Saturday  04/12/2010 Issue 13946

السبت 28 ذو الحجة 1431  العدد  13946

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

شاهدت قبل أيام فيلماً وثائقياً في إحدى القنوات الفضائية الوثائقية الرائدة.. حيث كان هناك مجموعة من الأسود في إحدى مجاهيل أفريقيا تنظر بفارغ الصبر هجرة كثير من بعض الحيوانات البرية مثل: الغزلان والحمر الوحشية وغيرها.. وما أثارني أن هناك توازناً عجيباً خلقه الله سبحانه وتعالى..

وهو أن تلك الأسود وغيرها من الضواري لا تصطاد إلا عندما تكون جائعة.. أي عند الحاجة.. وزيادة على ذلك بعضها لا يصطاد إلا حيواناً واحداً كل يومين له ولعائلته.. مع أن هناك آلافاً من تلك الحيوانات البرية المهاجرة في متناول الحيوانات المفترسة.. حيث تمر من ربوع تلك الحيوانات المتوحشة!.

أمام هذا المنظر الرائع تذكرت هجرة الطيور بأنواعها في بعض مناطقنا وقصصها ومغامرات كثير من الصيادين مع تلك الطيور المهاجرة.. سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، وكيف أن بعضاً من تلك الطيور مهدد بالانقراض، فبدأت بالبحث عن هجرة بعض أنواع الطيور المهاجرة في بعض المواقع العلمية.. وتفاجأت بأن بعضاً من تلك الطيور الكبيرة.. ومنها الكرك بنوعيه من الطيور المهددة بالانقراض.. حيث تُستقبل تلك الطيور خلال هجرتها في بعض البلدان بالمختصين والعلماء وبعض الجمعيات العلمية الرائدة.. والتي تهتم بالمحافظة على التوازن البيئي.. وتحافظ كذلك على تلك النوعيات النادرة وسلالاتها الخاصة.. وتقدم لها الغذاء والأمان ويتم دراستها وتصويرها بمختلف أنواع الأجهزة الحديثة والمتطورة لكي تستكمل هجرتها العظمى حسب مسارها السنوي.

لكن يختلف الوضع جذرياً في بعض مناطقنا العربية - ومنها السعودية - حيث يستقبلها مجموعة من (الصيادين المهرة) في بعض المناطق خلال هجرتها بكافة أنواع أسلحة الصيد الحديثة واصطيادها بشكل غير حضاري بالمئات بطريقة عشوائية، ينبعث منها عدم إحساس بالمسؤولية وضعف الضمير.. وزيادة على ذلك يتم بناء الفخاخ الوهمية قبل وصولها بأيام، والبلوتوثات بأجهزة الجوال بأنواعها والصور لهؤلاء الصيادين المنتشرة والتي يتم تداولها في بعض المواقع الإلكترونية والتي تهتم بالرحلات البرية خير دليل على تدني مؤشر وعي أولئك الصيادين وثقافتهم بالحفاظ والتوازن البيئي.. وبخاصة لبعض أنواع الطيور المهاجرة المهددة بالانقراض مثل: الكرك بنوعيه.. علماً بأن تلك المواقع الإلكترونية تساهم بشكل كبير بخلق تلك الثقافة المهينة عن طريق نشر خرائط هجرة الطيور وتاريخ وصولها لتلك المناطق والصور المختلفة بدقة متناهية لمجموعة من الصيادين في تلك المواقع.. وهم يفخرون بأنفسهم أمام تلك الطيور الكبيرة المهاجرة الميتة.. والتي تمَّ اصطيادها بالمئات وبشكل يسيء لنا كمجتمع حضاري!، وأمام أنظار العالم كذلك!..

وعلى النقيض من تلك التصرفات غير الموفقة لفئة ليست بالقليلة من الصيادين.. هناك مجموعة من المهتمين والمختصين الذين نذروا أنفسهم من أجل الحفاظ على سلالات معينة من الحيوانات والطيور، ومن النماذج المضيئة في عالمنا الزوجان جوبير، ديريك وبيفرلي، وثلاثة عقود أمضياها يصوّران الحياة البرية في مناطق عديدة من العالم وخصوصاً في أفريقيا، حيث ولدا في جمهورية بوتسوانا الجنوب أفريقية، وقررا أن يكرّسا حياتهما كصانعي أفلام لتصوير الحيوانات التي بدأت أعدادها تتناقص في أفريقيا من أجل المساهمة عبر المراقبة والتصوير وكتابة المقالات وإصدار الكتب، في زيادة الوعي حول العالم عن أهمية المحافظة على هذه الحيوانات الأساسية في الدورة الطبيعية لحياتنا على الأرض.. ثلاثة عقود نال فيها الزوجان خمس جوائز(إيمي) للأفلام، وجائزة (علم البيئة الدولية)، بالإضافة إلى تسميتهم في الأكاديمية الأميركية للإنجازات، مصوّرين لاثنين وعشرين فيلماً.. ومصدرين عشرة كتب.. ومقدّمين ستة بحوث علمية، كما كتبا العديد من المقالات في مجلة الناشيونال جيوغرافيك.. والبرنامج الأخير الذي ساهما فيه هو (الهجرات العظمى) في سبع حلقات تُبث على قناة (ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي).. حيث صوّرا حيوانات النو والحمير الوحشية، والتي يتناقص عددها بشكل دراماتيكي.. وهي تهاجر ضمن دورة محددة من كينيا إلى تنزانيا في سعي نحو الحقول الخصبة لتأمين الغذاء من أجل البقاء.. (بتصرف: جريدة الاتحاد، 28 نوفمبر 2010).

ويذكر الزوجان مدى تفاعل بعض الحكومات مع أعمالهم الرائدة حيث يقولان بكل فخر: (ومن دون شك هذا إنذارٌ بما يجري.. وسعينا عبر تصويرها ودراسة ما يجري مع هذه الحيوانات جذب الاهتمام نحو ما يجري.. ورؤية إذا كان ثمة حلول لهذا الواقع المتردي، وفعلنا ذلك في بلدنا في بوتسوانا.. وما كان من حكومة بوتسوانا بعد مشاهدة الفيلم إلا أن حزمت أمرها واتخذت القرار المناسب بإيقاف إعطاء أذون الصيد، فقد كان يتم اصطياد نحو 45 حماراً وحشياً لمجرد أخذ جلودها وبيعها، وبالإضافة إلى ذلك، عمدت الحكومة البوتسوانية إلى التقليل من رحلات السفاري المخصصة للاصطياد.. وبالتالي ثمة سبل متعددة لتغيير هذا الانعطاف في النظام البيئي، ولكن الواقع يشير إلى أنه انعطاف حاد وعنيف وبالغ التأثير).. (المصدر السابق).

وهنا يحق لنا أن نتساءل أين دور الجهات ذات العلاقة حول هذا الصيد العبثي غير المبرر.. ومن ذلك الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، وأين الإعلام المرئي والمسموع ودوره التوعوي، وأين دور جامعاتنا في دراسة سلالة تلك الطيور ومدى تناقصها سنوياً ودعمها للمختصين لديها، وأين دور الأكاديميين بالعلوم الإنسانية والاجتماعية لدراسة ظاهرة الصيد الجائر غير المبرر من قِبل بعض الصيادين والتعرف على الاتجاهات والأفكار التي تؤسس سلوكيات أولئك الصيادين.. علماً بأنه كانت في زمن مضى في بعض مناطقنا حياة مليئة بأنواع من الحيوانات والطيور البرية.. والتي بدورها انقرضت.. ولا نسمع بذكرها إلا من خلال قصص يسردها لنا كبار السن وبعض الكتب التراثية.. فمنْ المسئول عن ذلك؟.. ألسنا بأولى وفق قيمنا الإسلامية بالمحافظة على الثروات الطبيعية التي أودعها الله تعالى هذا الكوكب وخلقها لحكمة إحداث التوازن؟.. مع التركيز بأن آباءنا وأجدادنا كانوا على وعي بتلك القيم.. وقد التزموا بها بشكل مشرف، ومن يُشكك فليسأل؟.

وفي نفس الاتجاه ينبغي على بعض المواقع المهتمة بالرحلات البرية بث ثقافة جديدة موجهة لهؤلاء الصيادين المهرة من أجل المحافظة على تلك الطيور الكبيرة والصغيرة المهاجرة.. والتي ما إن تلتقط أنفاسها وتهبط في بعض مناطقنا حتى يأتيها الموت من كل فج عميق.. فتلفظ أنفاسها!. وهنا نتساءل أيضاً من يمنح تلك الطيور (بطاقة الانقراض)؟.

(*) عضو هيئة التدريس في جامعة القصيم

ksapr006@yahoo.com
 

من يمنح الطيور (بطاقة الانقراض)؟
د. زيد المحيميد (*)

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة