Wednesday  17/11/2010 Issue 13929

الاربعاء 11 ذو الحجة 1431  العدد  13929

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

ورحل قاضي عسير ومؤرخها

 

رجوع

 

ودعت عسير فجر يوم الاثنين الثاني من شهر ذي الحجة عام 1431هـ الشيخ القاضي، والنسابة المؤرخ هاشم بن سعيد النعمي « رحمه الله « الذي انتقل إلى الدار الآخرة بعد أن خدم القضاء في منطقة عسير لما يزيد على أربعين عاماً متنقلاً ما بين محايل ورجال ألمع وأبها التي تولى الإمامة والخطابة في جامعها الكبير (جامع الملك عبدالعزيز) وجامع الملك فيصل بالإضافة إلى صلوات العيدين والاستسقاء لمدة تزيد على ثلاثين عاماً.

وقد عم الحزن والأسى قلوب أبناء منطقة عسير وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير - حفظه الله - الذي يكن للشيخ كل محبة وتقدير، كما صلى الفقيد وشيعه إلى قبره المئات من أبنائه ومحبيه وعارفي فضله، ولا شك بأن فقد العلماء ثلمة لا تُسد إلى يوم القيامة ومن النقص الذي فُسَّر به قول الله تعالى: ?أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ?الرعد:41.

وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من قلوب الناس ولكن بقبض العلماء..... الحديث).

وكما قال الشاعر العربي:

لعمرك ما الرزية فقد مالٍ

ولا شاة تموت ولا بعير

ولكن الرزية فقد شخص

يموت بموته خلق كثير

وقد كانت للفقيد - رحمه الله - إلى جانب علمه وفقهه واشتغاله بالقضاء والفصل بين الناس في خصوماتهم وإمامته وخطابته لجامع أبها الكبير جهود علمية أخرى تذكر فتشكر في مجال توثيق تاريخ منطقة عسير وجغرافيتها والوقوف بنفسه على كثير من مدنها وقراها وجبالها وسهولها سراة وتهامة من أجل دراستها وحصر مواقعها الجغرافية وتوثيقها تمهيداً لإخراجها في معجم جغرافي مطبوع، وقد كان الشيخ - رحمه الله - يزمع في أخريات حياته أن يخرج ذلك المعجم الضخم حيث أخبرني عندما سألته في أحد اللقاءات عن معجمه الجغرافي بأنه في المراحل النهائية من بروفات المراجعة تمهيداً لطباعته إلا أن مشيئة الله تعالى قد سبقت بمرض الشيخ ووفاته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

وإني لآمل من أبنائه البررة أن يحققوا رغبة والدهم الجليل - رحمه الله - بطباعة ذلك المعجم الجغرافي ليرى النور ويفيد منه الباحثون في تاريخ وجغرافية منطقة عسير وكذلك بأن يجتهدوا في البحث عن بقية مؤلفات الشيخ - رحمه الله - والتي كانت موضع اهتمامه وعنايته إبّان حياته في الأدب والتاريخ والأنساب لترى النور بطباعتها وإخراجها للناس.

ولا ننسى كذلك إسهام الشيخ - رحمه الله - في توثيق تاريخ منطقة عسير بتأليفه لكتاب (عسير بين الماضي والحاضر)

الذي يُعد أول دراسة معاصرة معمقة وموثقة عن تاريخ عسير وكانت طبعته الأولى قبل ما يزيد على أربعين عاماً عندما كان الشيخ رحمه الله قاضياً في رجال ألمع، ثم أعيدت طباعة الكتاب مؤخراً بعد أن أضاف الشيخ على الكتاب إضافات مفيدة وتولت طباعته مشكورة دارة الملك عبدالعزيز وذلك ضمن مطبوعاتها احتفاء بالذكرى المئوية لتأسيس المملكة العربية السعودية عام 1419هـ كما أن نادي أبها الأدبي قد طبع للفقيد - رحمه الله - الجزء الأول من كتابه « شذا العبير في تراجم أدباء وعلماء منطقة عسير عام 1416هـ «

وحبذا لو يتولى النادي نفسه طباعة الجزء الثاني من هذا الكتاب بعد أن يطلب ملازمه ومسوداته من أبناء الشيخ - رحمه الله -.

ونسأل الله تعالى أن يغفر لشيخنا وأديبنا ووالدنا الشيخ هاشم بن سعيد النعمي وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدمه لدينه ومليكه ووطنه وأبناء منطقة عسير من خدمات جليلة في القضاء والتأليف وأن يلهم آله وذويه الصبر والسلوان و(إنا لله وإنا إليه راجعون) وأختم بأبيات شعرية جاشت بها القريحة في رثاء الشيخ - رحمه الله - حيث أقول:

نؤوب إلى المولى الكريم ونفزعُ

ونلجأ عند الحادثات ونرجعُ

وندعوه لا ندعو سواه ومن لنا

إذا حلًّ خطب أو تحدر مدمعُ

هو الله رب الكون لا رب غيره

له الحكم في أمر الخلائق أجمعُ

وقد هُدَّ ركنٌ في الفضائل والتقى

وفي العلم والإيمان يُنمى ويُرفعُ

هو السيَّد النعمُّي والشيخ هاشم

له في القضا باع طويل ومهيعُ

وكان خطيباً لا يُشقَُ غبارهُ

لإعلاء دين الله يتلو ويُسمعُ

فلله دَرُّ الشيخ كم هزَّ منبراً

بترتيل آيات ووعظٍ يُرجَّعُ

وكان أديباً بارعاً ومؤرخاً

وفي شأن أنساب القبائل مرجعُ

ووثق عن علم لأحداث حقبةٍ

مضتْ في عسير بالحقائق توضعُ

وطاف بأرجاء البلاد منقباً

ليثبتَ تاريخاً يضيء ويُقنعُ

فيارب وارحم شيخنا وفقيدنا

وأسكنه جنات النعيم يُمتَّعُ

مع الرسل والصحب الذين حبوتهم

جواراً له تهفو النفوس وتطمعُ

د. عبدالله بن محمد بن حميّدمدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية منطقة عسير

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة