Wednesday  01/12/2010 Issue 13943

الاربعاء 25 ذو الحجة 1431  العدد  13943

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

تتوجه أنظار العالم في نهاية الأسبوع إلى مدينة كانكون المكسيكية المشهورة بمنتجعاتها السياحية الخلابة لعقد مؤتمر المناخ التابع للأمم المتحدة, أو ما يُعرف بقمة المناخ لعام 2010م. المعروف أن هذه القمة تعقد كل سنة بمشاركة جميع دول العالم وعدد كبير من رؤساء الدول كإشارة واضحة إلى أهمية البيئة في المجتمع الدولي وبقيادة مستمرة من قبل منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1992م عندما عُقد مؤتمر ما كان يُعرف حينها بقمة الأرض في مدينة ريو دي جنيرو البرازيلية. طُرحت في ذلك المؤتمر فكرة وضع معاهدة بيئية تهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض وذلك بسبب تأثيرها المباشر على المناخ العالمي أو ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري للغلاف الجوي المسؤول الرئيسي عن الكثير من الكوارث البيئية الطبيعية من فيضانات وأعاصير وذوبان بطيء للجليد للقارة المتجمدة الشمالية مما قد يؤدي إلى ارتفاع منسوب البحار بمقدار يزيد على نصف متر بحلول عام 2050م يمكن أن يُعرض للخطر مئات الجزر وعشرات المدن والمشاريع الساحلية للغرق تؤدي إلى خسائر بشرية وخسائر مالية قد تزيد على 28 ترليون دولار كما أشارت إليه دراسة بريطانية. تطورت هذه المعاهدة عبر خمس سنوات إلى أن أصبحت اتفاقية صادق عليها 183 طرفاً واعتمد استخدامها في 11 ديسمبر 1997م في مدينة كيوتو اليابانية وعلافت بمعاهدة كيوتو التي دخلت حيز التنفيذ في 16 فبراير 2005م وتنص على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 7% أقل من المستوى التي كانت عليه عام 1990م خلال الفترة بين 20082012م. بالرغم من العدد الكبير الذي صادق على هذه الاتفاقية, رفضت بعض الدول الصناعية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية الموافقة عليها وذلك لاستحالة تخفيض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة بنسبة 7% خلال هذه الفترة وذلك لضخامة تكاليف هذا الالتزام وتأثيره السلبي على الاقتصاد والصناعة الأمريكية التي تعتمد بشكل مباشر على الوقود الأحفوري (البترول والغاز الطبيعي والفحم الحجري) المسؤول الرئيسي عن هذه الانبعاثات حسب ما يعتقده كثير من المهتمين بالبيئة. بعد هذه المقدمة, ومن خلال الجهود والمؤتمرات الدولية السابقة وآخرها مؤتمر كوبنهيجن الذي عقد في شهر ديسمبر من العام الماضي, السؤال الذي يطرح نفسه: ماهو الجديد لدى المهتمين بالبيئة الذين يصرون على التزام الدول الصناعية والنامية بخفض الانبعاثات, وما هو الجديد لدى هذه الدول التي لم توافق على هذه الالتزامات في معاهدة كيوتو التي سوف تنتهي فعاليتها عام 2012م؟

أعتقد, كما يعتقد الكثيرون من المهتمين بشؤون الطاقة وآثارها البيئية, أن المحادثات التي سوف تنطلق نهاية الأسبوع الحالي في مدينة كانجون المكسيكية لن تكون مختلفة عن ما حدث في كوبنهيجن, ولكنها سوف تمثل مرحلة من مراحل الطريق الشاق للوصول إلى اتفاقية ملزمة لجميع الدول بما فيها الصناعية والنامية بخاصة أمريكا والصين. ولكن الواقع والمتابع لهذه المؤتمرات يقول إن هذا الهدف النبيل المنقذ للعالم قد يطول انتظاره إلى عشرات السنين وقد يحتاج إلى عشرات المؤتمرات. المهم أن لا تفقد دول العالم (بقيادة الأمم المتحدة) الإرادة والدافع القوي للوصول إلى هذه المعاهدة المنشودة التي يمكن تنفيذها على أرض الواقع من قبل جميع الدول.

يمثل هذا الؤتمر وهذه الجهود الدولية تحديا كبيرا للدول الرئيسية المصدرة للبترول وفي مقدمتها الدول الأعضاء في منظمة أوبك وبخاصة المملكة العربية السعودية وذلك لأن الكثير من المهتمين بالشؤون البيئية يتهمون الوقود الأحفوري وارتفاع استهلاكه في السنين الماضية (خاصة البترول) كأحد الأسباب الرئيسية لزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة, ولكون الاهتمام بالبيئة أيضاً أحد أهم الإستراتيجيات التي تتبناها دول منظمة أوبك. عندما نرى أسباب فشل الجهود السابقة نجد أنها تتمركز حول الوقود الأحفوري واستمرار دول العالم الصناعية والنامية في استخدامه, لأنه لا يزال أرخص بكثير وأكثر كفاءة من أي من البدائل الخضراء مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. فهذه الدول, مثل أمريكا والصين والهند, لن تتوقف عن استخدام مصادر الطاقة الأحفورية الرخيصة الضرورية لانتعاش اقتصادياتها ورفع المستوى المعيشي لمواطنيها ما لم يتوفر مصدر للطاقة أرخص وأكفأ وأسهل في الاستخدام من البترول. هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها, بل إنك إن سألت من يتهم البترول عن وسيلة قدومه إلى مدينة كانكون ومصدر الطاقة التي سوف تجعله يتمتع بمنتجعاتها الخلابة, فإنه سوف يجيب عليك بدون تردد: الطائرة والبترول.

لذلك أتمنى أن تُستبدل الحلول المطروحة في هذه المؤتمرات من حلول لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع متركزة على مبدأ خفض استخدام البترول إلى مبدأ الترشيد في الاستهلاك ورفع كفاءة عملية احتراق البترول والتخلص من الغازات الناتجة عن عملية الاحتراق عن طريق عزل واحتجاز هذه الغازات, بل ربما استخدامها لإنتاج سلع ومواد جديدة تدعم اقتصاديات هذه الدول وتخلص البيئة منها. وبدلاً من محاولة حل مشكلة الاحتباس الحراري من خلال جعل الوقود الأحفوري أكثر تكلفة عن طريق زيادة الضرائب كما تعودت عليه الدول الغربية بخاصة دول الاتحاد الأوربي، لماذا لا تتركز هذه الجهود على جعل بدائل الطاقة النظيفة الخضراء أقل تكلفة؟ والسؤال هنا: هل يستطيع العالم تطوير تقنيات ترفع من كفاءة عملية احتراق الوقود الأحفوري وتقنيات تتخلص وتعزل الانبعاثات الضارة وتقنيات تقلل من سعر مصادر الطاقة البديلة؟ الجواب: نعم, عن طريق زيادة الاستثمارات في مشاريع البحث والتطوير في هذه المجالات. ولكن ذلك سيتطلب أموالاً ضخمة والتزاما حقيقيا من قبل الدول الصناعية الكبرى والدول النامية على حد سواء قد لا يكونوا قادرين على تحقيقه في المستقبل القريب.

وختاماً, العالم لا يتوقع الكثير من هذا المؤتمر من خلال الوصول إلى معاهدة يوافق عليها الجميع بما فيهم الدول الصناعية الكبرى والدول النامية, ولكن حسب رأيي ورأي الكثيرين المتابعين لهذه الجهود, سوف يكون هناك (من خلال جلسات ومناقشات المؤتمر) تقدم تدريجي تجاه معاهدة المناخ العالمية بدون تحديد وقت محدد للانتهاء والموافقة عليها.

 

قمة كانكون البيئية
د. سامي عبدالعزيز النعيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة