Monday  15/11/2010 Issue 13927

الأثنين 09 ذو الحجة 1431  العدد  13927

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

في هذا اليوم المبارك يقف حجاج بيت الله الحرام في عرفة، رافعين أكف الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى، أن يقبل حجهم ويثيبهم على أعمالهم الحسنة ولا يردهم خائبين, وفي هذا اليوم المبارك أيضاً، يتقرب كثير من المسلمين

إلى مولاهم الكريم بالصوم، مبتهلين إليه - وهو أكرم الأكرمين - أن يجزيهم الجزاء الأوفى على أعمالهم الطيبة، ويكفر عنهم سيئاتهم ويصلح بالهم، ويوم غد هو يوم عيد الأضحى، أعاده الله على أمة الإسلام وقد انتصرت على ما في نفوس أفرادها، حكاماً ومحكومين من وهن جعلها موضع شماتة أعدائها الكثيرين.

أما بعد:

فقد قال لي من أقدِّره كل التقدير، وأكن له خالص الود والاحترام: إنك تبدو مبالغاً في حديثك عن النفوذ الذي للصهاينة وكيانهم المغتصب لفلسطين في العالم الغربي بالذات، قلت له: ما عبرت عنه هو مبلغي من العلم - وهو قليل - في هذا الشأن؛ معتمداً على ما قرأته، أو سمعته خلال ما يقرب من خمسين عاماً. فقال: ألا ترى أن العالم أخذ يتغير شيئاً فشيئاً، وتتخذ جماعات علمية ومدنية مواقف جريئة ضد صلف الصهاينة وغطرستهم؟ وألا ترى ما يبديه الرئيس الأمريكي الحالي من أقوال تمتدح الإسلام وتدعو إلى إحلال السلم في منطقتنا؟ قلت: أما اتخاذ جماعات غربية مواقف جريئة مع الحق وضد صلف الصهاينة وغطرستهم فأمر مقدر، لكن هذه المواقف المقدَّرة تظل غير فعَّالة أو مجدية ما دامت القوى المهيمنة في الغرب؛ سياسياً واقتصادياً وإعلامياً غير راغبة في التخلِّي عن انحيازها الكامل مع الكيان الصهيوني أو غير قادرة - لو فرض أنها راغبة في ذلك - على ترك سياستها المنحازة إلى هذا الكيان العنصري الإجرامي. وأما ما يبديه الرئيس الأمريكي الحالي من أقوال عن الإسلام وعن الدعوة إلى إحلال السلم في منطقتنا فأمر لا يتفق مع مجريات الواقع. فتهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م، لم تخب جذوة تنفيذه في ظل الإدارة الأوبامية؛ بل ازدادت توقداً واشتعالاً، وإصرار الصهاينة على يهودية دولتهم العنصرية يزداد قوة ورسوخاً يوماً بعد آخر مع ما يقتضيه تبنِّي ذلك من أخطار جسيمة على الفلسطينين، الذين تمسكوا بالبقاء في أرضهم عند نكبة عام 1948م، وما زالوا متمسكين ذلك رغم كل أنواع المعاناة - وعلى القضية الفلسطينية برمتها.

وجدير بكل ذي عقل سليم عدم أخذ ما يدلي به مسؤولون أمريكيون من قلقهم إزاء استمرار بناء المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية - بما فيها القدس - بعين الجد والاعتبار.

فإعلان الصهاينة عن عزمهم على إقامة ألف ومئتي وحدة سكنية في الأراضي المحتلة عام 1967م، ورئيس وزرائهم نتنياهو، يزور أمريكا واحد من أدلة كثيرة واضحة على تحدي هذا الكيان للدولة المتصهينة المتغطرسة على دول العالم الإسلامي بالذات؛ ناهيك عن تحديه لغيرها، أو أن هذه الدولة المتغطرسة أبعد ما تكون عن الصدق في أقوالها تجاه الإسلام والمسلمين، وبخاصة العرب منهم.

ومن إدلة شعور قادة الكيان الصهيوني بالثقة في قوتهم أمام العالم ما أبداه وزير خارجية ذلك الكيان المتطرف من احتقار وإهانة لكل من وزير خارجية فرنسا كوشنير، ووزير خارجية إسبانيا موراتينوس عندما لمحا إلى إمكانية إعلان الدويلة الفلسطينية من منبر الأمم المتحدة. فقد قال ذلك الوزير الصهيوني بكل صلف واستخفاف بهما: (قبل أن تأتيا إلى القدس لتقولا لنا كيف تحل نزاعاتنا. كنت أتوقع على الأقل - أن تتمكنا من حل كافة مشكلاتكم في أوروبا. وعندها ربما نكون على استعداد لنصائحكما). ولم يكن أمام كوشنير إلا أن يرد على ذلك بما يشبه الاعتذار والتزام حدوده قائلاً: (بأننا لا نحتل المكانة التي يتمتع بها الأمريكيون. وهذا طبيعي لأن للأمريكيين تقاليد في دعم دولة إسرائيل وعملية السلام نحن لا نتمتع بها. لكننا نكتسبها شيئاً فشيئاً) والواقع أن أمريكا نفسها وهنت - وتبرهن دائماً - على تجاوبها مع الإرادة الصهيونية.

ولقد عُدَّ تلميح كلٍ من كوشنير وموراتينوس خطيئة اقتضت أن تعلن المتحدثة باسم الدولة الأوروبية آشنون تحفظها على ما اقترفاه في حديثهما الموحي بإمكانية دعم أوروبي لإعلان دولة فلسطينية من جانب واحد في الأمم المتحدة، وذكرتهما مؤنبة أن الممثلة العليا هي من تتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، وأنها لم تطلب منهما أن يمثلاها.

أما الدولة البريطانية، التي كانت توصف بالعظمى قبل أن تصبح مجرد تابعة لأمريكا، فقد أخذ الرعب في قلوب قادتها من الصهاينة كل مأخذ بحيث أعلنوا بكل ذل وخضوع أنهم ساعون لتغيير المادة التي تتيح للقضاء في بلادهم - وفق نظامهم - القبض على المتهمين بإرتكاب جرائم حرب متى حلّوا في الأراضي البريطانية. ومن المعلوم أن في مقدمة أولئك المتهمين قادة الكيان الصهيوني؛ عسكريين ومدنيين.

 

لم أرَ زحزحة الصهاينة عن التحكّم
د. عبدالله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة