بتفكيك الاتحاد السوفياتي، وتغير أنظمة دول شرق أوروبا من أنظمة الحزب الواحد إلى الديمقراطية الغربية، قضي على حلف وارسو الذي كان يضم تلك البلدان، في حين قوى الحلف الآخر، حلف شمال الأطلسي الذي أصبح الحلف الوحيد وإن استطاع أن يضم إليه الكثير من البلدان التي كانت فيما مضى من مؤسسين أو أعضاء في الحلف المنافس.

هذا الحلف الذي تخلص من منافسه الحلف الآخر، تورط في حروب ومواجهات سياسية واستفزازية مع دول أخرى. فالحلف الأطلسي غارق وبشدة في المستنقع الأفغاني، كما أن الحلف يدفع دفعاً لغرض «الفلسفة الغربية» سواء وفق النهج الأمريكي البريطاني، أو حتى النظرة الأمريكية الفرنسية الألمانية البريطانية وجعلها نهجاً يطبق على العالم دون الأخذ بوجهات نظر القوى الدولية الأخرى والتراكم الحضاري والأخلاقي والقيم الإنسانية والدينية والثقافية.

فرض هذه الفلسفة التي ألبست أثواباً سياسية أكثرها شيوعاً واستعمالاً ثوب الديمقراطية الذي يريدون إلباسه على العراق على الرغم من اختلاف مقاييس التفصيل وإرغام الأفغانيين على ارتدائه، مع التلويح بالحروب والمعارك مع دول أخرى ما لم ترضخ لتوجهات هذه الفلسفة.

فرض هذه الفلسفة وهذا التوجه الغربي يحتاج إلى ذراع عسكري قوي، وهو ما يتمثل الآن في الحلف الأطلسي الذي يكاد يتحول إلى القوة العسكرية الأكثر شمولية وقوة، فقد حضر الاجتماع الأخير لقادة الحلف الذي عقد في البرتغال 35 رئيس دولة، بحثوا استراتيجية إنهاء ورطة التدخل في أفغانستان وكيفية الانسحاب من هذا القطر المسلم دون أن يخسروا رهان فرض الفلسفة الغربية، ووضع استراتيجية لمواجهة الإرهاب، وأخيراً مناقشة التصدي للصواريخ الباليستية من خلال جلب نظم دفاعية أمريكية طويلة المدى إلى أوروبا ووضع برنامج من خلال الحاسوب «الكمبيوتر» يربط النظم الدفاعية الوطنية المختلفة بشبكة واحدة.

الهدف من إقامة هذا النظام هو التصدي للصواريخ الباليستية التي تهدد إيران وكوريا الشمالية استهداف عدد من الدول الأوروبية، إلا أن روسيا ترى أن الهدف من إقامة هذه الشبكة موجه إلى روسيا لأن الأطلسيين يريدون اصطياد الدببة بالادعاء بنصب الفخاخ للفئران..!!