Tuesday  30/11/2010 Issue 13942

الثلاثاء 24 ذو الحجة 1431  العدد  13942

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

أُعلن قبل فترة وجيزة عن الأعداد المرشحة للابتعاث ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في مرحلته السادسة، وبذلك يصل العدد الإجمالي إلى ما يربو على الثمانين ألفاً يقوم ما يفوق النصف منهم بالدراسة

في مرحلة البكالوريوس في تخصصات عدة، والبقية يواصلون دراساتهم العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه، وكذلك للحصول على درجات علمية أخرى في مجالات وتخصصات متنوعة. وبذلك نحتل المرتبة الرابعة في عدد المبتعثين للخارج على مستوى العالم بعد الصين، والهند، وكوريا الجنوبية، كما أننا نأتي في المرتبة الأولى بين دول العالم في عدد المبتعثين مقارنة بعدد السكان، إذ تبلغ نسبة المبتعثين السعوديين 0.03% من عدد السكان، بحسب تقرير أصدرته مؤخراً منظمة اليونسكو عن الحراك الطلابي حول العالم في عام 2009م. وهذا الاستثمار البشري الرائد بصفته إحدى العلامات الفارقة، وأحد أبرز التحولات والبرامج المفصلية التي يتوقع أنه سيكون لها تأثير عميق في مسيرة التعليم العالي في المملكة يجب أن يواجه بخطط مدروسة بعناية من أجل تحقيق أقصى فائدة مرجوة منه ويأتي على رأس ما ينبغي القيام به السعي الجاد من قبل الجامعات في محاولة منها لاستقطاب المتميز من المبتعثين من خلال التنسيق المباشر مع وكالة الوزارة لشؤون الابتعاث بوزارة التعليم العالي بصفتها المسؤولة عن هذا البرنامج ومسيرته، وكذلك عن طريق إرسال فرق استكشافية متخصصة لمواطن الابتعاث التي تجاوزت الخمس وعشرين وجهة تعليمية منتشرة في طول العالم وعرضه شرقه وغربه من أجل الاستفادة من مخرجات برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي.

جامعاتنا السبع الأم، وكذلك الناشئة منها على حد سواء بحاجة ماسة إلى مدها بمئات الكوادر المؤهلة تأهيلاً علمياً رصيناً حديثاً، هذا فضلاً عن خبرات ومهارات مكتسبة تُتيحها تجربة الابتعاث الثرية للمبتعث حتى يكون بمقدور جامعاتنا مواصلة الركب النوعي، ومساهمتها في إحداث تغييرات اجتماعية حميدة، وبعث الحراك الثقافي، والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية، والسياسية، والتقنية، والصحية، والتعليمية، وغيرها من الجوانب التنموية، وتخريج أفواج بتأهيل نوعي قادرة على المساهمة بفعالية في مسيرة البناء، والتطور المتسارع الذي تمر به بلادنا في المرحلة الراهنة. ومن هنا فالفرصة مواتية لجامعتنا لاستقطاب من يواصلون مسيرتهم التعليمية في الخارج ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث من أجل ضمهم لطاقمها التدريسي الذي بحاجة لرفده بكفاءة علمية إضافية ذات تعليم نوعي متقدم تسهم بشكل فاعل بتأهيل وتطوير طلبة الجامعات المحلية، والنهوض بجامعاتنا، والارتقاء بمستواها.

هناك العديد من الخطوات التي ينبغي أن تسبق عملية الاستقطاب هذه والمتمثلة بالقيام أولاً بوضع خطة شاملة تضع على رأس أولويتها البحث عن النوع وليس الكيف، والانتقاء وفق مبدأي الشفافية والعدالة والابتعاد عن المحسوبية التي حتماً ستؤثر سلباً في عملية الضم والاستقطاب، والعمل وفق معايير انتقاء علمية محددة. ومن ثم تشكيل لجان علمية متخصصة داخل الأقسام العلمية تقوم بحصر الاحتياج الفعلي ونوعيته، ومناحي الاستفادة التي يمكن أن تتحقق من خلال استقطاب كفاءات مؤهلة تأهيلاً علمياً في الجامعات الخارجية، ومن ثم تشكيل لجنة عُليا مكونة من ممثلين عن الأقسام العلمية يتم إيفادها لأماكن أولئك المتميز من المبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للوقوف على مستوياتهم العلمية، ومقابلتهم، ومن ثم تقديم عروض للمتميز المناسب لاحتياج هذا القسم، أو ذاك. ومما ينبغي القيام به كذلك في مرحلة سابقة لعملية الاستقطاب أن تقوم لجان عملية داخل الأقسام بوضع معايير علمية مقننة تكون هي الفيصل في أمر استقطاب المبتعث من عدمه تطال محاور عدة يأتي على رأسها الشقان العلمي والشخصي.

وبعد عملية الاستقطاب تأتي مرحلة المتابعة الدقيقة للمبتعث المتميز المستقطب للوقوف عن قرب على مستواه العلمي، ومتابعة مسيرته التعليمية، وحثه على بذل جهد مضاعف في سبيل التحصيل العلمي الجاد والاستزادة من العلم والمعرفة، وألاّ يقتصر جهده على الحدود المقبولة والمطلوبة، ومن أجل توجيه وإبراز قدراته، وصقل مهاراته، وحثه على خلق قنوات تواصل في المقام الأول بينه وبين علماء ومفكري وأساتذة تخصصه، وحثه على حضور الندوات والمؤتمرات ذات العلاقة في مجال دراسته، وكذلك مد جسور تواصل مع محاضن الابتعاث بمؤسساته العلمية العملاقة، وكذلك مراكزه الثقافية، وبيوته السياسية، ومؤسسات الرأي العام، والهيئات المدنية، وصنُّاع القرار، ومؤسسات الفكر، والدراسات، والمؤسسات الإعلامية، وذلك كله من أجل استثمار وجوده على رأس البعثة لاقتناص الفرص، ومحاولة تحقيق الاستفادة القصوى من أجل الاستزادة من تلك المعطيات والإمكانات التي تتيحها بيئات الابتعاث، وتكوين مهارات، وتعميق الفهم والوعي بالعمل السياسي، والثقافي، والاجتماعي، وتوسيع مداركه الثقافية، وتطوير مهاراته التحليلية والحوارية، ورفع الجرأة الشخصية لديه، ومن ثم ترك آثار علمية، واجتماعية، وسياسية، وفكرية في مجتمع بعثته، أو على الأقل في حرم جامعته التي ينتمي إليها المبتعث المستقطب حتى يكون بإمكانه لاحقاً أيضاً توظيف تلك القدرات، والخبرات المتنوعة المكتسبة، وسعة الأفق والثقافة عند عودته إلى أرض الوطن بشكل يخدم في المقام الأول جامعته التي سوف ينتمي إليها، و بشكل عام مد خطوات التطوير لمجتمعه.

وبعد العودة إلى أرض الوطن وحتى يمكن تحقيق أكبر قدر من الاستفادة من التأهيل العلمي العالي المتميز، والمهارات والقدرات المكتسبة أثناء فترة الابتعاث يمكن إخضاع المستقطبين لبرامج معدة بشكل محكم يسهم في إنارة طريقهم الجديد، ومحاولة استيعاب واستثمار الخبرات العلمية والبحثية التي تحصل عليها هؤلاء المبتعثون العائدون للتو، ومحاولة استنفار طاقاتهم، وإظهار إبداعاتهم، وكل ما اكتسبوه من علوم ومعارف أثناء تواجدهم في بلدان دراستهم، وتجلية وإبراز الإمكانات المتاحة التي يمكن أن تقدمها لهم الجامعات لمواصلة مسيرتهم العلمية المتميزة، وإيضاح الأدوار التي ستمنح لهم للإسهام في تطوير جامعاتهم، وتعمل كذلك على تقديم شرح واف يتم من خلاله استعراض إمكانات وقدراته الطلبة التي حتماً تختلف عما شاهدوه وعاشوه أثناء فترة ابتعاثهم، ومكامن المجالات التي يمكن التحرك في ظلها من أجل تقديم تعليم نوعي مناسب لطلبتنا اكتسبوه أثناء فترة ابتعاثهم في مؤسسات التعليم العالمية.

تتراءى أمام جامعتنا المحلية الأربع والعشرين حقبة تعليمية مفصلية لن تتكرر في المنظور القريب، ومن هنا يجب أن تشحذ الهمم لاقتناص ثمراتها والعمل على الاستفادة القصوى من مخرجاتها وذلك من خلال صياغة وإعداد خطط علمية مدروسة بعناية فائقة ذات منظومة متكاملة الأطر يتم تنفيذها وفق منهج سليم ينشد الكفاءة ولا غير من أجل استقطاب طاقات علمية تقوم بمواصلة ركضها العلمي في مؤسسات عالمية مرموقة، ومن ثم متابعة وتوجيه من يقع عليه الاختيار، وبعد ذلك يأتي إيجاد خطط واضحة لاستيعاب المستقطبين العائدين من الابتعاث في مجالات تخصصهم حتى يكون بإمكانهم النهوض بالعملية التعليمية في مؤسسات تعليمنا العالي، والركض قدماً بالبحث العلمي، والرقي بالمستوى الأدبي والثقافي للمجتمع، وتقديم حلول لمعضلات ومشكلات المجتمع في مختلف الجوانب، وكذلك حتى يكون بمقدورهم نقل السلوكيات المهنية، والمهارات والقدرات التي اكتسبوها من المجتمعات التي عايشوها أثناء فترة ابتعاثهم.

alseghayer@yahoo.com
 

استقطاب جامعاتنا للمبتعث المتميز
خالد الصغير

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة