في صالة الغرفة التجارية المتواضعة، وحتى عدد الحاضرين كان متواضعاً، وأعتقد أن أغلبهم كان من منسوبي إدارة التعليم إذ إن الرجل كان يعمل وقتها وكيلاً لوزارة المعارف للشؤون الفنية..

انتقل بعدها رحمه الله كوكيل فمدير لجامعة الملك عبد العزيز بجدة.. وحقق عملين اشتهر بهما؛ الأول هو (مؤتمر الأدباء الأول) بمكة عام 1394هـ والثاني الأسبوع الثقافي اليمني بجدة في العالم التالي.. وسريعاً ما انتقل للرياض في أول تشكيل وزاري في عهد الملك خالد - رحمه الله-.

قبل سنوات وأثناء إقامة حفل اختيار الرياض كعاصمة للثقافة العربية.. كان محمد عبده يماني هو المتحدث نيابة عن أدباء المملكة في الحفل الافتتاحي الكبير.. وفي اليوم التالي يأتي أستاذي عبد الكريم الجهيمان إلى مصر ليلحق بي أثناء معرض الكتاب الدولي بالقاهرة 1999م وكان فرحاً مسروراً وممتناً من تصرف الدكتور اليماني.. إذ بعد نهاية إلقاء كلمته تخطى الصف الأول للصف التالي حيث يجلس الجهيمان فسلم عليه بالتحديد، وبعد عودتنا للرياض، وكنا كالعادة نلتقي بين وقت وآخر في منزل الجهيمان هاتفت اليماني وشكرته على موقفه وأعطيت الهاتف للجهيمان الذي كرر كلمات الثناء والامتنان.. فرد علينا بأن هذا واجب عليه فتقدير الرجال واجب وطني.. فكرر دعوة صديقه عبد المقصود خوجة ليستضيفه باثنينيته المعروفة بجدة.. وسبق أن وجه الدعوة للجهيمان فاعتذر منه.. ولكنه بعد إلحاح الدكتور اليماني وافق وكانت المناسبة في بداية عام 1421هـ، واستقبلنا وكنت طلبت منه أن يعطيني فرصة لتسجيل لقاء معه ضمن برنامج (التاريخ الشفهي للمملكة) الذي تنفذه مكتبة الملك فهد الوطنية فاشترط أن يحضر معي للمنزل الأستاذ الجهيمان وسيدعو بعض الوجوه الثقافية في الحجاز على حفل يليق بمقامه.. وفعلاً تم اللقاء وتم التسجيل وحضر التكريم في الإثنينية وألقى كلمة بليغة استعرض فيها ما قدمه الجهيمان للمجتمع من جهود تربوية وإعلامية وغيرها..

إنني من المعجبين بمعاليه رحمه الله وأتابع جهوده وما ينشره فقد كان متعدد المواهب فالرجل من أوائل من تخصص في العلوم رغم أنه يزاول عمله التربوي والإعلامي وأخيراً التخصص والكتابة عن الثقافة الإسلامية خاصةً والقضايا الاجتماعية عامةً..و بحكم هوايتي المتواضعة.. وبحثي في صحفنا القديمة عن أول مقال وقصيدة كتبها روادنا وكنت أنوي جمعها لتصدر بكتاب قد أسميه (بداياتهم مع الكتابة).. ومن بينهم من أتحدث عنه.. لقد وجدت أن أول مشاركة له في الصحافة وهو طالب بمدرسة الفلاح الثانوية بمكة المكرمة. وجدت صفحة (حصاد الطلبة) التي يشرف عليها عبد الكريم نيازي

ونجد في العدد التالي من (حصاد الطلبة) مقالاً لينشر له بعنوان (إلى الأمام دائماً) وقد أصبح من يشرف على الصفحة الأستاذ عبد الله عبد الرحمن جفري والذي علق في نهاية المقال بقوله: الحصاد: نحن نؤيد الكاتب فيما قاله.. ويكفينا أننا اتخذنا لأنفسنا أملاً يحدونا.. ومبدأ يقوي من عزائمنا. ومن سار على الدرب وصل).

وله من الأعمال الإبداعية

- اليد السفلى، مشرد بلا خطيئة (قصص)

- فتاة من حائل (رواية)

- جراح البحر (قصص)

رحم الله الفقيد الكبير وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

محمد علي قدس- القاص والروائي المعروف :

ماذا أقول عن هذه الشخصية الفريدة والمتميزة بفكرها وخلقها، معالي د. محمد عبده يماني الذي فقدناه وحزنا لفراقه أشد الحزن فهو رحمه الله شخصية تغنيك بالحديث من كل جانب تختاره للحديث عنها، مفكراً وعالماً، أديباً مبدعاً أو شخصية إنسانية تسعى في ركاب الخير وتستأثر بمآثره.أو مسئول حمل أمانة ما أسند إليه من مهام ومسؤوليات؟

هو رحمه الله ابن مكة البار بها وبأهلها.. رسم لنا صورة الحياة التي عاشها من خلال عمله الروائي الذي هو من النماذج الإبداعية الروائية التي وضع بها بصمته في الراوية المحلية (اليد السفلى)، في هذا العمل جسد لنا رحمه الله الحياة الاجتماعية في مكة بزخمها وعبقها التاريخي، وكما استطاع أن يصور الحياة بصورها والأماكن كان مبدعاً في سبر أغوار شخصياته.في لقاء معه وما أكثر اللقاءات التي سعدت وشرفت بها في صحبته وصحبة فكره، كان لقاءً مختلفاً، حيث كنت أعد وأقدم برنامجاً إذاعياً لإذاعة جدة بعنوان (حوار صريح) وكان رحمه الله أحد ضيوف البرنامج الذين بلغوا العشرين شخصية.

أذكر أني سألته أين يجد نفسه في المجالات الإبداعية والفكرية كمفكر إسلامي أم كاتب رواية مبدع؟ فأجابني بصراحته وعفويته أنه لو لم يكن مقتنعاً بما يفكر ومؤمناً بما يبدع لما وجد نفسه فيما وجد نفسه في ذلك كله.

محمد عبده يماني نموذج متميّز في إنسانيته وشخصيته وفكره ومثال نادر للنخبة الواعية، طوال تجربتي في الوعي الثقافي والعمل الإعلامي وجدته معيناً وموجهاً وله مواقفه وعطاءاته الثقافية في نادي جدة الأدبي ونذكر كما يذكر أهل العلم والفضل في كل مؤسساتنا الثقافية والعلمية، ومنجزه الإعلامي والثقافي يعد سجلاً لمنجز الوطن، ولذوي الفضل والعلم علامات وفي اليماني اجتمعت أكثر العلامات. أسأل الله له الرحمة والمغفرة وقد رحل في هذه الع شر المباركة وأن يعوض أهله خيرا ?إنا لله وإنا إليه من الراجعون ?.

أحمد الزيلعي - أستاذ التاريخ الإسلامي والآثار الإسلامية بقسم الآثار جامعة الملك سعود، - استعرض ذكرياته مع الراحل رحمه الله من خلاال جامعة الملك سعود يقول

حينما التحقت بجامعة الملك سعود في العام 1390هـ كان الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله ملء السمع والبصر في الجامعة، وكان - على ما أظن - يتقلد مسؤولية عمادة من العمادات، أو نشاطاً طلابياً على مستوى الجامعة ونحو ذلك. المهم كان له صلة بشؤون الطلاب، وقد كان رحمه الله من أكثر أعضاء هيئة التدريس في ذلك الزمان قرباً إلى قلوب الطلاب ليس في كلية العلوم التي ينتمي إليها بحكم تخصصه في الجيولوجيا وإنما في جميع الكليات بما فيها كلية الآداب التي كنت أحد طلابها في سنتها الليلية الأولى والأخيرة و ما هي إلا سنوات قلائل حتى اختطفته رحمه الله المناصب الإدارية، فمن وكيل إلى مدير لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة ثم وزيراً للإعلام، وفي كل موقع من هذه المواقع كان لمعاليه رحمه الله حضوره المميز، وتأثيره الفاعل وبصماته الواضحة، وكان دائماً في عين العاصفة، وممن يحرك المياه الراكدة. وأذكر أن الإعلام في زمانه شهد نقلة وانفتاحاً وتطوراً غير مسبوق، وأن معاليه رحمه الله عمل بجد وشجاعة وتحد واضح لكي يكون إعلامنا في مستوى المنافسة. ومما أذكره عنه في ذلك الزمان أنه طالب في محاضرة له أو ندوة عقدت في جامعة الإمام على ما أظن لأنني لم أحضرها وإنما قرأت عنها، طالب في تلك المحاضرة أو الندوة بشيء من المرونة والانفتاح للارتقاء بمستوى البرامج، وبمستوى البث التلفزيوني في قناتينا التلفزيونيتين اللتين لم تكونا فضائيتين في ذلك الوقت، وذلك حتى نكون قادرين على المنافسة، وعلى كسب المشاهد المحلي واستقطابه وربطه بإعلامه، وعلل بذلك بقوله إنه بعد عشر سنوات من ذلك الوقت ستدخل القنوات الفضائية كل بيت، وقد لا يكون لتلفزيوننا بوضعه الراهن مكان في وسط مزاحمة القنوات الفضائية الخارجية الممتلئة بالغث والسمين. وأعترف أنني في ذلك الوقت لم أكن لأتصور أن الأمور ستصل إلى ما وصلت إليه من هذه الثورة الإعلامية وما جلبته معها من قنوات فضائية هابطة، وسياسية متعاملة لن نستطيع التخلص منها ومن تبعاتها إلا بقفل السماء، وأنَّى لنا ذلك.

وإلى جانب معرفتنا بمعاليه رحمه الله أكاديمياً وإدارياً ومسؤولاً نافذاً عرفناه إنساناً بكل ما في الإنسانية من معاني الرجولة والفضل والخير واللطف والسماحة التي لا تملك معها إلا أن تحبه، وتقبل إليه، وتستمع إلى أحاديثه الشيقة وتجاربه الثرية التي يحدثك عنها دونما استعلاء أو اعتداد بالنفس مع تواضع ملحوظ وأدب جم. كما عرفناه كاتباً ملتزماً وروائياً مبدعاً ومؤرخاً إسلامياً، فكم استفدنا واستمتعنا بقراءة مقالاته المطولة في الصحف والمجلات وفي كتبه المطبوعة، وفيها يتناول قضايا عميقة، وخصوصاً ما يتعلق منها بالإسلام، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الحب الذي تأسس وتأصل وتوغل وتعمق في قلب كاتبنا العظيم لنبيه صلى الله عليه وسلم، ولصاحبته الإجلاء، وآله الأطهار. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمه ويوسع مدخله ويلهمنا الصبر والسلوان في مصابنا الجلل.

د. محمد خضر عريف - وكيل كلية الآداب بجامعة الملك عبدالعزيز للدراسات العليا والبحث العلمي:

فقد معالي د. محمد عبده يماني فقد للعالم الإسلامي كله بطوله وعرضه وأعماله الإنسانية والخيرية تمتد لكل بقعة من العالم الإسلامي وأنا أعرف ذلك لعملي مع معاليه في جمعية اقرا الخيرية بالمركز الثقافي التابع للجمعية وكنت أزوره باستمرار وأعلم بالوفود التي تصل لمكتبه ببرج دلة ويأتي إليه الناس لأمور إما لحاجة ويخرجون مسروري الخاطر أو للسلام عليه او من العلماء وهو أحدهم الذين يستفيد من علمهم القاصي والداني

معاليه كان أديبا وربما لا يعرف الكثير ذلك وله قصص وكتب إبداعية وجيلوجي من الطراز الأول وله مؤلفات كثيرة وتحديدا الجيلوجيا الاقتصادية وإبداعاته في القنوات وفي كل الجامعات وكان يقترح قبل وفاته إلقاء بعض المحاضرات في جامعة الأزهر هذا غيض من فيض فالرجل قل أن يجود الزمان بمثله

أعزي بلاده المملكة العربية السعودية وبلدته مكة المكرمة وكل محبيه ومريديه ولا شك أن وفاته كانت حدثا جللا ونسأل الله له الرحمة وأن يحسن عزاءنا.

الأستاذ حمد القاضي:

بعض الناس يذهبون عن مكانهم لكن تبقى لهم مكانتهم..!

أذكر أنني دونت هذه الكلمة في كتابي عن: (الشيخ حسن آل الشيخ الإنسان الذي لم يرحل)!.

ويستوي هذا البقاء سواء أترك الإنسان (كرسيه) إلى فضاء آخر في هذه الأرض، أو يكون انتقل من ظهر الأرض إلى بطنها.

وأجزم أن العبارة الآنفة الذكر تنطبق على معالي الدكتور الفاضل محمد عبده يماني. رحمه الله

إن هذا الرجل رحمه الله أضحى أوفر وأشمل عطاء لدينه ووطنه بعد تحلله من أعباء كرسي الإعلام الذي كثيراً ما يقول لمن يذكره به: (انس هذا وإن عدنا فإنا ظالمون).

د.محمد عبده يماني رحمه الله استطاع أن يوظف وقته ويسخر جاهه وأن يستثمر مكانته وعلمه ومحبة الآخرين له في العديد من قنوات الخير والخدمة العامة والعطاء في البحث والتأليف والكتابة.

إننا نجد د.يماني رحمه الله حاضراً في كثير من مجالات الخير وخدمة المرضى، ومدارات البر، جعل الله ذلك له في موازين أعماله.

تماماً مثلما التقيه في ميادين الخدمة العامة: مشاركة في اللجان، وحضوراً في الميدان، ومساهمة في بناء الوطن. وعندما نحدق في مدارات الحرف والبحث نجده كاتباً في الصحف ومؤلفاً للكتب وبخاصة ما يتعلق بالعناية بشمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم وشيمه ليكون قدوة دائمة لنا ولأجيالنا.

يأتي جانب آخر في شخصيته رحمه الله، وهو جانب مضيء بل إنه أحد مفردات شخصيته المحبوبة ألا وهو التفاعل مع الآخرين واللطف في الحديث معهم سواء كان عبر حديث شخصي، أو لقاء تلفزيوني.

أخيراً نذكر ونشكر بوصفنا أصحاب حرف لمعالي د.محمد عبده يماني رحمه الله عندما كان وزيراً للإعلام وشائجه المتينة مع أهل الكلمة، ورجال الإعلام بل دفاعه وترافعه عندما تحصل منهم أخطاء غير مقصودة، وكان بسماحة وأبوة يتحمل بل ويحمل نفسه هذه الأخطاء لكيلا يصيب صاحب الحرف ضرر.. وأذكر هنا ما حدثني به المرحوم الكاتب المعروف أ.فهد العريفي رحمه الله، حول (موقف شهامة) وقفه معالي د.يماني مع أ.فهد عندما كتب العريفي مقالاً تم فهمه خطأ، فكانت وقفة اليماني رحمه الله معه رائعة وكان المرحوم العريفي ممتناً ومثمناً ل د.يماني احتواءه هذا الخطأ ومنافحته عن العزيز العريفي -عليه رحمة الله- حتى مر الموضوع بسلام.

رحم الله الفقيد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

الأستاذ فاروق بنجر - الشاعر المعروف وعضو نادي مكة الأدبي-:

لهفي عليه محببا ومؤلفا

ومنار خير كم أضاء مواقفا

أفضى إلى نور السماء يحفه

ذكرتنوره كريما عاطفا

رحم الله فقيد بلادنا وفقيد الإسلام والفكر الإسلامي معالي الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني الذي عاش حياته متمثلا قيم الحق والخير والجمال، أستاذا جامعيا ومربيا ووكيلا لوزارة المعارف ومدير جامعة ووزيرا للإعلام وأديبا روائيا وكاتبا تنويريا وداعية ومفكرا إسلاميا ومحسنا ومشاركا في أعمال البر والخير وإغاثة الملهوف وذوي الحاجة ورعاية ومساندة طلبة العلم وحفظة القرآن وأهل العلم والأدب والصحافة والثقافة والفنون والرياضة وخدمة المجتمع، كان أمة في رجل حب وخير وظل قارئا ومؤلفا في تخصصه العلمي وفي التاريخ الإسلامي وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وآل بيته الشريف .

رحمه الله وأكرم في الجنة مأواه وأحسن العزاء لأهله وذويه ومحبيه ولنا جميعا رفاقه وتلاميذه.

د. زيد بن علي الفضيل – الكاتب المعروف -:

طار بجناحين عظيمين إلى رب غفور رحيم

بالقدر الذي يُصاب فيه المرء بالكمد والحزن، بالغُصة والشجى، بالألم والحسرة لرحيل علم من أعلام وطننا الغالي، وهو معالي الدكتور محمد عبده يماني رحمة الله تغشاه، ذلك الرجل الذي نذر نفسه لخدمة ربه ودينه ونبيه ووطنه الذي ارتضى، فكان خير مسؤول وأفضل سائل، بالقدر الذي تستريح فيه النفس وتشعر بالاطمئنان لمن كان في مثل علو نفسه وصفاء سريرتها وصدق محبته لله ولرسوله، فرحمة الله تغشاه وهو الذي وسّد فراشه بالوثير من الأعمال الصالحات، والأقوال الطيبات، والسلوك القويم، متمثلا في كل حركاته وسكناته سيرة خير الخلق وأزكاهم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حيث لم يغب عن مرامي نظره لحظة واحدة، ولم ينقطع لسانه أو يجف قلمه بالكتابة فيه، ولم يمل عن تذكير الأمة بخير مدن الأرض وأفضلها، حيث مكة الحاضنة لبيت الله، وحيث طيبة الطيبة الساكن فيها حبيب الله. إيه أيها الشيخ الحبيب، لكأني أراك تداعب هاتين المدينتين بقلمك وفؤادك في مقالاتك الأخيرة التي قدر الله أن تكون جناحيك إلى رب غفور، فهنيئا لك، وعزاءنا فيك كبير، وأملنا في الله أن يخلفك علينا بخير خلافة، وأن يسكنك فسيح جنانه، ويجزيك عنا كل خير، بحوله وقوته إنه سميع مجيب الدعاء، وما أجل قول الصادق الأمين عليه أفضل الصلوات والتسليم حين قال والحزن يملأ جوفه على فراق حبيبه: والله إن القلب ليحزن، والعين لتدمع، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون. ونحن والله إنا على فراقك أيها الشيخ الوالد، ملجأ اليتامى ومعين المساكين، لمحزونون.

الشاعر محمد إسماعيل جوهرجي والعبرة تكاد تخنقه يتذكر الأيام الجميلة مع معاليه يقول: عشنا مع بعض حوالي ستين سنة وكان لنا مقعد نجتمع فيه وكان يجمعنا أنا ومحمد سعيد طيب ومحمد باخطمة وعبد الله الجفري رحمه الله ومحمد عبده يماني رحمه الله وكانت أياما جميلة ورائعة.

الرجل رحمه الله كان له اتصال بي قبل أن يتعرض للأزمة التي تعرض لها وكان يقول لك رسالة مهمة عندي.

رحمه الله نتذكره بالحسنى رجل طيب ورجل خير وفي الإعلام له اليد الطولى في هذا المجال وقد عمل الكثير في الإعلام وفي جامعة الملك عبد العزيز فهو إنسان مفكر ومخلص وبار بوطنه وأهله وقد اشترى في الفترة الأخيرة أرضا في مكة لتكون سكنا له وبجوارها خصص أرضا لينشيء عليها مكتبة لأهل مكة.

عزت مفتي – المدير العام للإعلام الخارجي في وزارة الإعلام سابقا:

بصعوبة في الحديث وهو يتذكر الراحل رحمه الله يقول فقدنا في د. محمد عبده يماني رجل مجتمع بمعنى الكلمة وقد كان وزيرا يتمتع برحابة الصدر وفي التفهم والمؤازرة والمساندة رجل مجتمع في أصعدة كثيرة ووفاته تعد فاجعة بحق ولكن أمر الله لا مرد له إننا نفتقد في الرجل أيادي بيضاء وخاصة في مساعدة المحتاجين والسعي لسد رمق الفقراء ليس في جدة فحسب وإنما في أماكن متعددة وله حملات لا يتكلم عنها ولها فريق عمل لا شك أننا فقدنا مواطنا صالحا بمعنى الكلمة خدم وطنه ونال ثقة المسؤولين وما من شك أنه من الشخصيات المتميزة في وطنيته التي لها باع وصفحات مشرقة في خدمة البلد ومساعدة الناس فجزاه الله الف خير على ما قدم وعوض الجميع خيرا . كل ما ذكرناه قليل في حقه كل ما ذكرناه قليل في حقه نها شهادة لله فما حضرنا في مناسبة عزاء أو زيارة مريض أو مناسبة وطنية أو احتفالية إلا وجدناه.

فهو شخصية نادرة في أداء الواجب ومشاركة الناس، إنني أشعر وكأني بفقده قد فقد أحد أفراد أسرتي.

د. عصام خوقير – الروائي المعروف-:

بدأ بقوله أعزي نفسي أولا والمجتمع االثقافي في وفاة الراحل رحمه الله وهذا أمر الله ولكل أجل كتاب وأعتقد أنه رحمه الله وكأنما خلق ليكون معلما وقد مررت معه بتجربتين الأولى عندما كان مديرا لجامعة الملك عبد العزيز حيث رغبت أن أدرس وضعا جديدا على أسس علمية عن أسلوب التعامل كيف يتعامل المفكر مع المجتمعات العربية التي تريد أن تخرج من العتمة التي هي فيها أتتني هذه النزعة وأنا طبيب اتصلت به وأخبرته وقال يادكتور إذا أردت ذلك فهناك خطوات علمية ووعدني أن نلتقي وفوجئت أن جاء بنفسه على عيادتي وقد أحضر لي كتبا حتى يكون لدي فكرة عن الدراسة الجامعية فأكبرت ذلك منه أن أتى بنفسه ووثقت العلاقة معه علاقة علم ومحبة.

وبعد فترة من الزمن ونحن خارجون من المسجد وجدته يلبس والده الحذاء وهذا قمة البر.

غفر الله له ولا شك أن فقده خسارة ولكن الله يفعل ما يريد.

الإعلامي جميل سمان :

أنا من الناس الذين دائما على اتصال بمعاليه رحمه الله في كل وقت وهو رحمه الله كان السبب في نقلي من جدة إلى الرياض عام 1400هـ حيث كان هو وزير الإعلام في تلك الفترة وقدم لي خدمات وأعطاني حوافز تشجيعية وحصلت على شهرة ومكانة إعلامية ومكثت 24 سنة إلى أن تقاعدت عن العمل

إنني دائما القراءة لكتبه وقد كان آخر لقاء لي معه رحمه الله ليلة تكريم د. بدر كريم باثنينية عبد المقصود خوجة ومن الأشياء التي أذكرها له ويذكرها له كل من كان في تلك الفترة يعيش في وزارة الإعلام أنه كان رحمه الله يعطي الحوافز والمكافآت وإذا حدث لأي واحد أزمة او مشكلة مالية يذهب إليه ويحلها مباشرة الجل كان متواضعا ودائما كان قريبا من الموظفين .

الشاعر د. حمزة الشريف:

د. محمد عبده يماني تذكر الثقافة بفروعها فيذكر وتذكر الجهود الدينية والمساهمات الإصلاحية فيذكر وهو الأكاديمي ووزير الإعلام وصاحب مساحات من الرأي والمطارحات الصحفية والمواقف والمشورة والمشاركات الاجتماعية وحضوره دائما الجلسات والندوات وإبداؤه الرأي للوصول إلى الأفضل مع الفكر الآخر

رحم الله هذا الرمز من رجال بلادنا وأسبغ عليه الرحمة والرضوان.

*****

السيرة الذاتية لمعالي د. محمد عبده يماني :

ولد معالي الدكتور محمد عبده يماني في مكة المكرمة عام 1359هـ الموافق 1940م.

تلقى تعليمه الأولي في الحرم المكي الشريف.

درس المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية بمدارس الفلاح وتخرج منها عام 1383هـ.

حصل على بكالوريوس العلوم في الجيلوجيا من جامعة الرياض عام 1387هـ.

درس الماجستير والدكتوراه في (كورنيل) في الولايات المتحدة الأمريكية وتخرج عام 1390هـ حاصلاً على شهادة الدكتوراه في الجيولوجيا.

حاصل على دبلوم عالٍ في إدارة الجامعات من جامعة وستنكس.

بدأ العمل معيداً بكلية العلوم جامعة الرياض سنة 1387هـ محاضراً بكلية العلوم بجامعة الرياض وأستاذاً مساعداً وأستاذاً.

عيّن عام 1392هـ وكيلاً لوزارة المعارف للشؤون الفنية.

عيّن وكيلاً لجامعة الملك عبدالعزيز خلال الفترة من 4-8-1392هـ إلى 28-7- 1393هـ.

عيّن مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز خلال الفترة 28- 7-1393هـ إلى 20-9-

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة