Thursday  25/11/2010 Issue 13937

الخميس 19 ذو الحجة 1431  العدد  13937

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الحق والباطل .. صراع لا ينتهي
محمد جلال

رجوع

 

الحق والباطل هما كلمتان متناقضتان تماماً، والصراع بين مضمونهما منذ قديم الأزل وموجود منذ بدء الخليقة، وسيظل هذا الصراع متوفراً، طالما أنّ هناك شرفاء يساندون الحق ويدعمون حجّته بقوة يستمدها من مشروعيته. وكلمة الحق في اللغة تعني الصحة والثبوت والموافقة، وقد وردت كلمة «الحق» في القرآن الكريم في العديد من مواضعه.

والحق هو أحد المفاهيم المحورية الفاصلة، فهو مفهوم محوري لدوران كثير من المفاهيم الأخرى حوله، وارتكاز العديد من مفاهيم الحياة وأسسها ونظرياتها، كما أنه مفهوم يفصل بين الحقيقة والزيف والجدية والهزل والصواب والخطأ على كافة المستويات، سواء الحضارية، أو الفلسفية، أو الاجتماعية، أو السياسية، أو الاقتصادية، وأيضاً على مستوى الأفكار سواءً أكانت نظرية في كتب أو عملية على أرض الواقع، وعلى مستوى الأفراد أو الجماعات.

وإذا كان ثَمَّ كلمة جامعة تُنَزِّلُ (الحق) منزلته التي أنزله الله إيّاها بين الناس، وتظهر قيمته ومكانته التي جعلها الله سبحانه وتعالى له، فهي فيما ورد بقوله تعالى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} (سورة البقرة الآية 213).. فنجد، وحسب ما ذكره المفسِّرون فإن حمل التعلّق في الجار والمجرور (بالحق) يعطي الصورة القاطعة عن منزلة الحق في الرسالات السماوية، ويوضح مدى أهميته ودوره في رفع الخلاف بين الناس.

وعلى الرغم من أنّ الحق هو اسم من أسماء الله تعالى، وصفة سامية عالية من صفاته، وبالرغم من كثرة استعمالنا لهذا اللفظ في حياتنا، إلاّ أنّ من الصعب تحديد مفهومه، وما أصعب تحقيق مضمونه على أرض الواقع فالكل يطلبه لنفسه ويبحث عنه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه)، فنبّهنا صلى الله عليه وسلم إلى أنّ هناك غايتين رؤية الحق أنه حق، فلا نزيغ عنه، ثم أن نستطيع بعد معرفته أن نتبعه، ولا نقف عاجزين من وراء حواجز النفس والواقع دون اتباعه.

والحقيقة أن الحق هي كلمة لها مدلول واسع ومعنى شامل فالحق هو بمعني العدل والصدق واليقين وذلك في قوله تعالى ?ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ? (سورة الحج الآية 62).

وخصائص الحق في الإسلام كالآتي:

1 - أنه ثابت.

2- وأنه محدّد.

3- وأنه واجب

4- وأنه صحيح.

5- وأنه صادق.

6 - وأنه لازم.

والقرآن الكريم أصرّ على غلبة الحق في الكثير من مواضعه ومحكم آياته حيث يقول تعالى: ?إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ? (سورة غافر: الآية 40-51). إلاّ أن الواقع الأرضي الذي نحياه يعطي رؤية بأنّ انتصار الحق فيه أشد خفاءً، وهذا ما يجعلنا نظن أنّ الحق هو المنهزم خلال العصور، ويجعل النظرة موجّهة للإحباط، ولكننا يجب الاّ ننظر إلى التاريخ بغير تلك النظرة المحدودة بأزمنة قصيرة منقطعة ومشتتة مبعثرة، وننظر إليه بصورة عامة ومحايدة، يتضح لنا في وقتها أنّ الحق هو الذي ينتصر ويهزم جموع الفساد والباطل.

ومن أجل ذلك فينبغي أَلاّ نتصوّر أنّ الحق والباطل إذا أعطيا فرصاً متكافئة فسينهزم الحق، وذلك لأنّ هذا هو ظن السوء بالله عزّ وجل الذي جعل الحق اسماً من أسمائه وصفة من صفاته، وظن سوء أيضاً بالإنسان الذي كرّمه الله على جميع خلقه، وتصوُّر الوجود بهذا الشكل هو من أخطر الأفكار التي تنشر الفساد في الأرض وتسفك الدماء، وهو الهزيمة الأولى والكبرى، ومصدر كل الشرور والآثام.

ويجب على كلِّ عاقل مدرك للفرق بين ما هو مشروع وغير مشروع، ويقدِّر قيمتهما أن يعي جيداً بأنّ الحق هو قلب المشروعية، وأنه لا فرار للباطل من هزيمة الحق مهما عَلَت صيحة الباطل وانتصرت بتأقيت من يزكيها في النفوس وبالأعمال الخبيثة الرديئة، وفي ذلك يقول الإمام علي (عليه السلام): إنّ الباطل خيل شمس ركبها أهلها وأرسلوا أزمّتها فسارت بهم حتى انتهت بهم إلى نار وقودها الناس والحجارة.

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة