Saturday  20/11/2010 Issue 13932

السبت 14 ذو الحجة 1431  العدد  13932

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

يستمر الصراع الفكري في المجتمع السعودي، لكن يبدو أنه دخل إلى منعطف آخر، فلغة الخطاب وصلت إلى أقصى حدود الانحياز، وإلى التغاضي عن وجوه العنف الجسدي واللفظي، وعن بعض وجوه الفساد الإداري والقضائي، وفي ذلك تهديد لأمن المجتمع، بل وصل الأمر إلى أدلجة الجريمة، فإلى الآن لم أقرأ تنديداً من رموز التيار الديني لاستخدام عضو هيئة للسكين ضد مواطن إثر خلاف على هيئة «برقع»..

كذلك لم أسمع عن أي تنديد منهم عن حادثة فتاة القصيم، ولم تصدر فتوى في جريمة الصعق الكهربائي لعلاج مس جني لجسد فتاة، كانت نتيجته موت الفتاة.. وقد وصل الانحياز مع مرتكب الجريمة إلى استخدام وسيلة الشفاعة، فقد تقدم «البعض» لدى ذوي فتاة القصيم التي لقت مصرعها على يد راقٍ شرعي استخدم الصعق الكهربائي في علاجها، للتنازل عن ذلك الراقي باعتبار الحادثة قضاءً وقدراً، وأنها كانت بغرض العلاج..!!.. عن أي علاج يتحدث هؤلاء؟! وهل كان في الأثر استخدام الكهرباء في علاج الجن.. الأبرياء من هذا الدجل كبراءة الذئب من دم يوسف.

هل يعقل أن يصل حد التآمر الأيديولوجي إلى السكوت عن جرائم لا يسمح بها أي قانون على وجه الأرض.. وإلى درجة الصمت المطبق عن ظهور الفساد بين بعض القضاة؟! قد يغضب البعض من ردة فعل بعض الكُتَّاب، والتي جاءت لاختفاء منهج التصحيح والتطوير في الجهة المقابلة، وقد طغت على معظم أطروحاتهم مواضيع مواجهة أزمة التشدد الديني ووتيرة الصراع المتصاعد، وعن وجوه الخرافة في المجتمع السعودي..

لكن حقيقة الصراع ليس ثقافياً أو ليبرالياً دينياً، ولكن ديني ديني.. وعن ماذا يحدث؟ سؤال يحمل أكثر من علامة استفهام، فهل نحن في طور صراع مبرمج بالريموت الكنترول، أم أن قدرنا أن نظل في دورات هذا الصراع للأبد، والذي كان ومازال يمثل أزمة المجتمع المسلم منذ القدم..

لقد مر المجتمع في أزمات كان أغلبها يخرج من بوابة الصراع السياسي الديني الديني، وكادت أن تعصف بمستقبل الوطن، فالتحدي الأول كان مع الإخوان الأوائل، وكان الصراع سياسياً من الدرجة الأولى، ويليه قصة جهيمان وما نتج عنها من آثار سلبية على المجتمع، وفي آخر المطاف ظهر تيار الجهاد السياسي الذي يعتبر التيار الأنشط في حلقات الصراع، ويستخدم وسائل متعددة للنفوذ على المجتمع..

كان العامل المشترك في الصراعات الثلاثة خروجهم من عباءة السلطة، والسبب كان أدلجة الدين واستخدامه في الصراعات السياسية، والذي عادة ما يؤدي إلى إصابة المجتمع بالعمى الثقافي، وإلى اختفاء ميزان العقل في تقدير الجريمة، لذلك في خضم الصراعات السياسية لا يعاقب القتلة على جرائمهم، وقد يفسر ذلك ما يحدث من صمت من التيار الديني..

قد تكون بعض أوجه الصراع من طبيعة البشر، وقد تظهر علاماته في كل منزل ومؤسسة، لكنه يصبح سلبياً بامتياز، إذا وصل إلى المؤسسات القضائية والأمنية، وبكلمات أخرى يكون منحازاً وعامل هدم ويؤجج من الصراع إذا كانت تلك المؤسسات مؤدلجة بفكر ديني مسيس بقضية إحكام السيطرة على المجتمع..

نتيجة لذلك تخرج الجريمة عن حدودها وعلى أنها فعل إنساني، يُسأل عنه الفرد، ويتحمل عواقبه إذا توافرت الإرادة والحرية والاختيار.. ويصبح تقييمها من قبل أيدولوجية فاعلها، وليس من خلال نوعها، فعلى سبيل المثال تصبح قضية مثل شرب الخمر جريمة قد تصل جريمتها إلى السجن لشهور وسنين، بينما لا تمثل قضية قتل فتاة بالصعق الكهربائي أكثر من خطأ إنساني غير مقصود!

في أدلجة الجريمة ضياع لثقافة القانون والحقوق في المجتمع، ولا بد من إخراج المؤسسات العامة ومنها هيئة الأمر بالمعروف ومؤسسة القضاء من وجوه الصراع الديني والأيديولوجي في المجتمع، والسبب أن الصبغة الدينية في واقع الأمر هي غطاء سياسي، وفيها دعوة لردة فعل من الأطراف الأخرى في المجتمع.. لذلك لا بديل من ثقافة القانون وتطبيقاته الحديثة من أجل مستقبل هذا الوطن.

 

بين الكلمات
أدلجة الجريمة.. فتاة القصيم مثالاً!
عبد العزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة