Wednesday  17/11/2010 Issue 13929

الاربعاء 11 ذو الحجة 1431  العدد  13929

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

إذا كان ميثاق الشرف الإعلامي ضرورة مُلحّة، فإن من أهم أدواته الهادفة والمسؤولة والنزيهة: احترام الآخرين، مهما اختلفنا معهم في التوجهات والأفكار، والالتزام باحترام المهنة، دون الخوض في التحريض، والكراهية، وثقافة إقصاء الآخر.

على أي حال، فقد تعالت بعض الأصوات المستهجنة في - الآونة الأخيرة -، والتي تأثرت بوطأة أيديولوجيات، أو ضغط انتماءات معينة، مدفوعة بحسابات ضيقة، ضد كل من يختلف معها في فكرة ما؛ لتسيء إليها، وتخلق وسطاً متشنجاً. وهذه - بلا شك - أزمة تقع في قلب حقل التنوع الثقافي والفكري، قائمة - للأسف - على إنكار التعدد، وإقصاء الآخر ؛ لتقبل أيديولوجيتها المحمومة، وتشكل صورتها اللا أخلاقية بين الإنسان وواقعه، قد تصل إلى حد التناقض. مع أن هدف القبول بالآخر، هو: التفاعل، وليس إزاحته.

هذه الأزمة الكبرى من الأحكام المسبقة، أستطيع أن أعبر عنها، بأنها: أزمة أخلاقية في المقام الأول، قبل أن تكون أزمة فكرية. وهي مليئة بالتشكيك، والتخوين، والإقصاء، مما سيدفع بالظاهرة الثقافية والفكرية إلى التطرف الآخر. إضافة إلى انهيار البنى المنظوماتية - الأخلاقية والإنسانية -، التي تعصف بكيان المجتمع، وتنذر بتفككه.

وأمام ضربات هذه الأزمة اللا أخلاقية، والتي يسعى أصحابها إلى تحقيق غايتها على حساب الطرف الآخر، - خصوصاً - إذا كان الخلاف ناجماً عن رؤى، ومصالح ضيقة بين الجماعات الإنسانية؛ لتستأصل التكامل الوطني، ويختزل الكل في الجزء. فتشن الحملات الإعلامية والفكرية ضد العلماء والمفكرين، ضمن صراعات تصفوية، وأطياف متباينة، نقرأها كل يوم في مقالات لا تترك أثراً. فكانت كصوت نشاز، أو عزف سقيم، عبر دهاليز وسراديب مظلمة.

ما رأيكم بتصفية عقلية شمولية، لا تزال قائمةً ومستمرةً، تحت شعار استبدادي جديد، مغلف بأيديولوجية براقة، دعا إليها أحد كبار الكتاب - قبل أيام - في صحيفة الرياض، العدد «15396»، فكان مما قال: «والذين يتطوعون بالحديث، أو إبداء الرأي، أو إعطاء مشورة لمن يكبرونهم مكانةً، أو سناً، أو مسؤوليةً، هم أقرب إلى السفهاء. هؤلاء لا بد وأن تقطع ألسنتهم، أو تخسف بهم الأرض، أو يبعدون عن الواجهة، ويغيّبون عن الوجود تماماً». فهل سيمكننا التعاطي مع هوية فكرية وثقافية بهكذا مضمون، باعتبارها أفقاً لمشروع حضاري إنتاجي، يعمل في فضاء العقل النقدي المفتوح، ومن خلال شمولية عولمية جديدة؟. هذا التفكير الأحادي ذو النزعة الإقصائية، سيهدم - بلا شك - مرحلة البناء، التي بدأها مشروع - خادم الحرمين الشريفين -, وشرع أبوابها أمام لغة «الحوار مع الآخر»، والتي تحتاج إلى فكر وثقافة وممارسات؛ لتنوير الرأي العام بحقيقة ما يجري.

لا نستطيع أن نملك الحقيقة الكاملة، فهذا ليس مطلوباً. وإنما المطلوب أن نصل إلى قناعات مشتركة، وإيجاد مساحات من التناغم المشترك. مع توفر النية الصادقة في أي موضوع يُثار البحث عنه. هذه الخصلة الإيجابية، ينبغي أن تكون حاضرة في عقولنا وضمائرنا، وفي فضائنا الثقافي بشقّيه - الفكري والمعرفي -. وخذ على سبيل المثال: كيف جعلت الحضارة الإغريقية من الحوار، أحد أهم المكونات الأساسية لرؤيتها للحياة. فهل سنعي الدورة التاريخية التي تكلم عنها ابن خلدون، والتي يجب أن تستنفذها مجتمعاتنا بأقل قدر ممكن من الخسائر؟.

drsasq@gmail.com
 

أزمة إقصاء الآخر .. بعراب جديد !
د. سعد بن عبد القادر القويعي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة