Friday  03/12/2010 Issue 13945

الجمعة 27 ذو الحجة 1431  العدد  13945

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

عندما تنفق دولة ما أكثر مما تجني فهذا يعني أنها سوف تسد الفرق بين الإيرادات والمصروفات بالاقتراض، إما من البنوك الداخلية أو الخارجية بطرح سندات ذات فوائد محددة، ويمكنها أن تستمر في الاقتراض بسعر الفائدة السائدة في السوق طالما أن البنوك الداخلية والخارجية تراها قادرة على سداد ديونها، ويمكنها الاستمرار في هذا النهج سنوات عديدة، طالما أن السيولة الداخلية متاحة وهي قادرة على الوفاء بتسديد الديون مع فوائدها المجدولة على سنوات معلومة.

والدول الديمقراطية تتعاقب فيها الأحزاب على السلطة، ويسعى كل حزب إلى إرضاء المجتمع بتوفير الخدمات والفرص الوظيفية طمعاً في استمراره في قيادة البلاد. وكلما زاد الإنفاق زادت الخدمات والفرص الوظيفية ولهذا فقد تعمل الحكومات على ضخ أموال فوق ما هو متاح من خلال الاقتراض.

في لحظة معينة قد تعجز دولة ما عن سداد الديون في حينها فتطلب إعادة جدولة الديون على سنوات لاحقة، ولن يكون أمام البنوك أو الدول الدائنة إلا الموافقة على مضض بشروط ربما تكون ميسرة وسهلة كما تفعل الدول العربية مع المدينين، أو قد تكون شروطاً مجحفة كما هي حال كثير من الدول الدائنة الأخرى.

أيرلندا هي إحدى الدول التي واجهت مشكلة في تراكم الديون، وما يجعل وضعها حرجاً أنها مثل اليونان تقع في منظومة اقتصادية واحدة لها عملة واحدة هي اليورو، ولهذا فإن الواقع يحتم خياراً من خيارين لا ثالث لهما، إما أفول نجم اليورو وتواريه عن الأنظار في تلك الدول وانحساره على دول بعينها، أو الصبر ودعم تلك الدول من قبل الدول القادرة في منظومة اليورو، والتي ستتحمل كبر ذلك العناء ألمانيا الاتحادية التي تعتبر العمود الأساسي للاقتصاد الأوروبي في منظومة اليورو، وتليها فرنسا.

الحقيقة، أن ألمانيا وغيرها من الدول الفاعلة، قد غفلت أو تغافلت عن تجاوز النسب المسموح بها للعجز في الميزانية والمحدد بنسبة معينة من إجمالي الإنتاج الوطني. واستمر ذلك التغافل واستمرت الفجوة بين الإيرادات والمصروفات ونسبة العجز من مجمل الإنتاج الوطني، حتى حلّت الفاقرة. فمدت تلك الدول المتمادية يدها إلى أخواتها من الدول الضابطة لاقتصادها طالبة العون. فلبت النداء بشروط ربما تكون قاسية، لأنها تفرض خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات، وتقليص الفارق. وهذا سينجم عنه لا محالة قلة في مشاريع البنى التحتية، وزيادة في البطالة، وهذا لا بد له من آثار سياسية واجتماعية، غالباً ما تدركها الشعوب المتقدمة فتتفاعل معها على مضض.

وأيرلندا بحزبها الحاكم كما هي اليونان أخذت على عاتقها احتمال تلك الصدمة الأولى، وصادف وجود انتخابات في دائرة محددة، ففقد الحزب عدداً من ممثليه في البرلمان، مما قد يعرقل الحكومة عن السير في طريق التقشف الذي سلكته. والحقيقة أن الحزب أو الأحزاب المنافسة ليس لها خيار غير خيار التقشف لكنها سوف تستغل بعض الجزئيات العملية التي من خلالها تستطيع أن تؤثر على الناخب، فتصل إلى سدة الحكم، لتسير في نفس النهج مع تغيير يسير في الأسلوب لأن الخيار واحد وهو طلب المعونة المشروطة وربما المجحفة المصلحة من الأعضاء الآخرين.

والبرتغال قد تصل إلى ما وصلت إليه أيرلندا وهي ذات الاقتصاد الأصغر، وستهب ألمانيا لنصرتها ولا ريب مع تحسين المسار، ودفع ضريبة زمن الرفاه، في أيام العسرة. وربما يكون الأمر كذلك في إسبانيا التي تنفي حاجتها للمساعدة، وتتمنى ألا يمتد ذلك اللهب إلى إيطاليا.

وبدأت تتسرب من الهمس إلى العلن معلومات عن أن ألمانيا بلغت مداها من الضيق من تصرفات بعض الدول، ولذا فربما يكون هناك طرح لإقامة منطقتين لليورو. منطقة تضم ألمانيا وفرنسا وهولندا والدول الاسكندنافية، ويورو أخرى رديفة للدول ذات المعاناة الاقتصادية.

إنها معلومات اقتصادية قد لا تكون جاذبة للقارئ لكنها أحداث تجري على السطح، فانتقلنا به من التاريخ إلى الواقع الأوروبي.

 

نوازع
اقتصاد منظومة اليورو
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة