Monday  29/11/2010 Issue 13941

الأثنين 23 ذو الحجة 1431  العدد  13941

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

           

هل يكون في نفس السياق الذي أتحدث فيه لو قلت إن الناس عندنا مستعجلون في حكمهم على بعضهم البعض؟ يكفي أن تقول شيئاً أو ترى رأياً مختلفاً عن السياق التقليدي المتبع ليصنفوك في خانة المختلف المخالف، على الرغم من أن المختلف غير المخالف، لكن هذا ما لم يتعلموه بعد.

من الأمور التي عرضت لي كثيراً وأقنعتني بأن الناس عندنا نمطيون جاهزون لتصنيف الآخر نافرون من المختلف عن التقليد السائد ميالون إلى اعتباره مخالفاً وليس مختلفاً فقط، هو ما يعتقده عامة الناس وبعض خاصتهم (وهم في ذلك مخطؤون متعجلون) عن رأي الأطباء العلميين التطبيقيين في الاستشفاء بالقرآن والعبادة والصدقات. يتكرر يومياً في الاستشارات الطبية المتخصصة في الأمراض العضوية حضور أشخاص مصابين بأمراض نفسية وذهنية بالغة التعقيد والتأثير عليهم وعلى ذويهم ومخالطيهم في العمل والمجتمع، ويكون الكثيرون منهم قد مروا من قبل على عدة عيادات نفسية وجربوا ما لا يعد ولا يحصى من مضادات الاكتئاب والقلق والوسواس القهري والرهاب الاجتماعي والفصام والهلاوس وغير ذلك . الحاصل أن الكثيرين منهم يرى أنه لم يستفد بما يتوقعه أو يرجوه من الأطباء النفسيين، ويرى أن الأسباب عديدة أهمها عدم اهتمام الطبيب النفسي بما فيه الكفاية لكثرة المراجعين أو لسوء التطبيقات العلاجية عندما يكتفي الطبيب بالوصفة الكيميائية ويهمل الملابسات الاجتماعية والسلوكية التي هي الأسباب المباشرة للمرض، أو دون تطرق كاف إليها بالاستقصاء ومحاولة الاتصال بالأسباب الواقعة خارج نطاق العيادة ومكتب الطبيب، أي هناك في ميدان وبيئة المرض.

تكرر حالات اليأس هذه من العلاج النفسي يجعل الكثيرين من المرضى يلجؤون إلى أطباء الأبدان من باب لعل وعسى . مع الوقت وكثرة الحالات توصلت إلى قناعة بأن أكثر هؤلاء المرضى يتمتعون بمقدار كاف من القوى العقلية والعواطف، بحيث يستحسن حثهم على استخدامها كطاقة كامنة للعثور الشخصي على طرق الشفاء والتعافي، لأن الطرق الأخرى أثبتت لهم فشلها . عندما يسألني مريض كهذا كيف ؟ أقول له عد إلى قلبك وإلى إيمانك، عد إلى نفسك وروحك، توضأ وصلِّ ركعتين نافلة واقرأ جزءاً من القرآن كلما أمكنك ذلك بقصد طلب الاستشفاء من الله الذي قدرك هكذا وليس من البشر، ركز على نفسك وليس على البشر واستفت قلبك بعدما تبين لك قصورهم وتقصيرهم عن بلوغ ما تريد.

الكثيرون يفغرون أفواههم عندئذ متسائلين : لكن الناس يقولون يا دكتور إنكم معشر الأطباء أو أكثركم لا تؤمنون بأي طرق علاجية غير وسائل الطب الحديث الغربية . إذاً هل بدأت تغير رأيك يا دكتور؟ . جوابي المتكرر والجاهز دائماً ومنذ عشرات السنين هو : يا بني أو يا ابنتي، يا أخي أو يا أختي دعوكم من آراء الناس وأقوالهم المعلبة والجاهزة ومن رأيي في وسائل العلاج الشعبية المطروحة في السوق، لأن لي فيها اجتهادات يطول شرحها وليس هذا مقامها .

إن الناس لا يريدون أن يفهموا ما يقال لهم إذا اختلف عما تعودوا عليه وتوقعوه، والناس أصدقاء ما اعتادوه وأعداء ما جهلوه.

إن الذي يهمني الآن هو أمرك أنت وأنت أمامي تستشيرني في عيادتي بعد فشل محاولات الأطباء معك . أقول لك عد إلى نفسك وقلبك وروحك وإيمانك، وأكرر عليه ما سبق أن قلته في السطور السابقة بشأن طلب الشفاء من الله . هذه هي قناعاتي الدينية كطبيب مسلم يدرك وقع النفس على الجسد وحتمية الحياة والموت بقدر الله، ودعك من تخاريف الناس في المجالس وتصنيفاتهم فإن رضى الناس غاية لا تدرك . أما إذا كان لديك نقود تريد دفعها ثمناً للأعشاب والزيت والماء وأجرة الراقي فتصدق بها لوجه الله على أرملة أو يتيم.

الكثيرون تنشرح صدورهم ويغادرون العيادة عازمين على التطبيق.

 

إلى الأمام
استفتِ قلبك حينما يخذلك الناس
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة