Friday  26/11/2010 Issue 13938

الجمعة 20 ذو الحجة 1431  العدد  13938

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

قصة قصيرة
قيلولة
علي خالد المطيري

رجوع

 

دخلت إلى حجرتي في إحدى اليالي الممطره بفصل الشتاء وأقفلت الباب بإحكام أي بالمفتاح.. وارتميت على سريري أبكي بحرقة وألم وإنزعاج شديد لفراقي شيء غالي وحبيب.. نعم إنه حبيب هي.. خطيبتي التي أحببتها وبنيت من خلالها كل الآمال وحسنت من وضعي لأحصل عليها وأتزوجها، ولكن في هذه الليه انصدمت منها عند مكالمتي لها وأنا أود أحدثها عن كل التجهيزات للزواج.. انصدمت وذهلت عند مقاطعتها لحديثي قائله: دعني ياحسام أنا لاأصلح لك ولايصلح أن نكمل حياتنا سوياً.. أرجو منك أن تدعني فلا أريد الزواج منك.. وصمتت، لكنني لم أستطع أن أصمت وأصريت ألا أن أسالها هل لأنني أحبها ولأنها شيء مهم لي.. أو لأنني إنسان وأتمتع بغريزة حب الاستطلاع.. لا أعلم كلها أسباب مهمه.. والأهم أنني لم أصمت وأصريت على معرفة السبب منها، بعد تهربها طويلاً اعترفت بأنها تحب شخصاً منذ زمن وكان سيتزوجها إلا أن سفره لإكمال دراسته لم يخطبها لعدم درايته بأنه قد يعود أو لا فالأعمار بيد الله سبحانه وتعالى.. وهذا مما جعل والديها يجبرانها على الزواج من أي شخص يتقدم لها وأنا كنت من أول المتقدمين، ومع نهاية حديثها طلبت مني أن لا أخبر أحداً وأعتقها، وكأي إنسان له كرامه وقيم ويحترم الحريات لم أرضَ على نفسي التي بالطبع أحبها أكثر من أي شخص أخر.. لم أقبل لها الإهانه وأن أعيش مع شخص لا يتقبلني ومجبوراً علي فعتقتها وأغلقت المكالمه.. وأصبحت مذهولاً تخنقني العبرات، فدخلت حجرتي لأختلي مع نفسي.. لكن والدتي لم تدعني ربما لأنها حنونه ولأنني ابنها الوحيد من الذكور أو لأنها إنسانه تتمتع بغريزة حب الاستطلاع.. عموما لايهم كل هذا المهم أنها لم تدعني.. طرقت الباب طويلاً حتى فتحته لها.. فدخلت إلي وبعد إصرار منها علمت مابي.. وبدأت تهدأني وتقلل من لوعتي.. حتى نمت كالطفل الصغير على حضنها وهي تطبطب علي.

في صباح اليوم التالي أقصد الظهر لأنني نمت متأخراً وتعمقت بنومي حتى دخلت علي والدتي توقضني لكنني كنت عازماً على أن لا أستيقظ في هذا اليوم فلا أريد أن أتذكر ماحصل.. أريد أن أنسى.. لكن ليس كل ماأريده أو يريده أي مخلوق يحصل.. فالله سبحانه هو الميسر.. حيث رن هاتفي النقال.. فالتقطته من على الطاولة التي بجانب سريري ونظرت به إذا برقم المستشفى التي أعمل بها ممرضاً بالطوارئ يتصل بي.. رديت بتثاقل قائلاً: ألو..؟!

إذ بصوت رئيس القسم يقول: كيف حالك ياحسام..؟ نريدك حالياً.. فقد رشحناك أن تكون من الأشخاص الذين سنبعثهم للخارج للعمل هناك وإكمال دراستهم على حسابنا، شعرت وكأن شيء جاء ليساعدني فإنشرح صدري وقلت: متى..؟؟

قال: جهز أوراقك في هذه الفتره والسفر في فصل الصيف، طلبت منه أن أسافر هذه الفتره لكن ليس بالإمكان، فوافقت لأبعد عن ماجرى وأبني نفسي جيداً، فآمنت أن الحياة لاتتوقف عند شخص واحد، وأثناء مدة العمل والدراسة.. تعرضت في مقر العمل تحديداً للكثير من المضايقات من مبدأ العنصرية الدينية والعرقية.. من بعض الأشخاص المتطرفين، لكنني أصبر وأصابر من أجل أن أعين نفسي، وفي إحدى المرات اتهمت بسرقة الأدوية من الصيدلية الداخلية وأقوم ببيعها.. حيث أرسلني أحد المسؤولين لهناك وعند وجودي تم إرسال أشخاص من ذوي الشأن وقامو بظبطي.. وحقق معي ولأن كل شيء كان ضدي سجنت.. وأثناء سجني بلغت بوفاة والدتي رحمها الله.. حزنت والدنيا بدأت تسود بنظري.. وقبل اكتمال السواد.. تدخل المسؤولين من وزارة الصحة والخارجية في بلدي وقاموا بحل موضوعي.. وعدت إلى وطني وأنا حزين لأمي ولما حصل لي وفرح للإفراج عني ومذهول لكل شيء، بعد عودتي أردت أن أسكن في بيتي في بيتي الذي هو بالأصل ملكاً لي لكنني سجلته باسم والدتي عند شرائي له بالأقساط عند بداية توظيفي لأحقق رغبتها طالما حلمت أن يكون لها بيتا لها باسمها.. لكنني تفاجأت بأن أختي الوحيده.. قد أجرته وتساومني على حقي.. فطلبت أن تدفع لي نصيبي منه وأدعه لها.. وقفت أمامها صامتا مذهولاً لا أعلم ما أفعل، ثم خرجت للشارع أسير على قدماي وفكري مشتتداً.. وفجأة إذ بسيارة تصدمني.. سقطت على أثرها أرضاً ولم أشعر بنفسي ألا وأنا.. على سرير حجرتي نائما أستيقظ على نداء ابني الذي يقول: أبي.. يا أبي هيا استيقظ مادهاك نسيت أن لدينا خطوبة وسنتأخر على الناس.. أنت أردت أن تنام قيلوله ولكنك تمنقت والآن يقترب المساء، اندهشت لسماعي كلام ابني ففتحت عيناي بسرعة واستيقظت مذعوراً.. أقول: هل يعقل.. مالذي يحصل لي.. ؟! هل أنا سليم ولم أصدم إذاً أنا كنت نائماً أم ماذا..؟؟ من ذلك الشاب الذي يشبهني.. لكن تفاصيل حياته لاتشبه حياتي.. فحياته فضيعه.. هل يوجد شخص يعاني بحياته بهذا الشكل، أسمع الكثيرين يقولون أن هناك أ ناس تعيش حياةً مليئه بالهموم والمتاعب.. لم أصدق، لكن الآن عشت جزءا بسيطا من هذه المتاعب والأحزان.. من خلال حلمي أثناء القيلوله.. فإذاً كيف لو كان واقعاً..؟!

نهضت وقبلت ابني وحضنته قائلاً: الحمدلله على النعمه وعلى كل ما وصلت إليه الآن.. فأنا لا أملك منصباً ولا مالاً وفير.. لكنني أمتلك راحة البال.. وأبنائي قمت على تربيتهم وبفضل الله صالحين.. ولدي أهل وإخوه يحبونني وأحبهم ويخافون علي ويفرحون لنجاحي وسعادتي، لكن هل مثل هؤلاء الأهل كثيرين في هذا الزمن.. أم حلم في قيلوله..؟؟

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة