Monday  15/11/2010 Issue 13927

الأثنين 09 ذو الحجة 1431  العدد  13927

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

تعقيبًا على كاتبة المنشود:
تطوير الإنسانية قبل تطوير المناهج

رجوع

 

حبَّرت الأستاذة المبدعة رقية الهويريني في زاوية المنشود من عدد الجزيرة 13905 في 16 من ذي القعدة 1431هـ حديثًا مؤثرًا تحت عنوانٍ موقِظٍ هو: (تطوير المناهج: توسيع مدارك أم إضافة أعباء؟!) وتطرَّق الحديث الذي كان طرفًا فيه المعلمة القديرة نورة الرشيد حول همٍّ من هموم التعليم المُستَجَدَّة في الآونة الأخيرة ألا وهو ما عُرف بمناهج التعليم المطوّر والذي تسبب في زيادة الأعباء والأوزار على الطلاب ومعلميهم وأولياء أمورهم وذلك بكثرة أعداد الكتب وأوراق النشاط والتي قد يصل عددها لطالبات الصف الأول الابتدائي على سبيل المثال إلى أربعة عشر كتاباً، إذ منه كتاب الطالب وكتاب النشاط لأغلب المواد والذي يتسبب بدوره في ضياع وقت الصغيرات بين إدخال كتابٍ وإخراج آخر، وأحسبُ أنَّ هذا هو الحال عند البنين وفي المراحل الأخرى سوى الابتدائية، وأحسبُ أيضًا أنَّ مثل هذه الحقيبة التي تحمل هذا العدد لينوء بحمله الكبار من غير الطلاب فضلاً عن الأجساد الغضَّة في سن المرحلة الابتدائية، فضلاً عن بعض التكلّف في وضع كتاب نشاطٍ لمادةٍ لا تتجاوز صفحات مقررها عن عشرين ورقة كمادة التوحيد للصف الأول الابتدائي، أو بعض الخلل في أحد كتب النشاط لمادة العلوم ووضعه بلون أسود وأبيض مع وجود درسٍ هو: (التمييز بالألوان) الذي تستلزم الإجابة عليه وجود الألوان، وأغرب من ذلك وجود اضطرابٍ في إعداد واعتماد المناهج المطورة فقد طبعت بعض كتب المواد العلمية للمرحلة الثانوية ووزعت على جميع الطلاب ثمَّّ سُحبت بعد بداية الدوام بأيام معدودة وبُدِّلت بطبعاتٍ أخرى وهذا فيه ما فيه من الإسراف وتبديد الثروات. وتساءلت كاتبة المنشود على لسان المعلمة الكريمة نورة: (هل واضعو هذه المناهج يدركون الخصائص النفسية والقدرات الذهنية لطفلة المرحلة الابتدائية التي بدأت تنفر من المدرسة بسبب كثرة المهام المطلوبة منها؟) إذ إنَّ بعض الصغيرات أصبحن يدخلن في نوبات بكاء وعدم تقبل للمدرسة طيلة هذه الفترة.

مع إظهار الاستغراب والتساؤل من الإصرار على النشاط اللاصفي والذي يصفه المطلعون عليه والمكابدون له بأنه مضيعة لوقت التلميذة وتبديد لجهد المعلمة وطاقتها، وكان مما يزيد الاستغراب والأسى عند المعلمات وجود فروقات في التعامل بين التلاميذ من البنين والبنات في الصفوف الأولية، فرغم أن المناهج هي نفسها إلا أن البنين لا يشدد عليهم بملفات وأوراق عمل وأنشطة وخلافه، كما تستغرب من الحرص على تطبيق النشاط اللاصفي على البنات دون البنين.

وغير ذلك من الهموم التي هي ضمن المقالة أو خارجها مما لم يذكر ولا يعلمه إلا الله سبحانه.

وبعد ما تقدّم فإني وأحسب غيري الكثير من أفراد المعلمين والمعلمات ومعهم الكثير من خارج قطاع التعليم لنستغربُ كثيرًا مما يحدثُ في مسيرة التعليم من عقباتٍ نحنُ في غنىً عنها، ومن بطءٍ في التطوير والتقدّم لا يليقُ ببلدٍ مقتدرٍ مثل بلادنا ومن تنافرٍ نلحظه بين الوزارة وبين أبنائها وإخوانها وجنودها المعلمين الذين هم في الواجهة وفي الخط الأول وأحسب أنَّه لا ينكر هذا إلا مكابر، فما نسمعه ونقرأه في وثائق التعليم وأهدافه ومبادئه نجدُ أنَّ العمل له لا يأخذ الاهتمام المطلوب ولا السعي الحثيث للتطوير، وهنا فإن أولى ما يجب مراجعته والعناية به وتطويره هو الواجب الإنساني في التعليم والمعاملة العادلة لأفراده والمستفيدين منه، فلا بدّ من التطوير والعناية بالجانب الإنساني قبل المناهج المقررة، ولاسيما ونحن في بلدٍ ننعته بمملكة الإنسانية والتي لها أيادٍ بيضاء على كثيرٍ من دول العالم.

نسمع كثيرًا عن الميزانيات المرصودة للمشاريع ومنها ميزانية التعليم وما يخصص له من المليارات, ولا أعلم كيف غاب عن المسؤولين الأجلاء الذين ينشدون تطوير التعليم وضع المعلم أو المعلمة المحرومة والمغلوب على أمرها حين تخلوا عنها ووضعوا لها نصاب الحصص أربع وعشرين حصة أوعشرين حصة وأمام عددٍ مخيف يصل إلى أربعين وخمسين طالبة أحسب أن من وضع نظام المقررات غابت عنه هذه الأمور فعلى فرض جدواه فهو يحتاج إلى عدد لا يتجاوز الخمس والعشرين طالبةً في الصف وإلى نصابٍ لا يتجاوز الخمس عشرة حصة، فضلاً عن أن بعض معلمات العلوم تقوم بجهدٍ غير مفترضٍ أن تكلّف به وهو تحضير المختبر إذ إن بعض المدارس لا يوجد بها محضرو مختبرات ومنذ أعوام، وأحسب والله أن لو كانت الأنصبة خمس عشرة حصة لكانت عبئًا على المعلم أو المعلمة التي تريد الإبداع وترسيخ المادة العلمية في نفوس المتعلمين.

أتساءل أمام إعلان هذه المبالغ والميزانيات الضخمة أين توفير أجهزة العرض أو(البروجكتور) في كل صف دراسي وأين ما يعرف اليوم بالسبورة الذكية وأين توفير الوسائل التعليمية مثل كتاب المعلمة وأقراص الحاسوب الموسومة ب: (السي دي) لعرض دروس وصور المقررات بأسلوب جاذب وشائق وهو ما قد يتحمله المعلم والمعلمة من حسابه الخاص.. فضلاً عن أنَّه لا يزال عدد كبير من المباني المدرسية مستأجرة، وأما المباني الحكومية فبعضها قد أكل عليه الزمان وشرب، ثمَّ هل صممت المباني لتكون متكاملة من حيث توفر المساحات اللازمة للفصول الدراسية وغرف المعلمين والمختبرات والملاحق الرياضية وغيرها،.. أعود فأقول كيف غابَ عن ناظر وتخطيط السادة الأجلاء المسؤولين في الوزارة كُلُّ هذه الأساسيات والأولويات وتجاسرت الأنظار إلى حصر التطوير في الكتب المطبوعة فحسب، وليتَ أنَّها كانت ذات جدوى أو أثرٍ ملموس على أبنائنا وبناتنا فأنا أسأل أولياء الأمور عن هذه المناهج ولا أزال وبعضهم في التعليم وكلهم يقولون ما وجدنا في هذه الأنشطة ولا في كتب النشاط مزيد نفعٍ ولا حتى أدنى فائدة بل إنها ثقيلة على أذهان الطلاب وغير ملائمةٍ لسنهم، والأدهى والأمر ما حدث من إخراج بعض المكتبات لملخصاتٍ وكتب مختصرة للمناهج المطورة بألوان وصور وإخراج جاذب جعلت الطلاب والطالبات يستغنون عن معلميهم مما أصاب بعض المعلمات بالحرج والخيبة إذ إنها تحس بأنه لا داعي لشرحها وتعبها وبالتالي لم يعد المعلم أو المعلمة يحرص على استيفاء وتفعيل كتاب النشاط والاجتهاد في تبسيط المادة للطالب، طالما أن المتعلم سيضرب بشرح وتعب معلمه عرض الحائط معتمدًا على الملخص أو الكتاب المختصر.

وختامًا، فإنَّ ما أثار هذا الحديث وهذه الشجون إنما هو رسم ونبض صاحبة المنشود، صاحبة الزاوية التي أرى أنَّها مكسبٌ لصحيفة الجزيرة الغراء، والتي طالما كان قلمها سيّالاً وبوَّاحًا بهموم هذا الوطن، وقضايا التعليم والتي هي فردٌ فاعلٌ مخلصٌ من أفراده، وهي بلا شكّ من الحاضرين في الميدان ولا ينبئك مثل خبير، بل لطالما تحدثت صاحبة هذا القلم الإنساني عن معاناة أغمارٍ من المجتمع، فأرجو من الله الكريم أن يجد حديثها ومن تابعها قبولاً وتجاوباً من المسؤولين الكرام وعلى رأسهم وزير التربية والتعليم سمو الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود، والذي قلتُ عنه ولا أزال إننا استبشرنا بقدومه خيرًا، ورجونا أن يكون حامل لواء التطوير والتجديد في العدالة والمعاملة الإنسانية قبل أي تطوير.

راشد بن عبدالله القحطاني

rashed_alqhtany@hotmail.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة