Friday  03/12/2010 Issue 13945

الجمعة 27 ذو الحجة 1431  العدد  13945

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

العمل التطوعي أهميته وضرورات تفعيله
سعيد محمد العماري

رجوع

 

ظهرت بدايات العمل التطوعي في العالم العربي في القرن التاسع عشر واستمر بوتائر مختلفة حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكل دولة من الدول العربية وكان له إسهامات كبيرة في تقديم العون والمساعدات للفئات الاجتماعية المحرومة.

ويعتبر البعد الثقافي القيمي عاملاً مهماً في مجال العمل التطوعي لما للمنظومة الثقافية والقيمية من تأثير على الدوافع التي يحملها الأفراد ولاشك أن الموروث الثقافي العربي الإسلامي يحتوي على العديد من القيم الاجتماعية والثقافية الإيجابية كالتعاون والتكافل والزكاة والبر والإحسان وغيرها من القيم التي تحفز المواطن على التفاني من أجل غيره.

وكغيره من المفاهيم فإنه لا يوجد اتفاق تام على مفهوم واحد للعمل التطوعي بين المختصين بهذا المجال ولكن أغلب التعريفات تتفق على عدد من الجوانب التي تشكل عنصراً مهماً في مفهوم العمل التطوعي ومنها أن العمل التطوعي يعكس وعي المواطن وإدراكه لدوره في المجتمع وبالتالي انتماءه لهذا المجتمع، وأن العمل التطوعي هو جهد يبذله المواطن من أجل مجتمعه أو من أجل جماعة معينة دون توقع جزاء مادي مقابل جهوده سواء كان هذا الجهد مبذولاً بالنفس أو المال، وأخيرا هو جهد إرادي يقوم به الفرد أو جماعة من الناس طواعية واختيار بتقديم خدماتهم للمجتمع أو لإحدى فئاته، واستنادا إلى هذه العناصر يمكن القول: إن العمل التطوعي هو ممارسة إنسانية وسلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه وإرادة، ولا ينتظر من ورائه أي مردود مادي، ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية، وغايته لا تقتصر فقط على المساعدات المادية وجمع الأموال والهبات والمساعدات العينية وتوزيعها، بل يتعدى الأمر إلى أبعد من ذلك من الأمور الاجتماعية التي تهم الإنسان بصورة عامة، كالحفاظ على البيئة والاهتمام بالثقافة والتعليم والصحة ورفع مستوى المواطنين مادياً ومعنوياً ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويعتبر العمل الاجتماعي والتنموي التطوعي من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات في العصر الحالي, ويكتسب أهمية متزايدة يوماً بعد يوم, فهناك قاعدة مسلم بها مفادها أن الحكومات, سواء في البلدان المتقدمة أو النامية, لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها ومجتمعاتها, فمع تعقد الظروف الحياتية ازدادت الاحتياجات الاجتماعية وأصبحت في تغيّر مستمر, ولذلك كان لا بد من وجود جهة أخرى تساند في هذا الجانب وتجبر الكسر فيما يتعلق بتلبية الاحتياجات الاجتماعية, ويطلق على هذه الجهة المنظمات الأهلية .

ومن هنا فإن العمل التطوعي يأتي مكملاً للعمل الحكومي وداعماً له لصالح المجتمع عن طريق رفع مستوى الخدمة أو توسيعها، وعادة ما يكون القطاع التطوعي أقدر على التعرف على الفجوات الموجودة في نظام الخدمات في المجتمع وبالتالي التنويه لها وجذب الاهتمام إليها،كما يتيح الفرصة للمواطنين لتأدية الخدمات بأنفسهم مما يقلل من حجم المشكلات الاجتماعية، كذلك فإن العمل التطوعي هو مؤشر على الجانب الإنساني في المجتمع ويعمق روح التكامل بين أفراده ويشجع على التعاون وتنمية روح الجماعة، وباختصار يمكننا القول: إن أهمية العمل التطوعي تكمن بأنه تعبير مهم عن حيوية وديناميكية الجماهير ومدى إيجابيتها، وأصبح تقدم المجتمع الإنساني يقاس بحجم المنظمات التطوعية وأعداد المتطوعين فيه، وفي أحيان كثيرة يعتبر دور المنظمات الأهلية دوراً سباقاً في معالجة بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وليس تكميلياً, وأصبح يضع خططاً وبرامج تنموية يحتذى بها.

ويعتمد العمل التطوعي والخيري على عدّة عوامل لنجاحه, من أهمها المورد البشري, فكلما كان المورد البشري متحمساً لقضايا العمل الخيري ومدركاً لأبعاد العمل التطوعي أتى العمل بنتائج إيجابية وحقيقية. كما أن العمل التطوعي يمثل فضاءً رحباً ليمارس أفراد المجتمع ولاءهم وانتماءهم لمجتمعاتهم, كما يمثل العمل الاجتماعي مجالاً مهماً لصقل مهارات الأفراد وبناء قدراتهم.ولقد شهد العمل التطوعي عدّة تغيّرات وتطورات في مفهومه ووسائله ومرتكزاته, وذلك بفعل التغيرات التي تحدث في الاحتياجات الاجتماعية, وهو ما انعكس على غايات وأهداف العمل التطوعي, فبعد أن كان الهدف الأساسي هو تقديم الرعاية والخدمة للمجتمع وفئاته, أصبح الهدف الآن تغيير وتنمية المجتمع,.

ويتمتع العمل التطوعي بسمات عديدة، منها المساهمة في التنمية الاجتماعية من خلال تفعيل دور أفراد المجتمع واستثمار أوقات الفراغ، ومعرفة مشاكل المجتمع وقضاياه وحاجاته وحلها، وتدريب الفرد على المشاركة المفيدة والاستفادة من استثمار الطاقات والمواهب والفهم الحقيقي لمتطلبات المجتمع وظروفه وتعويد الفرد على العمل مع الآخرين كفريق عمل.

وترجع أهمية التطوع إلى تنمية الإحساس لدى المتطوع بالانتماء والولاء للمجتمع، وتقوية الترابط بين فئاته المختلفة التي اهتزت بسبب عوامل التغير الاجتماعي، إضافة إلى أن التطوع يكون لون من ألوان المشاركة الإيجابية لا في تقديم الخدمة فقط وإنما أيضاً في توجيه ورسم السياسة التي تقوم عليها تلك المؤسسات الخيرية، ومتابعة تنفيذ برامجها وتقويمها بما يعود على المجتمع كله بالنفع العام ويشيع المحبة والمودة والألفة والتكافل في المجتمع .

وانطلاقا من ذلك فإنه يجب إيلاء العمل التطوعي الاهتمام المطلوب والجدي والإسهام في إيجاد جمعيات أهلية متنوعة تكون وعاءً لكل من لديه الرغبة في العمل الاجتماعي التطوعي للإسهام في النهضة التنموية التي يعيشها الوطن على الأصعدة كافة، وهذا الاهتمام يؤدي في النهاية إلى إتاحة الفرصة أمام الشباب المتطوع وخلق قيادات جديدة وعدم احتكار العمل التطوعي على فئة أو مجموعة معينة، وتكريم المتطوعين الشباب، تطوير القوانين والتشريعات المنظمة للعمل التطوعي، قيام المدرسة والجامعة والمسجد بدور أكبر في حث الشباب على التطوع وحب الخير، وأخيرا أن تمارس وسائل الإعلام دوراً أكبر في دعوة المواطنين إلى العمل التطوعي, والتعريف بالنشاطات التطوعية التي تقوم بها المؤسسات الحكومية والجمعيات.

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة