Wednesday  01/12/2010 Issue 13943

الاربعاء 25 ذو الحجة 1431  العدد  13943

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

كانوا يقولون: كل إناء بما فيه ينضح والمتمعنون في هذه العبارة التي درجت بين الناس يوقظونها على ألسنتهم عندما يواجهون من الآخرين مواقف سالبة لا ترضيهم فيُكَنُّوْنَ عنها بأنها الناضح بها إناؤهم، لكنهم في النادر إن استخدموها في يقظة المواقف الناصعة التي تجلي عن معادن طيبة ونفوس خيرة.

وعودة لمدلول هذه المقولة نجدها مقتبسة من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ينصح بمجالسة الطيبين الذين هم كبائع المسك إن جالسه المرء خرج من عنده يحمل العطر قد تطيب بالمسك، فما تهب نسمة في ممشاه ومجلسه إلا يشيع عنه الشذى.., بينما مجالسة صاحب الكير إما أن يحرق ثوب مُجلسه، أو أن يتلبسه برائحته، وفيهما كناية عن الأطايب من الرفقاء والناس، إن عاشرهم أخذ عنهم وتأسى بهم، وإن باعدهم تركوا فيه آثارهم، ما كان في مظهرأو مَخبر، وهم، أولئك البطانة والمريدون.. هم الناضحون ما عندهم فإما أن يعطروك وإما أن يلوثوك.. بمثل ذلك ما تسمع وما ترى من الناس.

فالشجرة الطيبة أصلها ثابت في الأرض، غير أن نبتها هو فرعها، هو مكنونها الظاهر، و لا مرد له عن النوف للسماء، لأن منبتها حسن، وهي طيبة والحسن والطيب، لا ما يصد نموهما، أو ينخر في جذورهما، فإن جاءا فأثر يقتدى، أو أثر يُمتن منه.

تماما فإن الشجرة الخبيثة لا تنمو، ولا تعلو، وإنما هي تنخر في الأرض، وتترك ضامرة، فتجتث جذورا ميتة، وخشاشا متعفنا..

الناس كذلك، منهم الطيبون المسك، الذين إن أعطوك فخيرا يعطوك، وإن منعوك فشرا يمنعوك، ومنهم السيؤون إن أعطوك، فشرا يعطوك، وإن منعوك فخيرا يمنعوك..

فالطيب من الناس شجرة تثمر في حياتك والسيء منهم كير يفسد عليك مقامك.. كلاهما ينضحان بثمارهما، ويمنحان من إنائيهما..

إما خيرا فينوف في نفسك شجرة طيبة، وإما شرا فيسري كالنار في الهشيم على سلامتك.. وسعادتك وأمنك وسلامك.

بعض المسلمات والحقائق تطرق الأبواب مهما تقادمت، وتوغلت في تاريخ الإنسان.. فالإنسان مجاهد نفسه منذ جهل كيف يواري سوءة أخيه، وإلى أن أكرمه الله بعفو أخيه فأدخله مع والديه مصر مكرمين بعد أن نزغ الشيطان بينهم.. وإلى أن يقابل كتابه فيقرأ خيره الذي عطر به، أو يواجه شره الذي أظلم به..

فثمار الأشجار الطيبة في الآنيات الوضيئة عند بائعي المسك تجعل الحياة طيبة مفعمة بالمسك، غنية مروية للنفوس والأرواح ويبقى الإنسان محور العمل ومدار التمثيل.!

 

لما هو آت
هو الشجرة والإناء والبائع
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة