Friday  26/11/2010 Issue 13938

الجمعة 20 ذو الحجة 1431  العدد  13938

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

وما بكم من نعمة من الله
د. محمد بن عدنان السمان

رجوع

 

نعم الله لا تعد ولا تحصى، والإنسان في هذه الدنيا يتقلّب في نعم الله سبحانه وتعالى، وإذا تحدثنا عن نعم الله سبحانه وتعالى وكيف يتعامل معها المسلم فإننا أمام قواعد في التعامل مع هذه النعم من أهمها ما يلي:

أولاً: إن نعم الله كثيرة على كل إنسان لا يمكن أن تعد، يقول تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} النحل 18. قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: ثُمَّ نَبَّهَهُمْ عَلَى كَثْرَة نِعَمه عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانه إِلَيْهِمْ فَقَالَ: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

أَيْ يَتَجَاوَز عَنْكُمْ وَلَوْ طَالَبَكُمْ بِشُكْرِ نِعَمه لَعَجَزْتُمْ عَنْ الْقِيَام بِذَلِكَ وَلَوْ أَمَرَكُمْ بِهِ لَضَعُفْتُمْ وَتَرَكْتُمْ وَلَوْ عَذَّبَكُمْ لَعَذَّبَكُمْ وَهُوَ غَيْر ظَالِم لَكُمْ وَلَكِنَّهُ غَفُور رَحِيم يَغْفِر الْكَثِير وَيُجَازِي عَلَى الْيَسِير.

شكا رجل ضيق حاله ومعاشه.. فقال له عالم حكيم: أتبيع بصرك بمئة ألف؟ قال: لا.

قال الحكيم: أتبيع سمعك بمئة ألف؟ قال: لا.

قال الحكيم: فأنت الغني بما لا يُباع بثمن.

ثانياً: إن النعم ابتلاء وامتحان كلها، حتى ما كان ظاهره الجزاء والإكرام فهو في الحقيقة ابتلاء جديد، يقول تعالى: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} الفجر 15 - 17.

ولو كانت النعمة إكراماً لكان الرسل أغنى الناس وأكثرهم أموالاً ولما كان للكفار شيء من الدنيا إطلاقاً.

ثالثاً: النجاح في التعامل مع النعم إنما يكون بشكر الله تعالى على هذه النعم، والشكر أقسام:

القسم الأول: الشكر بالقلب: ويتحقق بالاعتقاد الجازم بأن كل النعم من الله وحده لا شريك له، قال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ} النحل53 .

القسم الثاني: الشكر باللسان: وهو إظهار الشكر لله بالتحميد، وإظهار الرضا عن الله تعالى والتحدث بالنعم.

عن النعمان بن بشير قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر: (من لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب) - أخرجه الإمام أحمد في المسند وسنده حسن.

الشكر بالعمل: والشكر العملي يختلف من نعمة إلى أخرى، فمن رزقه الله الهداية دعا الناس إليها، ومن رزقه الله رجاحة العقل تعلم وعلم، واستخدمه في حل المشكلات خاصة كانت أم عامة، ومن آتاه الله مالاً سخّره للإنفاق في سبيل الله سراً وعلانية، وحافظ عليه فلم يسرف فيه ولم يقتر على نفسه وعياله، ولم يضع ماله مع من يتلفه بسوء استخدام أو نحوه، ومن آتاه الله ولداً أحسن تربيته وإصلاحه، فالشكر العملي أن تستخدم هذه النعم جميعاً في طاعة الله لا في معصيته قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }سبأ 13.

الرابع: أننا نتقلب بين نعم الله الظاهرة والباطنة، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} لقمان20. قال الإمام ابن كثير رحمه الله: يَقُول تَعَالَى مُنَبِّهًا خَلْقه عَلَى نِعَمه عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بِأَنَّهُ سَخَّرَ لَهُمْ مَا فِي السَّمَاوَات مِنْ نُجُوم يَسْتَضِيئُونَ بِهَا فِي لَيْلهمْ وَنَهَارهمْ وَمَا يَخْلُق فِيهَا مِنْ سَحَاب وَأَمْطَار وَثَلْج وَبَرَد وَجَعْله إِيَّاهَا لَهُمْ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَمَا خَلَقَ لَهُمْ فِي الْأَرْض مِنْ قَرَار وَأَنْهَار وَأَشْجَار وَزُرُوع وَثِمَار وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمْ نِعَمه الظَّاهِرَة وَالْبَاطِنَة مِنْ إِرْسَال الرُّسُل وَإِنْزَال الْكُتُب.

الخامس :من قواعد التعامل مع نعم الله تعالى، بل من أعظمها هو أن أعظم نعمة امتنها الله علينا أن هدانا لتوحيده جل جلاله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}فاطر3.

ثم من أعظم نعم الله علينا أن جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذي آتاه ربه الكتاب (هو القرآن العظيم) والحكمة (وهي السنة النبوية) قال ربنا سبحانه {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ}البقرة231 .

المدير التنفيذي لموقع شبكة السنة النبوية وعلومها

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة