Wednesday  24/11/2010 Issue 13936

الاربعاء 18 ذو الحجة 1431  العدد  13936

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

           

استراتيجية ناجحة.. لاقتصاد متين:

في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم اليوم، والأزمة المالية الخانقة التي أصابت دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وحالة القلق السائدة في العالم، من جهة، وتراجع النمو في الحركة الصناعية والاقتصادية العالمية، بما في ذلك: انهيار العديد من المؤسسات المالية، والشركات الصناعية الكبرى، من جهة أخرى؛ ما دفع الكثير من أصحاب القرار إلى التخوف من آثار هذه الأزمة على اقتصاد العالم بلا استثناء، خشية أن تتحول تلك الأزمة إلى كساد عالمي كبير، جاء إعلان الدولة السعودية يوم الاثنين الموافق للثاني والعشرين من شهر ديسمبر «2008م» عن أكبر ميزانية في تاريخها؛ حيث بلغت إيراداتها تريليوناً ومائة مليار ريال، متجاوزة توقعات العام الذي قبله بأكثر من الضعف؛ فقد توقعت ميزانية العام السابق أن تكون الإيرادات «450» مليار ريال، في حين تتوقع أن تكون ميزانية العام المقبل في حدود «410» مليارات ريال. وفي المقابل، فإن مصروفات العام الماضي الفعلية وصلت إلى «510» مليارات ريال، فيما حددت ميزانية العام القادم بـ»475» مليار ريال، وتشمل زيادة في رواتب موظفي الدولة، وإعانات سلة رئيسية، ومشاريع في المدن المقدسة، ومصروفات أخرى عسكرية وأمنية.

إن القراءة الاقتصادية المتأنية لميزانيات الأعوام السابقة تشير إلى أن المملكة لم تدخل الأزمة المالية العالمية، وأن استمرارية الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية والاستراتيجية في البنى التحتية تمثل - بلا شك - استراتيجية جاذبية للبيئة الاستثمارية بشكل عام؛ ما يعكس زيادة الثقة بالاقتصاد السعودي.

وهذا يعني أن التحدي الكبير الذي سيحتاج إليه أصحاب القرار في المرحلة المقبلة في هذا البلد, ممثلاً بالمؤسسات المالية السعودية، كمؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد، يتمثل في توجيه الأموال للمشاريع التنموية، والاستراتيجية التي تحتاج إليها الدولة؛ لأن هذه الخطوة ستسهم في تدوير الاقتصاد؛ وبالتالي ستخفف من تأثير الكساد الذي يعيشه العالم اليوم بسبب حالة الركود. مع التأكيد على ضرورة فتح قنوات استثمارية جديدة، ودعم خيارات الدخل القومي كتشجيع الصناعة داخل المملكة، وزيادة حصة الناتج المحلي من غير النفط، ولاسيما بعد تراجع أسعاره بصورة غير متوقعة ومفاجئة، فقد من خلالها أكثر من 75 % من المكاسب التي حققها خلال عامي 2007- 2008م.

من جانب آخر فإن السياسة الحكيمة تدرك أن الاقتصاد هو السياسة، بل باتت السياسة أكثر خضوعا لأحكام الاقتصاد، بسبب العولمة التي نعيش آثارها اليوم؛ ولذا كان من أكبر التحديات التي واجهتها قمة ال «20»، التي عقدت في «26 و27» حزيران «يونيو» الجاري في «تورنتو» بكندا، هو: تسريع إصلاح النظام المالي الدولي، والمسارعة في سد الفجوات في التنظيمات الحكومية، وتبني خطط تحفيز اقتصادية، وتطبيق رقابة عالمية جديدة؛ من أجل استقرار الأسواق المالية الدولية، وتجنب وقوع أزمات أخرى في المستقبل.

وقد شكلت مبادرة خادم الحرمين الشريفين، التي أعلنها في قمة واشنطن، بزيادة الإنفاق العام بالمملكة بمقدار «400» بليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، إسهاماً ملموساً في تحفيز الطلب العالمي، لا تجاوز عوامل الركود الاقتصادي العالمي. كما كان لتلك المبادرة أثرها الإيجابي في تعزيز ثقة البنوك، ومؤسسات الاستثمار العالمية بقدرة المملكة على تجاوز السلبيات الاقتصادية العالمية. مع التأكيد، على أن أهمية مناقشة برنامج الإنعاش الاقتصادي في اقتصادات دول العالم لا تعني ذلك، أن على جميع الدول تحمل تلك المصارف على الإقراض، حتى لا تحمل مصارفها ثمن أخطاء ارتكبتها مؤسسات مالية عالمية، معظمها من الاقتصادات المتقدمة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن دعم الاقتصاد السعودي من خلال إنفاق الاقتصاد المحلي للمملكة، فيه فائدة للاقتصاد العالمي. كما أن اهتمام الدولة بالاحتياجات الحالية والمستقبلية للطاقة على الصعيدين المحلي والعالمي، وافق مجلس الوزراء على استراتيجية الغاز في المملكة، التي أعدتها وزارة البترول والثورة المعدنية. وتهدف الاستراتيجية إلى تحقيق أعلى مردود اقتصادي واجتماعي للمملكة من خلال استغلال مواردها من الغاز الطبيعي، ضمن خطة تستهدف تلبية الطلب على الغاز وسوائله، حتى عام «2025 م».

فاجعة جدة.. والخطاب الملكي:

تألم خادم الحرمين الشريفين للأحداث المأساوية، التي تعرضت لها محافظة جدة من جراء الأمطار والسيول الجارفة، بكل ما حملت من تداعيات أليمة، تدل على عمق هذه الكارثة. ويؤكد ثوابت الدولة بما يتفق مع مضامين النظام الأساسي للحكم: «تحديد كل مقصر، أو متهاون، ومحاسبته»، خاصة بعد صدور الأمر الملكي بتشكيل لجنة للتحقيق في كارثة جدة، وتقصي الحقائق في أسباب الكارثة، وتحديد مسؤولية كل جهة حكومية، أو أي شخص ذي علاقة بها، وهي رسالة واضحة، أكدت على وقوف الملك عبدالله - يحفظه الله - مع مواطنيه في السراء والضراء، وتعبير عن إحساسه بمعاناتهم، ومشاركته همومهم وأحزانهم، فمصلحة الوطن والمواطن هي محل اهتمام القيادة في هذا البلد.

لم يترك الخطاب الملكي الشهير أية ثغرة للاجتهاد حول خطورة ما حدث من جراء فاجعة سيول محافظة جدة، وإحالة جميع المتهمين بهذه الكارثة إلى هيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام، استناداً للمواد «24, 27, 28» من نظام الإجراءات الجزائية؛ ما يشعرنا بأننا أمام مرحلة تاريخية ومفصلية في آن واحد، وتفعيل المساءلة الشرعية والقانونية لحالات الفساد الإداري والمالي، وإحداث أنظمة إصلاحية، في ظل تسجيل قصور ملحوظ في تفعيل أنظمة الرقابة على أجهزة الدولة.

لقد علمنا خادم الحرمين الشريفين بصفة شخصية دعمه للأجهزة الرقابية كافة؛ للارتقاء بالإصلاحات التي تتبناها الدولة؛ ولذا فإن عملية التصحيح الواردة في الخطاب الملكي، الذي اتصف بلغة الملاحقة والمتابعة، يؤكد إعادة البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، وصياغة فكر إداري جديد. وعدم السماح للفساد أن يتنقل مرة أخرى إلى أجهزة الدولة.

إن مكافحة الفساد الإداري والمالي أمر ممكن، ولا يكون ذلك إلا بالقضاء على أسبابه ومبرراته، وتشخيص الأسباب المؤدية إلى تفشيه بهذه السرعة، كما أن مكافحته من القضايا المهمة، التي تندرج في قضايا الإصلاح في كل زمان ومكان، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه لا بد من الاستعداد النفسي لمحاربة هذه الظواهر المقيتة، وإذكاء الوعي في منعها، والتعاطي معها بالجدية المطلوبة. وبهذه الثقافة فقط استطاع خادم الحرمين الشريفين أن ينشئ هيئة وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، من خلال:

1- إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد، ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية، ورصد نتائجها وتقويمها ومراقبتها، ووضع برامج وآليات تطبيقها.

2- قيام الأجهزة الحكومية المعنية بحماية النزاهة ومكافحة الفساد؛ لممارسة اختصاصاتها، وتطبيق الأنظمة المتعلقة بذلك، وتقليص الإجراءات وتسهيلها، والعمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول، مهما كان موقعه وفقاً للأنظمة.

***

غداً..غداً..

نستعرض غداً في الحلقة الأخيرة الحضور القوي لسياسة خادم الحرمين الشريفين تجاه الاعتداء الآثم من قِبل عصابات المتسسللين على حدود المملكة وإخماد هذه الفتنة قبل أن يتحول خطرها من النطاق المحلي إلى الإقليمي، والكفاءة التي أبداها الجيش السعودي في المواجهة على طول الحدود الجنوبية رغم شراسة القتال.

إلى ذلك نستعرض اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالمشروعات العملاقة في مكة والمدينة والمشاعر المقدسة؛ لمواكبة الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين.

وتعدُّ هذه المشروعات هي الأكبر من نوعها في التاريخ بتكاليف تصل إلى عشرات بل مئات المليارات.

(*) باحث في السياسة الشرعية

drsasq@gmail.com
 

الملك عبد الله.. في ميزان العالم 4 - 5
استراتيجية الملك الاقتصادية أبعدت المملكة عن شبح الأزمة المالية
بقلم: د. سعد بن عبدالقادر القويعي (*)

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة