Thursday  25/11/2010 Issue 13937

الخميس 19 ذو الحجة 1431  العدد  13937

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

           

في الأيام القريبة الماضية ودعت منطقة الجوف -الجزء العزيز والغالي من بلادنا ابنها المخلص البار المواطن الإنسان والمربي الناجح والإداري القدير الدكتور عارف المسعر عن عمر يناهز السبعين عاما...

وبفقده غاب عن الساحة وخسر الوطن أحد الرجال الأكفاء والمخلصين النبلاء والمربين الأفذاذ ممن ساهموا بشرف وتضحية على مدى نصف قرن بعطاء متواصل لا يعرف الكلل والملل بعيداً عن الأضواء ووهج الشهرة لم يحصل لي شرف زيارة منطقة الجوف الحبيبة والأثيرة إلى نفسي هذه الدرة الزاهية في شمال الوطن رغم حرصي الشديد على تحقيق هذه الأمنية.

وليس غير صروف الأيام وتقلباتها وظروفها المتشابكة أي سبب آخر.. لكن وهذا مصدر فخر واعتزاز لي وأقولها بكل ثقة تعرفت ولفترات متفرقة ومتباعدة على بعض من يعطون المثال الحي الصادق عن شهامة ووفاء وكرم وعادات سكان هذا الجزء العزيز من الوطن أمثال الفقيد الغالي الدكتور عارف عليه من الله شآبيب الرحمة والرضوان بمشيئة الله تعالى كانت بداية معرفتي به في بواكير الشباب وفي مطلع حياتنا الوظيفية منذ ما يقرب من خمسين عاماً، عندما التقيت به لأول مرة في الطائف حيث جمعتنا دورة علمية تقيمها في تلك الأعوام وزارة المعارف في عصرها الذهبي كل صيف أثناء العطلة الصيفية الدراسية وكانت تجمع كوكبة مختارة من القائمين على التدريس من شتى أنحاء المملكة ولمدة خمسين يوماً من أجل إثراء معلوماتهم وشد حبل التواصل والتعارف فيما بينهم، وكانت والحق يقال من أزهى أيام حياتنا لقد تعرفت في تلك الفترة الزاهية على الفقيد الزميل الغالي أبي عبدالسلام وكانت بداية التواصل ويالها من بداية مشرفة حيث وجدت فيه مثال الزميل الوفي الذي يطبع سلوكه الأخلاص والنقاء العامر بالأخلاق السامية والوفاء والشهامة والحلم والتواضع وعندما تمت ترقيتي بمسابقة في جهاز الوزارة انتقلت على إثرها من محافظة الرس إلى الرياض كانت مراجعة زميلي وصديقي لا تنقطع عن جهاز الوزارة بحكم عمله ومسئولياته التي بدأت تتضاعف وتكبر في منطقة الجوف التعليمية وكنا نجد الوقت الكافي لتبادل الذكريات وأيام المصيف المانوس الطائف ونتذكر نخبة من الزملاء الأوفياء في الدورات التربوية العلمية ودورات التربية الرياضية التي يديرها ويشرف عليها رجال أفكاء من الرعيل الأول أمثال الرواد عبدالرحمن التونسي وعبدالله بوقس رحمهما الله وعباس جداوي وسرحان العتيبي وعبدالعزيز فطاني وغيرهم من النخبة الأفذاذ وبعد فترة من الزمن وبحكم ما عرفته عن الفقيد فقد كان شغوفا بمواصلة الدراسة ومن هذه الرغبة فقد انتقل للعمل بالوزارة لا أدري هل هو نقلاً عادياً أو بواسطة مسابقة وأصبح التواصل ميسوراً ومريحاً وفي أواخر الثمانينات الهجرية من القرن الماضي صدر قرار معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ وزير المعارف آنذاك رحمه الله بنقلي للعمل ملحقاً ثقافيا بأحدى المكاتب الثقافية التابعة للوزارة بالخارج، بعد ذلك اقتصرت الصلة بيني وبين هذا الزميل الخلوق الوفي في مراسلات بالأعياد والمناسبات علمت فيما بعد أنه تفرغ للدراسة الجامعية ومن ثم للدراسات العليا بالخارج وخلال معرفتي وتواصلي معه كان وأقولها كلمة للحق وللتاريخ كان مثال الإنسان الشهم الهمام الذي يقدر الزمالة حق تقديرها وكان دمث الأخلاق لطيف المعشر لا تعرف الأثرة أو الأنانية إلى نفسه سبيلا وكان نعم الجليس الصالح محدثاً لبقا صاحب روح مرحة ووجه بشوش.. ومن المواقف الطريفة التي لا زلت أتذكرها ولن أنساها مما يثبت خفه ظله وتواضعه أنني ألححت عليه ذات يوم بأن يصحبني إلى منزلي بعد نهاية الدوام لتناول طعام الغذاء وكان وقتها جاء منتدباً من الجوف قبل انتقاله فوعد خيرا وقال اتركها لوقتها وسأفي بوعدي لك وبعد مضي عدة أيام وبعد نهاية العمل وكنت متوجها مع جموع الموظفين لركوب حافلات الوزارة المخصصة لنقل الموظفين في تلك الحقبة لندرة سيارات الأجرة والرواتب المحدودة وإذا به يربت على كتفي ويقول: بإرادة الله سوف أصحبك فقلت إذا أنت وحظك ربما لا نجد غداء فرد علي سنجد إن شاء الله القهوة والتمر والماء وأردف قائلاً ألا تذكر المثل القائل - طعام على فاقه أغلى وأحلى من مائة ناقة - ووصلنا هناك وبعد أن تناولنا ما كتب الله لنا صلينا العصر سويا بالمسجد المقابل لمنزلي في منفوحة جنوب الرياض وبعد الصلاة قال لي شد حيلك قلت إلى أين قال نتمشى على أقدامنا للبطحاء قلت لنحضر سيارة أجرة قال إذا لا تعتبر تمشية فوافقته الرأي وسرنا مرورا بشارع الوزير حتى وصلنا حديقة الفوطة وصلينا المغرب هناك ولو تركت لقلمي العنان وبدأت شريط الذكريات لطال الحديث ولما اتسع له هذا الجزء المحدود من الصحيفة.. لقد عاش فقيدنا الغالي حياة حافلة بالعطاء والبذل المتميز في سبيل أداء واجبه بأمانة وإخلاص في خدمة وطنه في الكثير من المراكز الإدارية والتربوية طيلة نصف قرن، له منا الدعاء بأن يسكنه الله فسيح جناته مع عباده الصالحين.

Abo.bassam@windowslive.com
 

عارف المسعر فقيد العلم والوطن
عبدالله الصالح الرشيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة