Friday  26/11/2010 Issue 13938

الجمعة 20 ذو الحجة 1431  العدد  13938

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

في شعر محمود درويش صرخة الأرض التي يفوح ترابها بشذى دم شهدائها، وعبير أزهار الحنون والنرجس، في شعره عبق بيارات البرتقال وأوراق الليمون والنعناع البري الذي يعطر كأس الشاي في جمعة الأهل في باحة الدار أو على شرفة الغريبة حين تسرق الطريق عيونها التي تحدق في الغياب.

في الوقت الذي لم يؤسس فيه درويش للحداثة الشعرية التي انتمى إليها جيل الرواد كما يقول عبده وازن، لكنه أسس لريادة خاصة به خارجاً عن نطاق الشعر النخبوي وقد جمع حوله جيشاً من الذين سحرتهم كلماته وحرّكتهم قصائده رغم اختلاف نهجه الشعري وخروجه عن نطاق قصيدة المقاومة فيما بعد، ليضع الشعر قبل القضية وليصبح الشعر قضية حياة ولغة هادرة كالنهر، ورغم أنه لم تسحره قصيدة النثر بالمطلق كما فعلت بآخرين إلا أنه حرر قصائده من الإرث الثقيل الذي حمله شعراء كثيرون وتمايست قصائده لتكون جسراً ما بين القديم والحديث.

أسس درويش لقصائده فضاءً عالمياً نقلته إلى العالمين عبر الترجمات التي حطت به على خارطة الإبداع العالمي وعبر حضوره المدهش وإلقائه المؤثر ولا نغفل أنه كان مرشحاً قوياً لجائزة نوبل للآداب والتي رحل قبل أن تنال شرف انضمامه لقائمة الفائزين بها.

خرج درويش في قصائده عن ذاته والتمحور في إطار ضيق إلى فضاء القصائد الكونية وأسس لمدرسة لا تشبه أحداً ورغم من قلدها فلم يستطع أحد أن يكون محمود درويش أو يقاربه.

لم يكن درويش يريد لقصائده أن تنتهي حين يرحل ويأخذه الغياب.. ورغم أنه رحل باكراً تاركاً إرثاً غنياً ومتنوعاً إلا أننا ما زلنا نتغنى بقصائده.. نتناولها كقهوة الصباح على شرفة القلب، وكنشيد وطني هارب من قبضة الرصاص، لنا أحلامنا التي نامت على وسادة القصيدة، وآهاتنا التي ذرفتها الصباحات الشاردة من دخان الموت، وكراسات الرسم التي لونها الأطفال الهاربون من لوثة الخوف ورعب المحتل.

ستظل أفكارنا كالفراشات الهاربة من قبضة النور نحلق حتى نوشك على الاحتراق بجنون هذا الشاعر المجنون شعراً وإبداعاً، سنبحث عن ظله الذي ترك، وجرائده التي لا تبلى، وفنجان قهوته الذي بقي به رضاب ريقه، سنبحث عن امرأة تمر كالضوء حين يذوب في الماء، نتبع صوت خلخالها تمشي في شوارع القصيدة، نلمح غمازتيها تضحك للصباح وللمساء، ترافق ديم السماء، وتعانق السنونو على شجرة السنديان التي نبتت كذاكرة درويش قرب مرأى العين.

الدرويش:

الغياب حنين الحضور إلى شكله..

وعلى ظله اتكأ الحور

فاقرأ إذا ما استطعت القراءة

تأويلك الخاص: بيضاء فضية

هذه الشجرات أقل ارتفاعاً من الكلمات

وأكثر حزناً من الناي..

واكتب إذا ما استطعت الكتابة بيتاً

من الشعر واسمك



maysoonabubaker@yahoo.com
 

الأشرعة
هذه القصيدة لن تنتهي..
ميسون أبو بكر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة