Thursday  02/12/2010 Issue 13944

الخميس 26 ذو الحجة 1431  العدد  13944

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

           

يحظى المأذون الشرعي بعلاقات طيبة مع أغلب أفراد المجتمع، ونظراً لكثرة ارتباطه مع الناس فإنه يمر عليه مواقف طريفة ومثيرة، وحيث إنني أقوم بإجراء العقود الشرعية في مدينة الرياض منذ فترة طويلة فقد تعرضت لمواقف عديدة منها ما يكون طريفاً ومنها ما يكون محرجاً وقد ذكرتُ مواقف كثيرة في كتاب مأذون ومواقف ساخنة، وأحببت أن أذكر للقارئ الكريم بعضاً من تلك المواقف وعسى أن يجد قارئها المتعة والفائدة.

ومن المواقف التي مرت علي أثناء عقود الأنكحة: حضرتُ لإجراء عقد نكاح لإحدى الأسر، وبينما أنا متواجد في مجلس العقد حضر رجلٌ وسلم عليّ وجلس بجانبي، وكان الرجل مضطرباً وقلقاً أثناء جلوسه، نظراته تدلّ على وجود توتر كبير في نفسه، أوجستُ في نفسي خيفة، وبعد دقائق معدودة أجريت عقد النكاح، وبعدها قدموا لي بعض المشروبات الساخنة، وليتهم قدموا مشروبات باردة!! وفي أثناء جلوسنا أخذ والد الزوجة يُعرف بالموجودين في المجلس، ولما جاء دور الرجل المضطرب الذي يجلس بجانبي أخبر والد الزوجة أنه عمّ الزوجة وأن وظيفته تنفيذ حد القتل في ساحة القصاص.

فقلتُ لوالد الزوجة: وما الذي جاء به في مجلس العقد؟ فقال والد الزوجة مازحاً: عشان إذا العريس ما صار رجال يقطع راسه!! فقال لي عمّ الزوجة (منفذ القصاص)، ما ودك أزوجك بنتي يا شيخ؟ فكاد يُغمى عليّ من عرضه المميز بارك الله فيه وسلط الله سيفه على المجرمين!! فقلت له: قد كبرت سني ورق عظمي وما بقي في العمر مثل اللي مضى، الله يرزقها من هو أفضل وأبرك (آمين)، فقال أحد الحاضرين: (الخوف مليح يا شيخ)، وبعد ذلك نفذت بجلدي، ولما جاء الغد جاءني اتصال من رقم غريب الساعة التاسعة صباحاً، ولما رددتُ على الاتصال إذا بالرجل منفذ الحدود هو الذي يتصل بي ويقول: تعال يا شيخ في ساحة القصاص بعد الظهر عندي تنفيذ قصاص في مروج مخدرات، فقلت له: شكراً يا أخي على الدعوة، ولم أحضر وبعد الظهر بساعة اتصل الرجل عليّ وقال: عساك حضرت يا شيخ، فقلتُ له: لم أحضر وأظنّ أبا تمام مدحك وسيفك في قصيدته يوم قال:

السيف أصدق إنباء من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب

ومن المواقف التي مرت عليّ أثناء عقود الأنكحة: ذلك الموقف الذي طلبت من والد الزوجة تقديم بطاقة أحوال مدنية لشاهدين فقدم لي بطاقتين لشاهدين، وكان اسم أحدهما (عبدالملك بن مروان) فتذكرت الخليفة، فقلت بيني وبين نفسي: (أبشر بعطية خليفة المسلمين)، فقالت له: يا خليفة المسلمين أطلب منك أن تأمر لي بأرض مساحتها ألف متر شارعين في وسط دمشق، فقال لي: أمرك مجاب أيها المأذون ثم أمر لي بأرض تجارية، وللمعلومية إلى هذه اللحظة وأمر الخليفة عبدالملك بن مروان - رحمه الله- لم تنفذه الأمانة.

إن مجالس عقود الأنكحة لابد من وجود الطرفة والفكاهة وذلك لإزالة الرهبة التي قد توجد لدى العريس.

ومن المواقف الطريفة التي صادفتني: تعرضت لسرقة مقتنيات هامة ووثائق رسمية من سيارتي أثناء أدائي لصلاة العشاء أمام مسجد من مساجد مدينة الرياض وذلك بعد قيام الجاني بكسر زجاج السيارة، وقمت بإبلاغ الجهات الأمنية المختصة، وبعد ذلك ذهبت لقسم الشرطة لاستكمال إجراءات البلاغ عن السرقة، وبعد علم منسوبي الشرطة أنني مأذون شرعياً جعلوني محل حفاوة وتقدير واحترام فظننت أن ذلك من بركات دعاء الوالدين، وبعد ذلك قال أحدهم مثلا شعبيا: (جاك يا مهنا ما تمنى)، وقال آخر: (جابك الله يا شيخ) ما عندك زواج مسيار، فقلت لهم: يا جماعة الخير، أنا مشغول بسرقة أغراضي، وما هو وقت مسيار، شوفوا موضوع السرقة وبعدين نتفاهم على زواج المسيار وغيره، وبعد استكمال إجراءات البلاغ، خرجتُ من قسم الشرطة وردد أحد أفرادها يقول: (تكفى يا شيخ لا تخلينا).

ومن المواقف التي حدثت لي: حضرت ذات يوم لمنزل لإجراء عقد نكاح أحد الشباب على فتاة وبعد شروعي في كتابة العقد انطفأت الإضاءة بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن الحي بأكمله، وقال والد الزوجة للعريس يمازحه: وجهك وجه خير على الحي، فقال العريس: أجل سوف أحضر يومياً، فتوقفت عن الكتابة مدة من الزمن، وبعد مدة من الزمن أحضر والد الزوجة سراجاً قديماً وأشعله واستأنفت الكتابة وأنهيت العقد، وأخذ والد الزوجة يردد (قديمك نديمك ولو الجديد أغناك)، أحسن والد الزوجة التصرف بحل سريع، وهذا هو الواجب وهو التصرف المناسب عند حدوث المواقف.

ومن المواقف التي مرت عليّ أثناء عقود الأنكحة حضرت في مجلس عقد النكاح، وكان العقد لأحد المعددين للزوجات من أرباب السوابق، ولما شرعت في خطبة الحاجة المشروعة وبعد الانتهاء منها قلت لوالد الزوجة: قل للعريس زوجتك ابنتي فلانة، فقال للعريس: زوجتك بنتي فلانة، والتفت على العريس ولما أردت أن أقول له: قل قبلتُ، وجدتُه نائماً يغط في سباتٍ عميق وله صوت شخير، فتبادر لي بعض الأقوال والأشعار المشهورة التي قيلت في النوم، ومنها: عدلت فأمنت فنمت، وقول الشاعر:

تنام عينك والمظلوم منتهٌ

يدعو عليك وعين الله لم تنمِ

وبعد ذلك قمنا بإيقاظ العريس، وأكملنا العقد الشرعي بحمد الله وفضله، ونظرت إلى العريس وتذكرتُ قول أبي الطيب المتنبي:

أنام ملء جفوني عن شواردها

ويسهر الناس جراها ويختصم

وبعد ذلك ناقشت العريس وقلت له ممازحا: (بديتها بنوم الله يهديك)، فقال لي: استراحة محارب فقلت: ونعم المحارب أنت مع نسائك.

ومن المواقف المثيرة التي شاهدته: حضرت ذات يوم لإجراء عقد نكاح شاب على فتاة، وكان مكان العقد منزل خال البنت، وذلك بحضور والد الزوجة وجدها لأبيها، وكان المجلس يظهر عليه الهدوء (الهدوء الذي يسبق العاصفة) وبعد إجراء العقد الشرعي، خرجت من مجلس العقد، ولما وصلت سيارتي وأردت ركوبها إذا بأصوات مرتفعة لرجلين يتخاصمان مخاصمة شديدة، ولما نظرت إلى موقع الحدث إذا بخال البنت ووالدها في عراك شديد بالأيدي واشتد العراك فخرج جدُ الزوجة لأبيها وقام بحجز المتخاصمين ونهر ابنه وأمره أن يغادر المكان فوراً، وكان سبب تلك الخصومة أن والد الزوجة يريد أخذ جزء كبير من المهر له شخصياً وكان خال البنت معارضاً أخذ والد الزوجة هذا الجزء الكبير من المهر.

ومن المواقف التي صادفتني: حضرت لإجراء عقد نكاح لإحدى الأسر، ولما وصلت لمجلس العقد وطلبت من والد الزوجة إحضار الأوراق اللازمة، أخبرني قائلا: العقد ليس لبنت واحدة، وإنما لثلاث بنات، على ثلاثة من الإخوة، وكان العرسان الثلاثة متواجدون في مجلس العقد، فقلت لوالد الزوجات ما شاء الله تبارك الله، وطلبت منه دفتر العائلة والتعريف بأسماء الزوجات وطلبت بطاقات الأحوال لكل عريس وكتبت لكل عريس مع زوجته على حدة وأنهيت الكتابة ولله الحمد وأجريت العقد في جو من الراحة النفسية، وقد أعجبني والد الزوجات بتسامحه وتيسيره.

ومن المواقف التي حدثت في عقود النكاح أن والدة الزوجة بعد إتمام عقد قران ابنتها أرادت أن تُعبر عن فرحتها بطريقتها الخاصة فأرادت أن تزغرد (مثل الأخوات المصريات) فبدأت تُعلي صوتها فأصابها انقطاع مفاجئ للصوت فقال زوجها لولده: يا عبدالله صارت أمك مثل الدجاجة المبحوحة، فقال الابن لوالده: الظاهر إن الشحن انتهى.

هذا ما أحببت ذكره عن المواقف الطريفة للمأذون الشرعي، والله الموفق.

saad_moyn@hotmail.com
 

من مواقف المأذون الطريفة
د. سعد بن محمد الموينع

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة