Saturday  13/11/2010 Issue 13925

السبت 07 ذو الحجة 1431  العدد  13925

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

كان المشهدُ مختلفًا؛ فأن تكونَ في حضرة متحدثٍ مثل الأستاذ عبد الرحمن البطحي -رحمه الله- (1357- 1427هـ) الذي أسماه الدكتور عبد الله الغذامي: (سيد المجالس) فكافٍ لأن يكون حديثُه مفتتحَ الخطاب «الشفاهي» وخاتمتَه، وأن ترتادَ مجلس الراوية الثقة أبي عبد الله سعد العبد العزيز السليم 1337-1431هـ -رحمه الله- فأنت في دائرة الاستفادة والاستمتاع، ومن هنا أضاءت جلسة «مُطِلة» بحضور «مغربيٍ» لافت للعم سعد، ومعه سائقه ليسأل أبا إبراهيم عن بيت من الشعر، ويتحاورا فيه قليلا ثم ينصرف.

بين الاثنين وشائجُ تواصلٍ قويةٌ، مثلما يغني وسيط الهاتف عن الحضور الشخصي، لكن من يدرك لذة البحث وقيمة الحقيقة يفهم أن معلومة قد تستحق سفرًا وسهرًا، ودون سؤال مباشر لأيٍ منهما فقد بان السرورُ عليهما حين اللقاء ومع السؤال وبعد الإجابة.

المفارقةُ أن كليهما معنيان بالمعرفة لذاتها؛ فلم يكتبا وإن استُكتبا، وبقي ما لديهما خاصًا بهما وبمُجالسيهما؛ حريصَين على الإفاضة في الجواب، والبحث وقت الشك، وتزويد السائل بما يوثق الإجابة حين الطلب، ويومًا سأل صاحبكم أستاذه البطحي عن نسبة بيت الشعر (يا ديرتي ما لك علينا لومْ)؛ فقد اُختلف فيه بين عَزْوه «لسلطان باشا الأطرش» و»الفارس الشاعر علي الخياط»؛ فلم يكتفِ بإجابةٍ عاجلة يضمنها اقتناعاته التي تؤيدها المعطيات المتاحة، وأبرزها غناء « أسمهان « لها، بل زوده بمرجعٍ وشواهد.

وفي مجلس «السليم» أصيلَ كلِ يوم حتى وفاته قبل أيام -غفر الله له-، ورغم حجيته، فإنه يتأنى في الجزم حتى يستيقن؛ مؤثرًا عدم القفز للناتج قبل تمحيص المعادلة، وكان يقبل من جلسائه، وهم أبناؤه ومريدوه، التداخلَ في التصحيح والتذكير والتعقيب؛ ليبقى موروثه محفوظًا في الرؤوس لا الطروس، وقد يضيع كما ضاع أو يوشك أن يضيع موروث غيره كالبطحي والشيخ محمد الحمد العُمري والشيخ إبراهيم الواصل والشيخ عبد الرحمن البسام؛ مَنْ يعرفهم صاحبكم بشكل شخصي، وإلا فإن العدد كبير، وأهل كل نَجعٍ أدرى برموزهم الذين لا يصل إلى الإعلام صوتُهم، كما لا يسعون إليه بدورهم، وهنا دور المراكز الثقافية المفترض إنشاؤها في كل مدينة بل وقرية.

ربما كانت «التسجيلاتُ» المتداولة لبعض الرواة بديلا جيدا، غير أنه لا ضامنَ لدقتها، كما أن أقسام التأريخ الشفهي في المكتبة الوطنية والدارة تستوعبُ كمًا معقولا من الملفات والشهادات لكنها غيرُ متاحة للجمهور، وكذا الوثائق الرسمية ذاتُ الطابع السري؛ فإذا أضيفت هذه لتلك أدركنا أن التأريخ الحقيقي بعيدُ المنال.

المشكلة هنا ألا أحد إلا القلة من يتصدون بأنفسهم لتوثيق ذواكرهم الشخصية والإدارية، وفي حوار خاص مع «اللواء طبيب متقاعد» الدكتور محمد بن إبراهيم العماري (مدير المستشفى العسكري سابقًا) كان التساؤل عن أهمية كتابة سيرة والدته، وهي سيرةُ مرحلة، حين اختطفت في عمر السابعة من الشام، وأحضرت إلى «عنيزة»، وتزوجها والده - بعد زيجاتٍ غير موفقة لكليهما، وتبين - لاحقًا وبجهود خاصة من الأستاذ عبد الله الحمد القرعاوي - عليه رحمةُ الله - انتماؤها لواحد من أعرق البيوت اللبنانية ذات الأصول الغسانية في «بْشَرِي» حيث الأَرْز وجبران، وكيف التقت بوالدتها وأخواتها في المكسيك، وأنجبت عددًا من الأولاد والبنات، وفيهم ثلاثةٌ من أبرز الأطباء السعوديين، لكن إجابته معلقة ومسوفة، وقد تختفي سيرةٌ روائية مهمة ذات آفاق وأنفاق.

الحكاية تصنع التاريخ.

Ibrturkia@gmail.com
 

الحكايةُ تاريخا
د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة