Friday  26/11/2010 Issue 13938

الجمعة 20 ذو الحجة 1431  العدد  13938

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الربط الإلكتروني بين المستشفيات في المملكة يوفر البلايين
د. عبد الملك بن عبد الله الزيد الخيال

رجوع

 

مما دعاني إلى كتابة هذا المقال هو تعرضي لفقدان الوعي نتيجة هبوط حاد في الضغط بعد تناولي دواء يُباع في كل مكان، حيث وجدت فيما بعد أنه يجب عدم استعماله من قِبل مرضى الضغط المرتفع الذين يستعملون أدوية لذلك، وتعاطي الدواءَيْن يعني مضاعفة الجرعة. وبعد ذلك قررت ألا أتناول أي دواء يوصف لي من قبل أي دكتور إلا بعد قراءة النشرات الداخلية المصاحبة للدواء ومعرفة موانع الاستعمال واتباع التعليمات المصاحبة لذلك الدواء بحذافيرها.

وسابقاً ذهبتُ إلى طبيب، وكنتُ أشكو آلاماً في الظهر؛ فكتب لي دواء صرفته من صيدلية ذلك المستشفى، ولم يكن الدواء في علبة؛ وبالتالي ليس معه نشرة داخلية مصاحبة للدواء تشرح ما هي المضاعفات المترتبة على استعماله، لكن تجربتي السابقة جعلتني أذهب إلى صيدلية خارجية وأطلب نسخة من التعليمات التي تصاحب ذلك الدواء، وعندما قرأت التحذيرات وجدت أن هذا الدواء يجب ألا يوصف لأي مريض كان مصاباً بمرض الربو سابقاً، وأن استعماله سيسبب انتكاسة ويرجع مرض الربو إلى الشخص، وكل ذلك كان بسبب أن الدكتور المعالج لم يقرأ التعليمات والآثار الجانبية والمضاعفات من استعمال هذا الدواء، واكتفى بما قاله له موزع الدواء.

هل تصدقون أن أحد الأطباء كتب 5 مضادات حيوية لطفلة، وهذا عكس كل الأعراف الطبية، بغض النظر عن التفاعلات بين هذه (المضادات) وضررها على الكلى، وأن زيادة الجرعة الدوائية بعشرة أضعاف لا تعتبر غير شائعة، وقد تم تسجيل بعض الوفيات بسبب زيادة الجرعات الدوائية لدى الأطفال وخصوصاً حديثي الولادة، ودلت الدراسات على أن ما نسبته 6 إلى 13 % من نسبة الإدخالات إلى المستشفيات ترجع إلى أسباب مردها إلى وصفات طبية أو إعطاء أدوية غير ملائمة.

وقد ذُكر أن أحد الجراحين يفتح 4 أمبولات من المضاد الحيوي ويفرغها على الجرح من الخارج بعد كل عملية، في حين أن هذا المضاد لن يفيد إلا في حالة حقنه بالوريد!

كما يُذكر أن آلاف الوصفات الطبية الخاطئة «روشتة» التي يصدرها الأطباء يومياً تحتوي على أخطاء تتنوع بين الصياغة الخاطئة أو عدم كتابة المعلومات بشكل وافٍ؛ ما يلحق بالمريض أضراراً جسيمة من جراء هذه الوصفات الخاطئة من الممكن أن تتسبب في وفاته.

وحديثاً قرأتُ دراسة تهدف إلى ترشيد الإنفاق على الأدوية من خلال تحسين أسلوب الأطباء في كتابة الوصفات العلاجية؛ حيث كشفت هذه الدراسة أن 18 % من مرضى الكلى الذين يلجؤون إلى الغسيل الكلوي وصلوا إلى هذه المرحلة بسبب (روشتات) الأطباء الخاطئة، وسوء استعمال الأدوية خلال مرضهم في سنوات عمرهم التي سبقت الإصابة بأمراض الكلى، وأن 20 % من مرضى الكبد وصلوا إلى مرحلة متأخرة من المرض بسبب كتابة أدوية تضر بالكبد، وكان ذلك من دون قصد أو علم؛ حيث يوجد خلل في تعليم الأطباء عقب التخرج.

مع العلم بأن الدراسة كانت تهدف إلى تحسين أسلوب كتابة وصفة الدواء من قِبل الأطباء، على أساس أنهم إذا فهموا كيفية كتابتها بصورة صحيحة سيؤدي ذلك إلى تعديل حجم الاستهلاك من الدواء، وسيؤدي إلى تحسن أكبر في الصحة العامة.

والغريب بأن تلك الدراسة ذكرت أن الأطباء يحصلون على معظم معلوماتهم من مندوبي الدعاية بشركات الأدوية، الذين لن يكشفوا عن (مضار) بعض أدويتهم وأعراضها الجانبية، مع العلم بأن معظم النشرات الداخلية المصاحبة لبعض الأدوية لا تذكر كل الأعراض الجانبية أو موانع الاستعمال؛ الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى أضرار غير محسوبة تظهر على المدى البعيد، وأن كثيراً من الأطباء لا يكلفون أنفسهم عناء البحث، ولو عبر شبكة الإنترنت، ويكتفون بما يسمعونه من معلومات من مندوبي الدعاية، ومعلومات النشرات الداخلية للأدوية.

لذلك نحن في حاجة إلى مزيد من الأبحاث، التي تبين أن التشخيص والمعلومات الخاطئة تؤدي في النهاية إلى (روشتة) خاطئة وكوارث صحية، وأنه لا بد من تعليم حقيقي للأطباء بعد التخرج، وعدم تركهم ضحية لمندوبي الدعاية بشركات الأدوية، أو الشركات التي تستغل حاجتهم إلى المؤتمرات الطبية؛ حتى يتمكنوا من الترقي.

كما يجب وصف الأدوية إلكترونياً، وأن ينصح المرضى بضرورة حملهم قائمة كاملة بكل الأدوية التي يستخدمونها في كل زيارة للأطباء؛ لذلك يجب أن تتبنى بلادنا نظام إدخال العقاقير الطبية في شبكة كمبيوتر تضم جميع مستشفيات المملكة العامة والأهلية؛ لضمان حصول المريض على العقاقير المناسبة وبكميات صحيحة؛ حيث تساعد السجلات الطبية الإلكترونية على ضمان عدم حصول المريض على مزيج من الأدوية السامة.

خذوا العبرة من سويسرا التي أصدرت كتيباً سمته «القائمة الحكيمة»، وهو كتيب به أسماء كل الأدوية مصنفة حسب الأمراض، وموزعة على كل أفراد الشعب؛ للرجوع إلى الطبيب في حالة كتابته «روشتة» بها دواء غير مذكور للمرض المعالج بهذا الكتاب.

ورأفة بشعبنا الطيّب أدعو لجنة الصحة والبيئة بمجلس الشورى وكليات الطب والشؤون الصحية بالحرس الوطني والقوات المسلحة ووزارة الصحة في المملكة العربية السعودية إلى تبني مؤتمرات وأبحاث وقوانين صارمة وحملة توعية تحد من ذلك، وكذلك الربط الإلكتروني بين جميع المستشفيات والصيدليات العامة والخاصة؛ حتى تقل الأمراض عامة، وتقل نسبة حالات الموت نتيجة كتابة روشتات خاطئة، كما يقل الصرف على الدواء وعدم صرف الدواء إلا بوصفة طبية، وبذلك نوفر البلايين سنوياً نتيجة تقليل الأمراض وترشيد استعمال الدواء.

- عضو مجلس الشورى

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة