Tuesday  16/11/2010 Issue 13928

الثلاثاء 10 ذو الحجة 1431  العدد  13928

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

           

إنَّ الحج والزكاة هما الركنان الاجتماعيان من أركان الدين، يقوم عليهما الأمر بين الفرد والفرد، وبين الفرد والجماعة، كما يقوم على الأركان الثلاثة الأخرى الأمر بين المرء وربه، وبين المرء وقلبه. يقول الأستاذ أحمد حسن الزيات: إن الزكاة تقيم نظام المجتمع على التعاطف والرحمة، والحج يقيمه على التعارف والألفة؛ فيحقق الأول معنى الإخاء بنفي العقوق، ويحقق الآخر معنى المساواة بمحو الفروق، والإخاء والمساواة شعار الإسلام، وقاعدة السلام، وملاك الحرية، ومعنى المدنية الحق، وروح الديمقراطية الصحيحة.

لقد كان الحج - ولا يزال - مطهر الدنيا، يزيل عن جوهرها أوزار الشهوات وأوضار المادة، وكان الحج - ولا يزال - ينبوع السلامة، تبرد عليه الأكباد الصادية العطشى، وتهدأ لديه الأعصاب المرهقة، وكان الحج - ولا يزال - بمثابة الأمن، تأنس فيه الروح إلى موطن الإلهام، ويسكن الوجدان إلى منشأ العقيدة، وينبسط الشعور بذلك الإشراق الإلهي في هذه الأرض السماوية.

يقول الزيات: كان الحج - ولا يزال - موعد المسلمين في أقطار الأرض على عرفات، يجتمعون على الوداد، ويتآلفون على البعاد، ويقفون سواسية أمام الله حاسري الرؤوس، خاشعي النفوس، يرفعون إليه دعوات واحدة في كلمات واحدة، تصعد بها الأنفاس المضطرمة المؤمنة، تصعد البخور من مجامر الطيب، أو العطور من نوافح الروض، هنالك يقف المسلمون في هذا الحشر الدنيوي حيث وقف صاحب الرسالة وحواريو النبوة وخلفاء الدعوة وأمراء العرب وملوك الإسلام وملايين الحجيج من مختلف الألوان والألسن، فيمزجون الذكرى بالذكر، ويصلون النظر بالفكر، ويذكرون في هذه البقعة المحدودة وفي تلك الساعة الموعودة كيف اتصلت هنا السماء بالأرض، ونزل الدين على الدنيا وتجلى الله للإنسان، ونبتت من هذه الصحراء الجديبة جنات الشر والغرب وثمرات العقل والقلب، وبينات الهدى والسكينة.

إنَّ في كل بقعة من بقاع الحجاز أثراً للفداء ورمزاً للبطولة؛ فالحج إليها إيحاء بالعزة، وحفز إلى السمو، وحث على التحرر، وتذكير بالوحدة، هنا غار حراء مهبط الوحي، وهنا دار الأرقم رمز التضحية، وهنا غار ثور منشأ المجد.

إنَّ في حجهم البيت زمناً بعد زمن إعلاء لشأن الملة، بأداء الفريضة، وسعياً لجمع الكلمة، وسبيلاً إلى عموم الوحدة، وإنّ البيت العتيق الذي انبثق منه النور ونزل من سمائه الفرقان وانتظم عليه الشمل لا يزال مناراً للأمة ومثاراً للهمة، ومشرق الأمل الباسم بالعصر الجديد والمستقبل السعيد.

* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام - محمد بن سعود الإسلامية



 

كان الحج ولا يزال
د. زيد بن محمد الرماني *

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة