قطع القادة السياسيون شوطاً كبيراً في تنفيذ متطلبات العملية السياسية لبناء العراق الجديد، وتجاوزوا مرحلة مهمة في إتمام العملية الديمقراطية باستكمال انتخاب الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان وتكليف رئيس للوزراء)، وكادت العملية تحقق نجاحاً باهراً يعوض أشهر القلق والتوتر اللذين عاشهما العراقيون قرابة ثمانية أشهر دون أن تكون لهم حكومة ولا رئيس منتخب ولا برلمان يمارس دوره، إلا أن (عدم اكتمال الثقة) التي لا تزال تحكم مواقف وأفعال قادة الكتل السياسية وطغيان (سوء النية) لدى البعض كادا أن يُدمِّرا كل ما جرى بعد أن تكلأ نواب الكتل السياسية الأخرى في الوفاء بالتعهد الذي أُعطي لرئيس القائمة العراقية إياد علاوي بأن يسبق الاقتراع على اختيار رئيس الجمهورية تصويت لأعضاء مجلس النواب على رفع قرار اجتثاث قادة القائمة العراقية، إلا أن خلو جدول أعمال المجلس جعل الأعضاء يطالبون بإجراء تصويت على مناقشة الطلب؛ فتم لهم ما أرادوا؛ فلم يصوِّت على مناقشة البند إلا الحاضرون من نواب كتلة العراقية الذين بلغ عددهم 58 نائباً، وهنا ظهر لهؤلاء النواب ورئيس كتلتهم إياد علاوي أن هناك تنصلاً من التعهدات التي قطعها قادة الكتل السياسية لإياد علاوي و(العراقية) بأن تتم إجراءات وخطوات لتعزيز الثقة وإتمام تقاسم السلطة والصلاحيات وأن تكون البداية بإلغاء مواد الاجتثاث والمساءلة والعداثة وغيرها من الإجراءات التي أقصت الكثير من الوطنيين، ومنهم عدد من قادة القائمة العراقية.

هذا التجاوز فسّره بعض المتابعين بأنه (خلل إجرائي)، والبعض وجد فيه بقايا من عدم الثقة لا تزال بحاجة إلى معالجتها، وهو ما يتطلب مواصلة العمل لإزالة شوائب العمل السياسي في العراق الذي لازم مرحلة الاحتلال سنوات، ثم تسلم الحكم فيها العراقيون.

الساسة العراقيون وضعوا أرجلهم في الطريق الصحيح، وعليهم أن يواصلوا السير في هذا الطريق؛ ما يتطلب منهم أولاً تنقية النفوس من كل مخلفات الماضي، وأن يكونوا متجاوبين مع كل المبادرات الخيرة التي تجمعهم، ولا يلتفتوا إلى دعوات الفُرْقة والعودة إلى التحارب.