Friday  03/12/2010 Issue 13945

الجمعة 27 ذو الحجة 1431  العدد  13945

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

جائزة الملك فيصل العالمية.. أصدق وأشمل وأسبق
عادل علي جودة

رجوع

 

لم تزل فئة منا تنظر إلى جائزة الملك فيصل العالمية على أنها أقل شأناً من جائزة نوبل! وتبرز هذه النظرة بشكل أعمق كلما نال أحد العلماء جائزة نوبل في موضوع سبق أن مُنح فيه جائزة الملك فيصل العالمية!

والواقع أني أُسجّل عتاباً شديداً على هذه الفئة، ويكون عتابي أشد على فئة أخرى بحسن نية ترى في هذا الأمر دليلاً على حيادية جائزة الملك فيصل العالمية ومصداقيتها! أما العتاب الأشد فعلى أولئك الذين بحسن نية أيضاً يتباهون بمن يطلق على جائزة الملك فيصل العالمية اسم «جائزة نوبل العربية»؛ أيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير!

ذلك أن جائزة نوبل، وبحسب الانتقادات التي وجهت إليها منذ بداية منحها، تفتقر إلى الحيادية والنزاهة، وفي هذا الإطار أقتبس (بشيء من التصرف) بعضاً مما ورد في موسوعة ويكيبيديا التي تقول: «تولد نقد لاذع ومعارضة وتشكيك في حيادية جائزة نوبل منذ بداية منحها في العام 1901م، ومن أهم الانتقادات التشكيك في نزاهتها خاصة في مجال السلام والاقتصاد؛ حيث كانت دول الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفييتي (وقتئذٍ) تقول إن الجائزة في الاقتصاد تمنح فقط لأصحاب الفكر الاقتصادي الرأسمالي. وقد لاقى اختيار (فرانسيس فوكاياما) لجائزة نوبل في الفيزياء انتقادات لاذعة، وقيل إن في ذلك تكريساً لليبرالية وللقيم الغربية. وكذلك تشكك بعض الأطراف في حيادية جائزة نوبل للسلام، وبخاصة الجوائز التي منحت لبعض رؤساء الدول؛ إذ لاقى اختيار (باراك أوباما) لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2009م انتقادات واسعة نظراً لأنها منحت له بناء على نواياه وليس بناء على أعمال قام بها». وأجدني هنا أعود بذاكرتي إلى عام 1994م حيث الغصة التي ما زالت آثارها قائمة؛ إذ منحت «جائزة نوبل للسلام» لكل من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات واثنين من مجرمي الحرب الصهاينة (إسحاق رابين وشمعون بيريز)، فبدلاً من أن تنصف المظلوم ليكون في ذلك رسالة لمعاقبة الظالم، لا أقول إنها ساوت بينهما، بل منحت الجائزة للظالم وخصصت جزءاً منها للمظلوم، وجعلت القسمة بين المجرم والضحية بنسبة 2 إلى 1! ومن يدري، ربما كان من المخطط منحها للحمل الوديع (أرائيل شارون) لو بقي حياً!

هكذا يتضح أن جائزة نوبل تفتقر إلى الحيادية والنزاهة، ومن المعادلات البديهية أن فاقد الشيء لا يعطيه؛ وبالتالي نخلص إلى أن نيل جائزة نوبل بعد جائزة الملك فيصل العالمية في موضوع محدد لا يعد كسباً لجائزة الملك فيصل العالمية بينما هو كسب حقيقي لجائزة نوبل، فجائزة الملك فيصل العالمية منذ نشأتها في عام 1977م حتى يومنا هذا لم يوجه لها أي انتقاد، بل يشار إليها على أنها الأصدق والأشمل والأسبق.

أما أصدق فلأنها وجدت لتأصيل المبادئ والقيم التي حملها الملك فيصل رحمه الله ومتابعة مسيرته وكفاحه نحو رفع شأن الإنسانية وتحقيق تقدمها ورقيها في شتى مناحي الحياة. وأصدق لأنها التزمت في أداء رسالتها جانب الدقة في تشكيل لجان الاختيار، والدقة في تحديد موضوعات جوائزها في كل عام، والدقة في رسم سياسة الترشيح ومهنية التعامل مع الأعمال المرشحة من حيث التحكيم وما يتصل به من إجراءات، والدقة في حيادية اختيار الفائزين؛ الأمر الذي أكسبها ما تتسم به من ثقة عالية وسمعة عالمية.

وأما أشمل فلأنها خلال أربعة وثلاثين عاماً وهي مدة قصيرة قياساً بعمر الزمن حققت نجاحات غير مسبوقة في إطار الأهداف المرسومة لها؛ إذ بدأت الجائزة بثلاثة فروع: فرع «خدمة الإسلام»؛ وهذا الفرع بلا شك أشمل من جائزة نوبل للسلام لاشتماله على القضايا كافة التي تمس حياة الإنسان من أمن وسلام وحرية ورخاء، وفرع «الدراسات الإسلامية»، والمتابع لموضوعات الجائزة في هذا الفرع يجد أنها اشتملت على دراسات علمية أصيلة تناولت العديد من التخصصات التي من شأنها إثراء فكر الإنسان وتغذية ثقافته والإسهام في تحقيق نفعه في حاضره ومستقبله بما فيها الجانب الاقتصادي، ومع ذلك أميل إلى الرأي المنادي بضرورة استحداث فرع للسياسة والاقتصاد، وفرع «اللغة العربية والأدب» وقد تناول هذا الفرع العديد من الدراسات والأعمال الإبداعية من نقد وشعر ونثر وقصة وأدب أطفال وترجمة. ثم لم يمض عامان حتى أضيف إلى هذه الفروع فرع «الطب» بكل أقسامه، وفرع «العلوم» الذي يغطي الكيمياء والفيزياء والأحياء والرياضيات.

وأما أسبق فها نحن اليوم نجدد احتفالنا بالإنجاز الذي حققه العالم البريطاني البروفيسور روبرت إدواردز الذي فاز بجائزة نوبل للطب لعام 2010م، ونهنئ جائزة الملك فيصل العالمية التي كانت أسبق من نوبل في تكريم هذا العالم بواحد وعشرين عاماً! وهذا السبق في التكريم لا يقتصر على هذا العالم، بل هنالك ستة عشر عالماً نالوا جائزة الملك فيصل العالمية أولاً، ثم بعد سنوات عديدة نالوا جوائز أخرى، ويسرني أن أزين مقالتي هذه بأسمائهم مرتبة تاريخياً حسب حصولهم على جائزة الملك فيصل العالمية:

1 الأستاذ الدكتور عبدالقادر حسن القط، مصري الجنسية، نال في عام 1400 1980م (جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب)، وكان موضوع الجائزة (الدراسات التي تناولت الشعر العربي المعاصر)، ثم بعد ذلك بخمس سنوات ينال جائزة الدولة التقديرية في مصر لعام 1985م.

2 الدكتور جيرد بينج Gerd Binng، ألماني الجنسية، نال في عام 1404هـ 1984م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها الفيزياء، ثم بعد ذلك بسنتين ينال جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1986م.

3 الدكتور هنري روهرر Heinrich Rohrer، سويسري الجنسية، نال في عام 1404هـ 1984م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها الفيزياء، ثم بعد ذلك بسنتين ينال جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1986م.

4 الأستاذ الدكتور بيير شامبون Bierre Chambon، فرنسي الجنسية، نال في عام 1408هـ 1988م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها علم الحياة (البيولوجيا)، ثم بعد ذلك بثلاث سنوات ينال جائزة لويس جانتيه الطبية لعام 1991م.

5 الأستاذ الدكتور أحمد حسن زويل، Ahmad H. Zewail، أمريكي الجنسية مصري الأصل، نال في عام 1409هـ 1989م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها الفيزياء، ثم بعد ذلك بعشر سنوات ينال جائزة نوبل في الكيمياء لعام 1999م.

6 الأستاذ الدكتور ثيودور هينش، Theodore Hanch، أمريكي الجنسية، نال في عام 1409هـ 1989م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها الفيزياء، ثم بعد ذلك بست عشرة سنة ينال جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2005م.

7 البروفيسور روبرت جيفري إدواردز Robert G. Edwards، بريطاني الجنسية، الذي نال عام 1409هـ 1989م (جائزة الملك فيصل العالمية في الطب)، عن دوره في تطوير عمليات أطفال الأنابيب، ثم في عام 2010م، أي بعد واحد وعشرين عاماً، ينال جائزة نوبل للطب عن العمل نفسه.

8 الأستاذ الدكتور سدني برينر Sydney Brenner، بريطاني الجنسية، نال في عام 1412هـ 1992م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها علم الحياة (البيولوجيا)، ثم بعد ذلك بعشر سنوات ينال جائزة نوبل في الطب لعام 2002م.

9 الأستاذ الدكتور ستيفن شو Stever Chu، أمريكي الجنسية، نال في عام 1413هـ 1993م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها الفيزياء، ثم بعد ذلك بأربع سنوات ينال جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1997م.

10 الأستاذة الدكتورة فرانسوا باري سنوسي Françoise BarreSinoussi، فرنسية الجنسية، نالت عام 1413هـ 1993م (جائزة الملك فيصل العالمية في الطب)، وكان موضوعها مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، ثم في عام 2008م، أي بعد نحو خمسة عشر عاماً تنال جائزة نوبل للطب في الموضوع نفسه.

11 الأستاذ الدكتور لوك مونتانييه Luc Montagnier، فرنسي الجنسية، نال عام 1413هـ 1993م (جائزة الملك فيصل العالمية في الطب)، وكان موضوعها مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، ثم في عام 2008م، أي بعد نحو خمسة عشر عاماً ينال جائزة نوبل للطب وفي الموضوع نفسه.

12 الأستاذ الدكتور ك. باري شاربلس K. Barry Sharpless، أمريكي الجنسية، نال في عام 1415هـ 1995م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها الكيمياء، ثم بعد ذلك بست سنوات ينال جائزة لويس جانتيه الطبية لعام 2001م.

13 الأستاذ الدكتور جنتر بلوبل Gunter Blobel، أمريكي الجنسية، نال في عام 1416هـ 1996م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها علم الحياة (البيولوجيا)، ثم بعد ذلك بثلاث سنوات ينال جائزة نوبل في الطب لعام 1999م.

14 الأستاذ الدكتور كارل وايمان Carl E. Wieman، أمريكي الجنسية، نال في عام 1417هـ 1997م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها الفيزياء، ثم بعد ذلك بأربع سنوات ينال جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2001م.

15 الأستاذ الدكتور إريك كورنل Eric A. Cornell، أمريكي الجنسية، نال في عام 1417هـ 1997م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها الفيزياء، ثم بعد ذلك بأربع سنوات ينال جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2001م.

16 الأستاذ الدكتور ريوجي نويوري Ryoji Noyori، ياباني الجنسية، نال في عام 1419هـ 1999م (جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم)، وكان موضوعها الكيمياء، ثم بعد ذلك بسنتين ينال جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2001م.

كل ذلك (وللأسف) لا نجد حراكاً حقيقياً يتفاعل مع جائزة الملك فيصل العالمية إلا القليل من الحراك الإعلامي والثقافي الذي يتزامن تارة مع احتفالات الجائزة، وتارة أخرى مع العلماء الذين نالوا جائزة نوبل بعد فوزهم بها!

وأنا في واقع الأمر لن أكتفي هنا بتوجيه اللوم إلى المؤسسات الإعلامية والقائمين عليها، وإنما أيضاً إلى المؤسسات العلمية والثقافية والطبية كافة؛ فجائزة الملك فيصل العالمية بما حققته من ريادة تستحق مثلاً أن يحظى الفائزون بها بالاهتمام والتفاعل من قِبل جامعاتنا العربية والإسلامية بعامة والسعودية بخاصة على غرار ما يجري تجاه الفائزين بجائزة نوبل.

لقد سرني جداً الحراك البحثي المذهل الذي قامت (وما زالت تقوم) به جامعة الملك سعود من خلال إنشاء برنامج كراسي البحث الذي أسس وبدأت فعالياته بإشراف مباشر من مدير الجامعة معالي الدكتور عبدالله العثمان، ووقفت مطولاً إزاء الأهداف الوطنية الاستراتيجية المستقبلية التي رسمتها الجامعة، وإزاء وسائل تحقيقها، ومنها «تمكين الجامعة من استقطاب علماء فائزين بجوائز عالمية مثل جائزة نوبل وجائزة الملك فيصل العالمية وجائزة الأمير سلطان العالمية للمياه»، وقد أشرت إلى هذا الأمر في مقالة منشورة في هذه الصحيفة المباركة تحت عنوان «جامعة الملك سعود تنطلق بقيادة العثمان نحو بناء مجتمع المعرفة»، وأرجو أن تكون الجامعة قد قطعت شوطاً طيباً في هذا الاتجاه، وأرى أن هذا واجبها تماماً كما هو واجب جامعاتنا العربية والإسلامية كافة.

بل إنَّ الواجب يحتم علينا جميعاً (أفراداً ومؤسسات) أن نستلهم قيمة الأعمال التي أهّلت أصحابها لنيل جائزة الملك فيصل العالمية؛ فنسارع نحو تسليط الأضواء عليها، وتكون خطانا أسرع إلى الاستفادة من أصحابها، كل في مجال اختصاصه من خلال استضافتهم في استوديوهات تلفزيوناتنا، وصالونات نوادينا الأبية، وصفحات مجلاتنا العلمية، وملتقيات الفكر لدى جامعاتنا ومراكزنا البحثية، بدلاً من الانتظار حتى يفوز أحدهم بجائزة نوبل لنهرول إليه ونسلط الضوء على فوزه بنوبل ثم نضع إشارة هامشية بأنه سبق أن فاز بجائزة الملك فيصل العالمية قبل عدد من السنين وفي الموضوع نفسه!

أختم بأن جائزة الملك فيصل العالمية بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ثم بهمّة القائمين عليها وبما اتسمت به من مصداقية وشمولية وحيادية حققت أهدافها وأوجدت لنفسها المكانة العالية اللائقة بها، وجسدت للعالم أجمع الصورة النقية لما يحمله الفكر العربي والإسلامي من خير ونور وسلام للإنسانية جمعاء، وحري بنا أن ننظر إليها بوصفها مفخرة حقيقية لا ند لها ولا مثيل.

كاتب فلسطيني - الرياض

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة