Saturday  13/11/2010 Issue 13925

السبت 07 ذو الحجة 1431  العدد  13925

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

معايير حقوق الحيوان في الإسلام
محمد بن محمود السعيد

رجوع

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «بينما رجل يمشي بطريق إذ اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب وخرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له. فقالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم لأجراً فقال في كل ذات كبد رطبة أجر)

المصدر: الموطأ الجزء: 2 الصفحة: 929 رقم الحديث: 1661.

توجيه نبوي سامٍ، وخُلق إسلامي راقٍ ينوه إليه هذا الحديث الشريف، وتحفيز من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالشكر والمغفرة من المولى - عز وجل - على هذا العمل الإنساني لترقى المخلوقات في ظل حكم الإنسانية الرحيم. كثيراً ما نسمع عن تشدق الغرب بأنهم الروّاد في المحافظة على حقوق الحيوان، وقد تمثل ذلك في تدليلهم لهذه المخلوقات بكل ما عرفته البشرية من أساليب الرفاهية والترف كإنشاء مطاعم على أرقى مستوى وخدمة خمسة نجوم، وحمامات خاصة، كما خصصت لها مستشفيات على أحدث طراز معماري تحت رعاية أفضل الأطباء البيطريين والنفسانيين؛ لأن بعض الكلاب - عافانا الله وإياكم - يحدث لها اكتئاب نفسي نتيجة لصدمة عاطفية أو اجتماعية أو عائلية أو ربما رهاب اجتماعي نتيجة لمشاهدته فيلماً يحكي عن معاناة الكلاب في العالم العربي وحوادث دهسها على الطرقات السريعة أو ما يفعله بعض المتوحشين من الأطفال لهذه الكلاب من ضرب وتعذيب في غفلة من الكاتب أو تغافل منحاز!! لإخفاء الصورة المشرقة للطبقة الارستقراطية في العالم العربي في معاملتها الراقية للكلاب وما تلقاه من تدليل ورفاهية لم يحظ بها حتى مدرس اللغة العربية بعد تقاعده من عناية ورعاية تقديراً له على الدور الذي قام به طيلة هذه السنوات بتربية الناشئة وتعليمها.

إذًا، كيف نوفق بين مفهوم الإسلام لرعاية الحيوان ومفهوم الغرب لها؟

لقد حثّ الإسلام على الإحسان للحيوان والرفق به، وفق معايير لهذه المعاملة الإنسانية المثلى، فعلى سبيل المثال لقد نهى الإسلام عن مخالطة الكلب للإنسان في المسكن والمأكل كأن يقيم داخل المنزل ويشارك أهله الطعام والشراب على مائدة واحدة؛ فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن لعاب الكلب ونَفَسه يحتويان على أعداد هائلة من الفيروسات التي تضر بصحة الإنسان، ناهيك عن امتناع دخول الملائكة لبيت يقيم الكلب بداخله، كما أن التدليل المفرط له في المأكل والمشرب والمسكن ليس له أي فائدة تعود عليه؛ لأن الحيوانات بطبيعتها وفطرتها التي فطرها الله عليها مخلوقة مذللة لخدمة الإنسان، وهي منسجمة ومتلائمة مع هذا الوضع والبيئة التي تعيش فيها؛ فيكون الإسلام قد صان بهذه المعاملة حقوق الطرفين (الإنسان والحيوان) في آن واحد؛ فحفظ للإنسان صحته وطهارته لأداء عباداته وروحانيته في ظل بيت تحفه الملائكة لتغشاه الرحمة والسكينة، كما أمر الإنسان بالرفق به وألا يقسو عليه في المعاملة, حتى أن الإسلام أمر بالرحمة في الحيوان عند الذبح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن اللهَ كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» المصدر: صحيح مسلم الجزء: 3 الصفحة: 1548 رقم الحديث: 1955.

وهنا تتجلى عظمة الإسلام وأخلاقه الكريمة.

فالغرب قد غفل عن الكثير من هذه التربية الإسلامية والأخلاق النبوية الكريمة في كيفية التعامل مع الحيوانات، وأسقط كل المعايير الأخلاقية والصحية من حسابه على رفاهية ليست في محلها ومن غير فائدة تُذكر، بل على العكس تماماً؛ فقد انعكست هذه الرفاهية على المجتمع بالأضرار الصحية والأخلاقية والمالية والنفسية.

أما الصحية فكما ذكرنا آنفاً من أضرار يسببها الكلب على صحة الإنسان من خلال لعابه ونَفَسه الذي يحتوي على أعداد كثيرة من الفيروسات.

أما الأخلاقية فقد سُوّي الحيوان بهذه المعاملة مع الإنسان أو يزيد عليه، حتى أن بعض الصحف الغربية نشرت خبراً عن رجل أعمال كتب كل أملاكه وعقاراته باسم كلبه، وحرم ورثته منها حباً في هذا الكلب، وللأسف فإن القانون عندهم يسمح بهذا!

أما المالية فقد تسبب هذا البذخ والترف على هذه الحيوانات في إرهاق ميزانية الفرد على رفاهية فارغة المحتوى بمستوى منحط أخلاقياً وإنسانياً.

أما النفسية فإن الإنسان المعدم أو الفقير الذي لا يجد قوت يومه كيف ستكون نظرته إلى نفسه بوصفه إنساناً وهو يرى حال هذا الحيوان يتقلب في ذرا النعيم والترف، أما حال هذا المسكين فربما مات من شدة الجوع أو البرد أو سُحق تحت عجلات سيارة متهورة ليموت ويُلقى بعدها كأي شيء ليس له قيمة في حفرة ربما تضيق عليه، وكأن قدره قد حتم عليه الضيق في الحياة وبعد الممات، وما أكثرهم في هذا العالم.. عالم رعاية الحقوق حيث لا حقوق ولا رعاية بل شعارات منمقة زائفة تدغدغ العواطف وتلهب المشاعر لتخفي خلفها وجوهاً قبيحة وقلوباً قاسية لا تعرف الرحمة لها سبيلاً.

ليصرخ الواحد منا بأعلى صوته وينادي: أين حقوق الإنسان؟ فيرد عليه في الجانب الآخر صوت منخفض حزين يقول له أخذته حقوق الحيوان يا إنسان!!

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة