Tuesday  30/11/2010 Issue 13942

الثلاثاء 24 ذو الحجة 1431  العدد  13942

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

ملك... تحفه القلوب
د. فهد بن سعد الماجد*

 

رجوع

 

إن من خير ما يطبع عليه الإنسان أن يكون ليّن الجانب، قريب الروح، يألف غيره، ويألفه غيره، بمعنى أن يحبَّ مدَّ روابط الإنسانية مع غيره من الناس بلْه وشائج الأخوة مع سائر المسلمين،

وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: « أكمل المؤمنين إيماناً أحاسنهم أخلاقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف « رواه الطبراني في الصغير وهو صحيح.

هذا على المستوى الفردي، أما على المستوى الجماعي والأممي فإن من أفضل ما تتلون به المجتمعات البشرية وتصطبغ، أن تكون الألفة والمحبة شائعة بينها وبين قادتها ورموزها، ولذلك جاء في الحديث الذي خرجه مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم « أي يدعون لكم وتدعون لهم.

وقبل ذلك في القرآن الكريم يقول سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران.

تذكرت هذا الكلام، وأنا أرى بعيون ملؤها الحب.. وقلوب ملؤها الدعاء خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وهو يغادر أرض الوطن لعارض الصحي.

تذكرت ذلك وهو يغادر محاطاً بإخوانه النبلاء والأبناء والوزراء ورجال الدولة الأكفاء وبعض المواطنين الكرماء.

تذكرته وأنا أرى الناس في أثناء شعائر الحج ومشاعره وبعدها يسألون عنه، ويدعون له، ويعددون خصاله ومآثره.

ولقد أجمع كل من تكلم أو كتب عن هذا الرمز الوطني والتاريخي أنه طبع على خصلة هي من أزكى الخصال وأسناها وأرفعها عند الله تعالى ألا وهي خصلة « الصدق « وفي القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (119) سورة التوبة ومن جيد الشعر قول الشاعر:

وإن خير بيت أنت قائله

بيت يقال إذا أنشدته صدقا

خصلة الصدق هذه تراها في الملك - حفظه الله - في كل شأنٍ من شؤونه الخاص منها والعام، ففعله يصدِّق قوله وقوله يصدِّق فعله، بل حتى في تعابير الوجه وملامحه تقرأ وترى ملامح صادقة توحي لك بما يكنه قلبه الكبير من حبٍّ ورغبة صادقة بل وملحة في تحقيق الخير لهذا الوطن والعز لهذه الأمة حتى أرهق نفسه وأرهق من معه.

بطل حقوق الشرق من أعماله

وقضية الإسلام من أعبائه

ولئن كانت خصلة « الصدق « هذه قد جُبل الملك عليها - أعاده الله إلينا سالماً معافى - فإنها أيضاً تعتبر في مقاييس الدول والأمم ضرورة استراتيجية لنهضتها وقوتها، فبالصدق تخلص النوايا، وتؤسس وتقوم مشاريع النهضة، ثم تكون النتيجة والثمرة عزاً للوطن ورفاهية للمواطن.

وبالصدق - أيضاً - يختار الأكفاء من المسؤولين، ويسدُّ الخلل بالجنود والمرابطين، ولا يمكن بأي حال أن تقوم دولة أو تنهض أمة بلا رجال صادقين، وفي محكم التنزيل ما يرشد إلى ذلك في قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (23) سورة الأحزاب.

وبالصدق نبني ولا نهدم، ونعذر ولا نلوم، لأن الكل صادق في مسعاه، يرجو الصلاح والإصلاح.

وهذا والله ما نلمسه ونراه، ويلمسه كل غيور على دينه وأمته ووطنه في شخصية الملك المفدى الذي ومن خلال مشروعاته العملاقة التي انداحت في أرجاء الوطن، وتوزعت على جوانب الحياة نهض بالمملكة نهضة شاملة حتى تضاعفت أعداد الجامعات، وتكاثرت المدن الاقتصادية، وأنشأ جامعة تحمل اسمه تسامق جامعات العالم المتقدم ومن أحسن ما أتمَّ - أتمَّ الله عليه لباس الصحة والعافية - ما يتصل بالمشاعر المقدسة، وكل من حج هذا العام فإنه يرى ما قدمته وتقدمه المملكة من مشروعات عملاقة لخدمة بيت الله وبلده الحرام امتثالاً لقولة تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة.

يقال ذلك وغير خافٍ وليس بسرٍّ أن من أهم أسباب توفيق ونجاح الملك المفدَّى فيما يطمح إليه في الشأن الداخلي والخارجي هو بسبب صدقه مع الله أولاً ثم مع أمته ثانياً، ونستغفر الله من أن نزكي عليه أحداً ولكن هذا حدود ما نعلم، ولا نقول إلا ما علمنا « وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع «.

فليهنأ - حفظه الله إذ كان صادقاً مع الله تعالى ثم مع شعبه وأمته - أن الله تعالى سيصدق معه بالحفظ والتوفيق والإعانة والتسديد, وأن الناس سيصدقون معه بالحب والولاء والوفاء والدعاء، وأن التاريخ

سيصدق معه رمزاً تاريخياً ووطنياً، مآثره خالدة, وصفحاته مشرقة.

ألا فرعى الله ملكاً تاق له شعبه وهو للتوّ قد غادر أرضه...

ألا ورعى الله ملكاً أجهد نفسه بهموم أمته...

ألا ورعى الله خادماً للحرمين الشريفين أشرقت المشاعر بأعماله والتي لا يغني عنها خبر عن نظر..

وقد تنطق الأشياء وهي صوامت

وما كل نطق المخبرين كلام

ألا ورعى الله ملكاً تحفه القلوب... تحفه بالحب... تحفه بالولاء... تحفه بالدعاء... تحفه بالشوق والأمل... تحفه بالرغبة الصادقة أن تعطيه من قوتها لقوته.. ومن صحتها لصحته.

ولكنَّ الله عز وجل أوسع من ذلك فضلاً ورحمة، فيشملهم جميعاً بالرحمة والقوة والصحة والعافية: {وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} (147) سورة النساء.

فنسأل الله تعالى أن يعيد خادم الحرمين الشريفين سالماً معافى، طيباً مهنَّا, ضاحكاً مستبشرا. كما نسأله سبحانه أن يديم على نائبه وولي عهده الأمين الصادق الكريم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الصحة والعافية، وأن يعينه ويسدده فيما تولاه من مهام، ونسأله سبحانه أن يعين الركن الشديد والملهم الرشيد النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز على ما تحمله من أعباء.

والله المسؤول أن يحفظنا جميعاً بحفظه ويتولانا برعايته.

ورحم الله الذي يقوله:

والصدق أشرف ما اهتز الملوك له

وخير ما عوّد ابناً في الحياة أب

* الأمين العام لهيئة كبار العلماء

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة