Wednesday  17/11/2010 Issue 13929

الاربعاء 11 ذو الحجة 1431  العدد  13929

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الحج ينبذ خلافاتنا ويؤكد تواصلنا
خالد عبدالعزيز الحمادا

رجوع

 

الحج موسم عظيم ومشهد مؤثر ومعبِّر ومحفِّز للعقول كي تفكر وتستنطق الحِكَم والعِبَر وأسرار هذا الموقف الكبير.. فالحج مؤتمر إسلامي وتجمُّع كبير على مستوى الأمة يؤكد الترابط واللحمة فيما بين أفرادها وجماعاتها.. الأمة الإسلامية متنوّعة المذاهب والأفكار ومتلوّنة الأشكال فيها طوائف وقبائل متخالفة، وفي حالة ضعف الأمة تبرز وتطفو هذه الانقسامات والاختلافات والتنوّعات على السطح ويجد العدو منها نقطة ضعف يزيد في لهيبها ويؤجج فيما بينها، فيصبح حال الأمة مثل ما هو حاصل اليوم تنافر وفرقة وتصدُّع وانقسام وكلمة متشتتة.. وهنا يبرز ويتضح لنا سر من أسرار الحج العظيمة وهي لمّ الأمة وتوحيد صفوفها وتوحيد كلمتها وإعادتها إلى منابع عقيدتها ومنطلق تشريعها ومصدر تعاليمها، فلا مظاهر ولا مباهاة ولا ماديات ولا هتافات وشعارات ودعم لسياسات معيّنة، وإنما وحّد لباسهم ووحّد هتافهم وصاغ صوتهم وجعلهم يلهجون بصوت واحد (لبيك اللهمّ لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك).

ورغم شدة الزحام وضيق المكان وكثافة العدد إلا أنه نظّم تنقلاتهم وبيّن من خلال النصوص. إنّ الهدف من هذه المشاعر هي عبادة الله وتعظيمه وتقواه {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} وقال تعالى {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ... } الآية، وقال تعالى: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ}. والنصوص كثيرة التي تبيّن أنّ الحج بالقلب لا بالأعضاء فقط، ولذلك من حرص الإسلام على التيسير والتسهيل على الحجاج، نجد هناك نصوصاً كثيرة تحض على التيسير وعدم المشقة والتعسير على وفود الرحمن منها (السكينة السكينة ليس البر بالإيضاع) قالها عليه الصلاة والسلام وقت الإفاضة من عرفات، وعندما سألوه عن حجم حصى الرمي في مزدلفة قال: (أمثال هؤلاء فارموا وإياكم الغلو في الدين) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وما سئل يوم العيد عن شيء قدم أو أخر إلاّ قال: (افعل ولا حرج).

وقال: (لو أملك من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ورخص للضعفاء في الانصراف من مزدلفة لرمي جمرة العقبة ورخص للرعاة ورخص للعباس لسقيا الحجيج بعدم المبيت في منى، وقوله (نحرت ههنا ومنى كلها منحر) و(ووقفت ههنا وعرفة كلها موقف) إشارة إلى سعة الأمر وان الحج معنى وقيمة وعبادة وتقوى وتعظيم شعائر الله في القلب قبل تأديتها في الجوارح.

ولكي لا يتصوّر الإنسان أنّ الأمر مفتوح وأنه ليس هناك أحكام وضوابط في الحج، فالشارع نظّم الحج ووضع له أركاناً وواجبات لا يسمح بتجاوزها أو التنازل عنها انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم (خذوا عني مناسككم)، وهناك نصوص كثيرة تحث على التمسك بثوابت الحج وأركانه قد لا يتسع المكان لسردها.. فنعود ونقول: إنّ هذا التجمع من أسراره تأكيد تواصل هذه الأمة والتفافها حول نفسها وتأليف قلبها، وكذلك رسالة لنبذ خلافاتها وإعادتها إلى منابع عقيدتها ومصدر تشريعها، فعلينا أن نستثمر هذا الاجتماع لإشاعة السلام ونبذ الخلافات بين أبناء وفرق ودول هذه الأمة، وإلى توحيد الصف ولمّ الشمل وأن تكثف الرابطة جهودها وجلساتها واجتماعاتها على مستوى مسؤولي الدول الإسلامية، لأنّ الحج فرصة وحدث يساعد على عقد اللقاءات والمؤتمرات لكونه في نهاية كل سنة وفي أشهر حرم وفي أيام معدودة فضيلة، قد خشعت فيها القلوب ولانت الجلود لذكر الله، والأمة الإسلامية قلوبها مع حجاج بيت الله وكلهم يلهجون بالدعاء لحفظ وسلامة هؤلاء الحجاج.. ومكة أرض مقدّسة ومرجعية للأمة الإسلامية فعقد اللقاءات الإسلامية فيها وتوقيتها مع موسم الحج، يساعد على نجاحها وعلى جني نتائج طيبة منها، فآمل من الرابطة ألاّ تكتفي بإلقاء خطابات فقط في مؤتمراتها، وأن تعقد الجلسات واللقاءات المطولة وأن تناقش أوضاع وخلافات ومشاكل الأمة الإسلامية كاملة في مشارق الأرض ومغاربها، وأن تخرج بنتائج وتوصيات في نهاية كل مؤتمر وأن تكون هناك لجنة تتابع وتشرف على تنفيذ هذه النتائج والتوصيات .. آمل ذلك وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

alhamada1427@hotmial.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة