Thursday  02/12/2010 Issue 13944

الخميس 26 ذو الحجة 1431  العدد  13944

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

           

في برنامجه على قناة دليل الفضائية تناول الدكتور عبدالعزيز قاسم (أزمة الفتاوى) كعنوان للحوار الذي شارك فيه صحفيون إضافة إلى بعض طلبة العلم الشرعي. لفت نظري في البرنامج مشاركة هاتفية متوترة وغاضبة من قبل الدكتور سعد بن مطر العتيبي.. أستاذ السياسة الشرعية في المعهد العالي للقضاء. كما جاء التعريف به. ونظراً لأن الأقوال التي رددها الدكتور سعد بن مطر، تصلح لأن تكون مثالاً لما يتردد على ألسنة بعض الشباب من طلبة العلم حول بعض القضايا المطروحة والمتداولة في الساحة الثقافية هذه الأيام؛ فقد وجدت أن من المصلحة أن أتناول هذه المداخلة بالنقاش في مقال اليوم وكذلك في مقال يوم الأحد القادم:

أولاً: يقول الدكتور بن مطر: (وأحب أن أؤكد على أنه هناك أيضاً فرق بين الفتوى الملزمة والفتوى المبينة وليس صحيحاً أن الفتوى غير ملزمة). طيب؛ كيف نفرق بين الفتوى الملزمة وغير الملزمة؟.. الذي أعرفه أن (اختيار) ولي الأمر صاحب البيعة للرأي الفقهي، إذا كان يتعلق بقضية عامة وليست خاصة، يصبح بالضرورة ملزماً للجميع؛ فإذا اتفق معي ابن مطر على هذا الرأي فإن الفتوى (العامة) لا تصبح ملزمة إلا حين يوافق عليها ولي الأمر صاحب البيعة، ويصدر بها قراراً حكومياً، أما ما عدا ذلك فليست ملزمة لأحد، وبالذات الجهات الحكومية التنفيذية، حتى وإن صدرت من الجهة المخولة بالفتوى؛ كفتوى الكاشيرات مثلاً، وهذا ما لم يتطرق له الدكتور ابن مطر.

ثانياً: يقول الدكتور ابن مطر: (إن تقسيم أجهزة الدولة إلى دينية وغير دينية ومصطلح المؤسسة الدينية لا مكان له في بلاد دستورها النصوص الدينية ممثلة في الكتاب والسنة ونحن دولة إسلامية تحكم الدنيا بالدين).. ولا أدري كيف حكم على هذا التقسيم بأنه (غير جائز) و لا محل له في بلادنا. ربما أن مصطلح (مؤسسة دينية) قد يكتنفه بعض المحاذير التي يطول الحديث فيها على اعتبار أن هذا المصطلح قد يُفهمُ منه أن ثمة مؤسسة (كهنوتية) في بلادنا، أما وصف بعض الأجهزة (الإدارية) بأنها (دينية) فلا غبار عليه في تقديري؛ فهناك شؤون دينية في وزارة الدفاع، وهناك شؤون دينية في الحرس الوطني، وهناك مناهج دينية في وزارة التربية والتعليم؛ بل إن وزارة الشؤون الإسلامية هي وزارة دينية أيضاً، على اعتبار (أن الدين عند الله الإسلام) في النتيجة. لذلك كان يجب عليه أن يحترز قبل أن يُطلق هذا التعميم الذي لا يمكن قبوله على إطلاقه؛ غير أن التوتر والحماس ربما طغى عليه، فانحرف كلامه جزئياً عن تحري الدقة، بتجاهله -عمداً أو فواتاً- تسميات رسمية بموجب أوامر ومراسيم ملكية، وهذا دائر بين (مصيبة) إن كان لا يدري، و(مصيبة أعظم) إن كان يدري، ولا يخفى ابن مطر رُوي من قصة عمر (رضي الله عنه) مع المرأة والتي قال فيها شيخ الإسلام ابن تيمية: «هذه القصة دليل على كمال فضل عمر ودينه وتقواه ورجوعه إلى الحق إذا تبين له» ثم إن مناقشة بعض الكتاب لبعض الآراء الفقهية متأيد بأقوال علماء آخرين معتبرين.

ثالثاً: يقول الدكتور ابن مطر: (يعني لما نأتي إلى إعلام يعارض النظام الأساسي للدولة (كذا!) ويعارض السياسة الإعلامية ويناقض أنظمة الإعلام ويطبع المخالفات الشرعية والنظامية ويجلب آراء من خارج الوطن على سبيل المناكفة لرموز الوطن ويمارس (الجريمة الشرعية) والنظامية في واقعه من خلال المقالات والصور.. هل يصح بعد هذا أن يوصف بأنه إعلام وطني سعودي). هذا كلام خطير يجب ألا يمر مرور الكرام؛ فالإعلام لدينا تُشرفُ عليه جهة حكومية هي وزارة الثقافة والإعلام، ويتربع على قمتها وزيرٌ تم تعيينه من قبل خادم الحرمين الشريفين، وكل رؤساء التحرير توافق عليهم الوزارة، إضافة إلى الجهات الأمنية مثلما هو معروف؛ وابن مطر هنا يعتبره إعلاماً (معارضاً) أو بلغة أكثر دقة(متمرداً) على أنظمة الدولة لمجرد أنه حلل رأياً فقهياً، أو ناقش في قضية من القضايا التي تمس حياة الناس؛ فهل يعقل أن يصبح الفقيه أو رجل العلم أو سمّه ما شئت فوق النقد الموضوعي المؤيد بكلام من هو في مستواه علماً ومنصباً، وإنما دور الصحافة أن تنقل وتناقش ضمن منظومة الرأي العام - كأي صحافة وفي أي مكان- امتداداً لعملها المهني منذ بدأ تاريخ الصحافة السعودية، وهل (بيننا) أو في (ديننا) من هم موصوفون بالعصمة؟ كلا لاعصمة لأحد إلا لأنبياء الله ورسوله (عليهم الصلاة والسلام) فيما يبلغونه عن الله تعالى، وفي غير ذلك يقول سبحانه:?عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ? إني.. أربأ بصراحة بمن يعلم قضاتنا، وبالذات (السياسة الشرعية) كما هو تخصصه الدقيق، أن يصل إلى هذا المستوى من التدني في الموضوعية والضرب صفحاً عن استدعاء كامل نصوص الشرع والنظام ذات العلاقة ضمن سياقها المطلوب، ثم إطلاق التهم على الأجهزة الحكومية والأهلية لمجرد أنها اختلَفَت مع توجهاته؛ فالمفروض في الأكاديمي، أياً كان، أن يتحرى الدقة والموضوعية، فكيف بمن يُعلم رجال القضاء في البلاد الذين هم أولى الناس بتطبيق قوله جل شأنه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). ولضيق الحيز، سأتناول بقية ما جاء في المشاركة يوم الأحد القادم.

إلى اللقاء



 

شيء من
ابن مطر ومداخلته في قناة دليل ( 1 – 2 )
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة