Monday  15/11/2010 Issue 13927

الأثنين 09 ذو الحجة 1431  العدد  13927

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

أركان الإسلام وعباداته ليست مجرّد طقوس تعبّدية نمارسها خلال اليوم والليلة، أو شعائر دينية نؤديها كل عام في مواسم محددة، إنما تختلج في مضامينها قيم سامية ومبادئ عظيمة ترسم مسارات الخير والصلاح والنفع للإنسان في كل شؤون الحياة.

لهذا فالإسلام (دين ومنهاج حياة شامل) يُغنينا عن كل نظريات التيارات الفكرية وفلسفات الأفكار المادية، التي يزعم دعاتها أن تنظم حياتنا وتصنع حضارتنا.

وبالنظر إلى الركن الخامس في الإسلام وهو (الحج) يمكن أن نستشعر من هذه الرحلة الربانية إلى المشاعر المقدسة (وحدة الأمة) في أبهى صورها، ونستخلص قيماً حضارية عظيمة تتحقق فعلياً على أرض الواقع، قيماً تؤكد الانضباط وحب النظام، وتُعلي من فضائل الصبر والإيثار والتعاون، وتغرس مفاهيم البر والتقوى وتبادل المنافع بين الناس. تلك الوحدة المنشودة تبدو في ذلك المشهد الاستثنائي، الذي يمتاز عن أي اجتماع بشري أو حشد إنساني في أرجاء الأرض، بخصائص فريدة تبدو في المكان والزمان والإنسان والبيان، فالمكان واحد هو (مكة)، والزمان واحد هو (شهر ذي الحجة)، والإنسان واحد هو (الإنسان المسلم) مهما كان جنسه أو لونه أو عرقه أو بلده، والبيان واحد هو الوحي (القرآن والسنّة) الذي يُعلّم الناس مناسك الإسلام ويهديهم سبل السلام، كما تبدو في حالات خاصة بذلك اللون الواحد الذي يكتسي المكان كأنه بياض السحاب، ما يعكس صفاء النفوس من الأحقاد، ونقاء القلوب من الذنوب (إن شاء الله)، وكذلك في التنافس على أداء خدمة ضيوف الرحمن من أفراد وجهات سعودية تراه شرف الدهر وسباقاً في الخيرات لدولة التوحيد التي نذرت نفسها لهذه الخدمة الجليلة بكل إمكاناتها.

تلك الوحدة لا تصنعها الشعارات السياسية، لأنها لا تعترف بالتنظيمات الحزبية أو العنتريات الفارغة، ولا تنطلق من المظاهرات الغوغائية، لأنّ مبادئها نقية من تلوّث الخلافات الدولية والتناحرات المذهبية، ولا تحكمها القوانين الوضعية لأنها منسوجة من آيات قرآنية وأحاديث نبوية خلال أيام معدودات أقسم بهن الله سبحانه تعالى في كتابه الكريم، وحدة تأتي عفوية في تجلياتها وصادقة بتعبيراتها لأن محيطها البقاع الطاهرة. حيث تجد الجزائري يلاطف المغربي، والباكستاني يعانق الهندي، والمصري يشكو همه للقطري، والفلسطيني يضاحك العماني، وغيرهم من مختلف الجنسيات وشتى الديار على هذه الحال المحمودة، فالفروق تلاشت والمسافات تقاربت والهموم امتزجت في ما بينهم، لأنهم متفقون في الأعمال، ومتحدون بالمظاهر، مستحضرون المشهد الكبير والمصير الواحد، لهذا ينبغي أن يستشعروا واقعهم بحق، ويستثمروا جمعهم المبارك في تحقيق الوحدة الحقيقية للأمة، لأنّ بين أيديهم (العروة الوثقى) التي جمعتهم رغم خلافاتهم على صعيد واحد بين يديْ رب واحد، وهم يلبّون بدعاء واحد.

Kanaan999@hotmail.com
 

استثمار الحج لأجل وحدة الأمة
محمد بن عيسى الكنعان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة